العدد 1236 - الإثنين 23 يناير 2006م الموافق 23 ذي الحجة 1426هـ

«الوفاق» على طريق «جمعية المؤسسات»

استوصوا بـ «السياسيات» خيراً!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

كانت صالة الهدى في «سار» على موعد مع حدث مهم مساء الخميس الماضي، إذ جمعت تحت سقفها تلك الأعداد الكبيرة من قواعد «الوفاق» وكوادرها، وبحضور رؤساء جمعيات أخرى، في تظاهرة حضارية جميلة، لتقرّر الوفاق لنفسها طريق المستقبل. وهي تجربةٌ جديدةٌ، وصفها رئيس جمعية العمل الوطني الديمقراطي إبراهيم شريف بـ «العرس الديمقراطي». عند الساعة التاسعة والربع مساءً أغلق الباب، بعد أن مُدّدت فترة التصويت، لتبدأ عملية فرز الأصوات، وليبدأ المؤتمر العام للوفاق، بكلمة رئيس الجمعية الشيخ علي سلمان، تطرّق فيها إلى أهم المحطات الأخيرة. وتوقف علي سلمان عند «أمرّ الظروف التي مرت بها، وهي حالة الاختلاف الداخلي التي أدّت إلى استقالة عدد من الأحبة» بحسب تعبيره. ولم ينس أن يذكّر بما لهم من أياد بيضاء على الوطن وعلى الجمعية، قائلاً: «أمام فكرة انسحابهم لم يكن أمامنا إلاّ أن نحترم رغبتهم وإرادتهم، مع أننا علّقنا قبول الاستقالة على أمل الرجوع عنها، ولكننا نحترم الرغبة والإرادة لدى الأخوة في التمسك بقناعاتهم» كما قال. وتعليقاً على المستجدات وفاقياً، ذهب رئيس الوفاق إلى القول إنها هي التجربة الأولى للقوى والأحزاب العربية، التي تتأسس على وجود قوائم في داخل الحزب الواحد. واعترف بوجود الاختلافات في الأفكار والرؤى والطروحات بين القوائم، وان هذه القوائم نوعٌ من التنظيم للاختلاف الفكري الطبيعي، «فنحن نجرّب حالة جديدة، بينما تأسّست تجارب الأحزاب العربية الأخرى على أساس رأيّ واحد ونظام مغلق»... أليست المعارضات نسخاً أخرى من الحكومات في العالم العربي؟ الوفاق إذاً لا تنفي وجود تباين في الرؤى والمواقف داخلها، ولا تعتبر ذلك عاراً أو مسبة، بل هو مصدرُ فخر وغنى، ودلالةُ نضج، أن تستوعب الرؤى المختلفة لتسير معاً في توافق، دون تخوين أو فرض للرأي الواحد، أو الخروج من الجمعية كلما برز خلاف في الرأي، كما حدث في مرحلتين سابقتين. كما ينبغي تكريس العرف العادل بالاحتكام إلى صناديق الاقتراع، احتراماً لآراء الناس في تحديد قضاياهم وأولوياتهم. كما أن ذلك النهج ضرورةٌ تحتاجها الوفاق، لما تمثله الجمعية من تطلّعات وطموحات ومصالح قطاع عريض من أبناء هذا الشعب المناضل من أجل حقوقه المدنية والسياسية، ومن أجل مستقبل أفضلَ للوطن. رئيس الوفاق اعتبر ان الحوار منطلقٌ لتقوية هذا الكيان، بحيث يحكمه النظام الأساسي، «كمرجعية أولى في هذا الحراك، فإذا فشل لا سمح الله يتم الرجوع إلى المرجعية العلمائية». وما نأمله فعلاً الاحتكام الدائم للنظام الأساسي، لتسيير دفّة الوفاق، وحلّ أية إشكالات عن طريق الحوار داخل مؤسسات الوفاق لترسيخها، وتقديم نموذج حركي فاعل يمتلك قوة دفع ذاتية، تؤهله لإصدار قرارته من داخله. المفاجأة غير المفاجِئة هي فوز 3 مرشحات في شورى الوفاق، ما يدلّ على الثقة التي يوليها الجمهور للنساء العاملات في حقل السياسة والشأن العام، والأمر ليس جديداً على مجتمع شاركت فيه النساء بسخاء طوال مراحل النضال الوطني، أمهات وزوجات وأخوات وبنات، أعطين من فلذات أكبادها وأحبابهن الكثير من الشهداء والسجناء والناشطين السياسيين. فالثمن الذي دفعته البحرينية من أجل التغيير كان كبيراً، وكبيراً جداً، ولا يدرك ذلك إلاّ من عاش عذاباتهن عن قرب، بما صبغ حياة جيلين أو ثلاثة أجيال من النساء بالكرب والبلاء والمعاناة. من هنا على الوفاق «الإسلامية» أن تلتفت إلى النساء، ليس من باب المجاملة أو إرضاء الغير بطبيعة الحال، وانما لأنه استحقاقٌ لابد من دفعه، لا أن نقفز على كلّ ذلك بسبب رغبات شخصية أو «عدم تحبيذ ذلك»، مهما كانت الذرائع والحجج. فالبحرينيات لسن أقل شأناً ولا تضحيةً ولا كفاءةً من نظيراتهن في المغرب أو مصر أو فلسطين أو إيران، وإنما قد تنقصهن الخبرة. كما انهن لسن أقل تديناً والتزاماً من مرشحات وناشطات حماس و«حزب الله»، حتى نلقي بالتخوّفات والعراقيل في وجوههن، ونقمع رغباتهن في العمل العام، كما حدث للراغبات في الترشح للعمل البلدي، بينما كان من المفترض تشجيعهن على العمل مادامت تتوافر لديهن الرغبة، والأهم هو توافر الكفاءات اللازمة للقيام بالعمل على أحسن وجه. انه استحقاقٌ لابد من دفعه إذاً، وتوجّهٌ عامٌ لابد من احترامه، وتجربةٌ جديدةٌ لابد من الحرص على إنجاحها. نتكلّم عن المفهوم من حيث المبدأ، دون التوقّف عند الأسماء، وحريٌ بالوفاق «الإسلامية» أن تقدّم نموذجها بدل أن تترك هذا الفراغ النسائي الهائل، الذي يشطب في تصريح واحد نصف أبناء المجتمع، ويترك فراغاً في الساحة لتملأه نماذج أخرى دون الطموح، كما حدث في كوارث وطنية أخرى. كلمة أخرى... واستطراداً ضرورياً تقتضيه المناسبة اليوم، للحديث عن القضية النسوية الموجعة في بلادنا، تذكّروا أن قانون الأحوال الشخصية لم يحلّ وانما أصبح كالمرأة المعلّقة. وأصارحكم، لم يكن موقف الوفاق فيه هو الموقف المثالي 100 بالمئة... لعلّ في ذلك تنبيهاً لقوم يتفكّرون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1236 - الإثنين 23 يناير 2006م الموافق 23 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً