العدد 1241 - السبت 28 يناير 2006م الموافق 28 ذي الحجة 1426هـ

«التنمية السياسية»... الاعتماد على الذات

منصور الجمري editor [at] alwasatnews.com

رئيس التحرير

لعل واحداً من الفوائد غير المخطط لها للمنع الذي فرضه «معهد البحرين للتنمية السياسية» على المعهد الوطني الديمقراطي (إن. دي. آي) هو لفت أنظار الاحزاب السياسية، التي يطلق عليها في البحرين مسمى «الجمعيات السياسية»، إلى ضرورة الإسراع في تدريب كوادرها بصورة حرفية متطورة وإثبات قدرتها على العمل من خلال القانون لتطوير العمل السياسي. ولله الحمد، فان معهد التنمية السياسية ليست له سلطة على الجمعيات السياسية، لأن ذلك من اختصاص وزارة العدل، ولذلك لن يتمكن من منع الكوادر البحرينية من تدريب نفسها بنفسها. كما لن يؤثر منع الـ «إن. دي. آي» من تقديم خبراته إلى الجمعيات السياسية فيما لو نفذت الجمعيات ما وعدت به، وهو تفريغ عدد من الكوادر القيادية الناجحة (وليس المتسلقة) إلى العمل الحزبي. الجمعيات السياسية تتوافر لها الكثير من الخبرات المحلية، وخصوصاً أن عدداً غير قليل من الذين عادوا من المهجر كانوا يعملون مع الأحزاب السياسية العلنية المتطورة في عدد من البلدان، وهؤلاء يمكنهم أن يعدوا ورش عمل تدريبية، ويمكنهم أن يفتحوا آفاق العمل السياسي للجمعيات، بعيداً عن سلطة «معهد البحرين للتنمية السياسية». كما أن الجمعيات السياسية بإمكانها «التحالف» من أجل وضع برامج تطوير وتدريب مشتركة، والتحالف من أجل إصدار تقارير مشتركة عن نمو البيئة السياسية المحلية، وعن كل ما يتطلبه العمل السياسي العلني. وكل ذلك سيكون مطابقاً لحكم القانون، وبعيداً كل البعد عن تسلط معهد البحرين للتنمية السياسية. إن الاعتماد على الذات في متناول اليد، فهناك الكثير من المحترفين والمتخصصين الذين يمكنهم دعم عملية الإصلاح وتنمية الخبرات الحزبية. كما يمكن لهؤلاء الخبراء المحليين أن ينشروا تقاريرهم عن التنمية السياسية، ومدى تأثير البرامج التنموية على المؤسسات التشريعية والتنفيذية والقضائية، ومدى حرية العمل الحزبي وتطوره، وفاعلية الانتخابات ومدى توافر العدالة في توزيع الدوائر الانتخابية، وطرق مراقبة الانتخابات، ومدى تمتع الصحافة بالحرية والاستقلالية في نقل وجهات النظر المختلفة (والملتزمة بحكم القانون)، ومدى توافر الأجواء الحرة لمناقشة مختلف أنواع القضايا الصغيرة والكبيرة، ومدى توافر الضمانات لحماية الحقوق الفردية والعامة، ومدى فاعلية إدارة العدالة في المجتمع، وكيفية كسب أصوات الناخبين، وكيفية تنظيم الصفوف واختيار المرشحين... إلخ. كل هذه البرامج يمكن أن تعد محلياً ويمكن تدريب القدرات التي تخلص لمجتمعها وجماعتها وإعدادها بأفضل ما يمكن، وهو ما يؤكد الحاجة إلى متفرغين للعمل السياسي المتطور. والمتفرغون يجب أن يكونوا ممن هم ناجحون في حياتهم أيضاً، بحيث يتمكن من يتفرغ للعمل الحزبي أن يحصل على أفضل الوظائف فيما لو لم يقرر التفرغ. وهذه نقطة مهمة جداً، لأن أي تنازل عن مستوى الكفاءة للمتفرغين سيعود بالعمل السياسي إلى الوراء. إن النظر إلى الجانب الإيجابي من قيام معهد البحرين للتنمية السياسية بمنع الـ «إن. دي. آي» من مساعدة الجمعيات السياسية يمكن أن ينتج لنا كفاءات متفوقة بالاعتماد على الذات. وفي ذلك سحب للبساط من تحت أرجل الذين يحاولون عرقلة العمل السياسي السلمي من خلال الأساليب التي شاهدناها خلال الفترة الماضية. وسيكون من علامات نجاح هذا التوجه أنه لن نحتاج إلى أن نذكر اسم معهد التنمية السياسية، لأنه لن تكون لديه مهمة بعد تعطيل جميع أنشطة الـ «إن. دي. آي»، وغيره من المؤسسات المشابهة.

إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"

العدد 1241 - السبت 28 يناير 2006م الموافق 28 ذي الحجة 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً