العدد 1228 - الأحد 15 يناير 2006م الموافق 15 ذي الحجة 1426هـ

إنها دعوة إلى التكاسل... فهل من منقذ ينقذ ما تبقى؟!

حمد الغائب hamad.algayeb [at] alwasatnews.com

منوعات

تصف إحدى المجدات المجتهدات المثابرات في عملها وهي تعمل سكرتيرة بشكل رسمي، ولكنها «دينمو» المكتب والقسم الذي فيه بشكل فعلي، فلا شاردة ولا واردة إلا ويدها فيها، وهذه الصفة هي أكيدة بشهادة زميلاتها على رغم حقدهن وحسدهن لها في العمل، واللائي يشهدن لها بالتفاني والاخلاص المبالغ فيه... فلا غياب ولا تأخير، ولا إجازات سنوية أو حتى مرضية إلى درجة أن أتتها رسالة من مدير شئون الموظفين يأمرها بأخذ إجازة «غصبا عنها» لأنها تعدت أو هي وصلت إلى الحد الأعلى في رصيد الإجازات ولن يعوضوها على ما يزيد عن المعدل الرسمي! حتى أولادها عندما يمرضون توكل إرسالهم إلى المستشفى أما إلى والدتها أو أختها أو أنها تؤجل مشوار المستشفى إلى الفترة المسائية كونها خارج الدوام الرسمي!

المكالمات الهاتفية الخاصة بها أثناء الدوام الرسمي محسوبة بالثانية... لا عزايم ولا سوالف وذكريات ولا تبادل أخبار أو طبخات، ولا تخطيط لطلعات الليلة وعقرة وحش في الناس ولا تقارير أو إنترنت ولا تبادل أخبار وصور وفضايح وبلوتوث ... إلى درجة أن زوجها المسكين يعاني كثيرا... فهو «يستفقد» المكالمات الرومانسية عبر أسلاك الهاتف، فبحكم إنشغالهما في أعمالهما اليومية لا يستطيعان تسيير أمورهما حتى بالهاتف... فهي كثيرة الشغل والانشغال والاشتغال بالعمل!

أعزائي القراء، إنها ليست السكرتيرة التي تعمل في المدينة الفاضلة... أو هو خيال أو حلم... إنها حقيقة مرة تعيشها القلة جدًا من الموظفات في القطاع العام... واللائي لم يشاركن بعد في ركب الكسل واللامبالاة في العمل... إنهن القلة جدا اللائي (إلى حد الآن على الأقل) لم يتأثرن بالجو المحبط الموجود في الإدارات الحكومية التي لا تختلف كثيرا عن إدارات القطاع الخاص من تعامل «بعض» المسئولين معهن... وإن أحسن بعضهم التعامل فهو لا يحل ولا يربط ويوصف على قول آبائنا بـ «حلول الجمعة»!

تصف لي إحدى السكرتيرات المغبونات والواقفات على أولى عربات اليأس والاحباط... وهي نفسها التي تنطبق عليها الصفات السالفة الذكر من صفات السكرتيرات الفاضلات، أن ما تراه هذا من وجهة نظرها لا يعدو أكثر من دعوة إلى التكاسل... وهي دعوة مفتوحة أثبتت جدواها في الكثير من الإدارات، تطبق المقولة المشهورة: «اشتغل على قد راتبك» أو هي تطبيق لمقولة أخرى: «شغل الحكومة اشبع راحة وموت جوع» إشارة إلى قلة العمل وقلة الراتب! إذ أثبتت هذه الدعوة جدواها في وضع حد لكثرة المطالب التي يطالب بها الموظف إدارته من زيادة في الراتب نظير هذا الاخلاص المفرط والتضحيات الجمة في العمل، فمن خلال قبوله دعوة التكاسل هذه يكون متيقناً فعلا أنه لا يستحق هذه الزيادات كما أن إدارته لا تستحق هي أيضا بذل جهد أكثر من هذا في العمل.

فلا مناص من أن تتنبه الإدارات الحكومية إلى هذه الفئة التي توصف بالنادرة والمعرضة للانقراض حالها حال دب الباندا... وأن تقلب القاعدة بأن يتحول الكسالى إلى مجدين مخلصين مضحين في أعمالهم وليس العكس... فما أحلى زيادة العشرة دنانير في راتب الموظف من تلقاء الادارة نفسها محفزة هذا الموظف المسكين من تلك الزيادة التي تقدر بالمئات بعد أن يبح صوت الموظف أو هو يجف ريقه وتتقرح براطمه من كثر المطالبة... ولكن من يسمع؟!

إضاءة

لم أكد أنجو من غيرة بعض الناس التي تنتظر مني أن أبوح لهم أمام الناس كلهم وعلى الملأ عبر هذه المساحة بالذات بما يدور في خاطري من إعجاب بهم في كل شيء وعدم نسيان أفضالهم علي والتي لم أنكرها ألبتة، إلا أنه من المهم أن يعرفوا ويتيقنوا أن مساحة هذا العمود التي لا تتجاوز كلمة لن تفي حقهم وأفضالهم... فهم أكبر من هذا بكثير!

Cap

إقرأ أيضا لـ "حمد الغائب"

العدد 1228 - الأحد 15 يناير 2006م الموافق 15 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً