العدد 1232 - الخميس 19 يناير 2006م الموافق 19 ذي الحجة 1426هـ

انظر... هنا ينتهي العالم

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

يسير الملف النووي الإيراني إلى مزيد من التعقيد عقب إعلان الجمهورية الإسلامية استئناف أبحاثها النووية بعد توقّف دام عامين ونيف، وما أعقب تلك الخطوة من ردود فعل متشددة من أطراف مختلفة، ولم يعد التعويل على الموقف المعتدل (سابقاً) للترويكا الأوروبية قائماً، بل أضحى الحديث الآن عن الموقف الروسي الذي بدا حسيراً أمام الضغوط الأميركية، بعد تصريحات لافروف في لندن، ومن ثم الرئيس بوتين بعد لقائه المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل في موسكو، وهو ما يعني تخلي روسيا عن مشروعها الاستراتيجي في إحداث توازن سياسي وعسكري في المنطقة للحد من النفوذ الغربي المتعاظم، وبالتالي فإن الأنظار تتجه الآن نحو موقف بكين التي بدت متماسكة أكثر من روسيا في هذا الشأن، خوفاً من ضياع عقد شركة سينوبيك جروب الصينية مع إيران والبالغ قيمته سبعين مليار دولار، للحصول على 250 مليون طن من الغاز المسال على مدى 30 عاماً. كذلك هناك موقف دول عدم الانحياز التي ساهمت بقوة لتغيير المادتين السابعة والثامنة من تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية السابق ضد إيران والدفع بالبرادعي لأن يعترف بأن التخصيب العالي (36) و(54) في منشآت نطنز والأجهزة الكهربائية لم يحدث داخل إيران. وبطبيعة الحال فإن الثابت بشأن ما يثار عن الملف النووي الإيراني هو مشروع أميركي أوروبي لإجهاضه والحد من نموه، في منطقة تعتبر من أكثر المناطق توتراً في العالم. وما يدعونا للتشبث بما نقول هو الحقائق الموجودة على الأرض، فطهران مُوقّعة على معاهدة (إن بي تي) ومعاهدة (سي تي بي تي) وقرار الأمم المتحدة رقم 687 بشأن إخلاء منطقة الشرق الأوسط من الأسلحة النووية. كما أنها موقعة على البروتوكول الإضافي الذي يسمح للوكالة الدولية بالتفتيش المفاجئ، بالإضافة إلى أن الجمهورية الإسلامية ملتزمة بالمادة (22) من ضمانات السلامة النووية. وإذا ما أخذنا بما يقوله وزراء خارجية الترويكا الأوروبية بشأن خرق إيران لاتفاق باريس، فإن ذلك يدفعنا للرجوع إلى نص الاتفاق المذكور، لمعرفة ما يجري، فالاتفاق أشار إلى ضرورة توقيع إيران (طواعية) على البروتوكول الإضافي، وهو ما قامت به إيران فعلاً. كما أشار الاتفاق إلى أن إيران تقوم (طواعية أيضاً) من أجل زيادة الثقة بتعليق تخصيب اليورانيوم، مقروناً بحصول إيران على ضمانات مُؤكّدة في المجالات النووية التكنولوجية والاقتصادية (دخول إيران في منظمة التجارة العالمية) والأمنية، وهو ما لم يحصل مُطلقاً. فعلى المستوى الاقتصادي لم يفِ الأوروبيون بما تعهدوا به من تحريك ملف دخول إيران إلى منظمة التجارة العالمية، فإيران التي تقدمت بطلب الانضمام للمنظمة منذ العام ،1996 ولم يُنظر في طلبها إلاّ في مايو / أيار ،2001 لايزال طلبها يمشي بشكل سلحفائي. وفي المجال الأمني لا يزال التهديد بضرب إيران قائماً وبشكل يومي، عبر تصريحات من الكيان الصهيوني أو من الولايات المتحدة الأميركية، بل وصل الأمر حتى بالبرادعي لأن يُهدّد إيران بعمل عسكري، إذاً، الإشكال بالنسبة إلينا مازال قائماً بشأن وفاء أوروبا بالتزاماتها وليس إيران، وان الحديث عن إحالة الملف إلى مجلس الأمن، سيعني إحداث توترات خطيرة في المنطقة، مع إدراك الغرب لحجم النفوذ الإيراني في العراق وأفغانستان وفي دول القوقاز. وما تصريح وزيرة الدفاع الفرنسية ميشيل اليو ماري إلاّ تأكيد لما نذهب إليه، عندما دعت إلى تمكين إيران من أداء دورها على الساحة الدولية. إن التلويح بضرب إيران سواء بعمل عسكري شامل أو بضربة سريعة سيشكل خطراً كبيراً على المنطقة التي لا تحتمل حرباً رابعة لا على المستوى السياسي ولا الاقتصادي ولا حتى البيئي. وعند نشوب حرب لا قدّر الله سيعني الدمار وفقدان الأمن في المنطقة والعالم، وعندها سيكتب التاريخ أن هناك انتهى العالم. * كاتب بحريني

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 1232 - الخميس 19 يناير 2006م الموافق 19 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً