العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ

السياسة النقدية والاستثمارات الأجنبية في البحرين

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

نواصل في هذه الحلقة النقاش الذي بدأناه قبل فترة بخصوص تفاصيل أداء البحرين في تقرير «الحرية الاقتصادية» للعام .2006 كما أوضحنا في المقالات السابقة يعتمد مؤشر الحرية الاقتصادية على عشرة متغيرات بغرض منح الدول درجات من نقطة واحدة (أفضل نتيجة ممكنة) إلى خمس نقاط. فقد ناقشنا حتى الآن التفاصيل المتعلقة بثلاثة متغيرات وهي السياسة التجارية والعبء المالي للموازنة العامة والتدخل الحكومي في الاقتصاد. مقال اليوم يركز على متغيرين اثنين وهما السياسة النقدية والاستثمارات الأجنبية.

رابعاً: السياسة النقدية

نبه التقرير إلى ارتفاع وتيرة التضخم عندنا في الفترة الأخيرة. حسب معلومات منسوبة لصندوق النقد الدولي، فقد ارتفع متوسط التضخم من أقل من واحد في المئة في الفترة ما بين 1994 و2003 إلى أكثر من 3 في المئة في الفترة ما بين 1995 و.2004 ربما من الأفضل للجهات الرسمية في البحرين تبني الأرقام الصادرة من قبل صندوق النقد الدولي لأنها تعكس الواقع المعاش في البلاد. بمعنى آخر، المطلوب من مؤسسة نقد البحرين التوقف عن الادعاء بعدم وجود أزمة تضخم في البحرين.

أيضا هناك تداعيات مسألة ارتباط الدينار بعملة أجنبية. حقيقة لا تتمتع الجهات الرسمية عندنا بالحرية الكاملة فيما يخص السياسة النقدية وذلك على خلفية ارتباط الدينار البحريني بالدولار الأميركي. فهناك حالة ربط بين العملتين الأمر الذي يعني ثبات قيمة تحويل الدينار إلى الدولار بواقع 378 فلس للدولار الواحد. يبقى أن لهذه السياسة مساوئها وفي مقدمتها استيراد معدلات الفائدة من الولايات المتحدة. وعليه فإن معدلات المعمول بها في البحرين ما هي إلا امتداد لتلك السائدة في السوق الأميركية ولا تعكس الواقع الاقتصادي عندنا.

يبقى أن عملية الربط لها سلبية أخرى في حال تدني قيمة الدولار مقابل العملات الرئيسية الأخرى في العالم مثل اليورو والين الياباني. وهذا بدوره يعني حدوث ارتفاع في كلفة السلع المستوردة من الاتحاد الأوروبي واليابان. لا شك ارتباط الدينار بالدولار يمنح صغار المستثمرين ضمانات فيما يخص قيمة استثماراتهم. وقبل عدة شهور أوضحت وزارة المالية بأنها تنوي الاستمرار في سياسة ربط الدينار بالدولار.

يبقى علينا أن نعي حقيقة مهمة وهي عدم توافر أدوات للحكومة للتأثير على الوضع الاقتصادي القائم سوى عن طريق مصروفات الموازنة العامة (وذلك في ظل غياب قاعدة ضريبية فضلا عن عدم القدرة على تغيير معدلات الفائدة بسبب ارتباط الدينار بالدولار).

خامساً: الاستثمارات الأجنبية

لم يحدث تغير في أداء البحرين في هذا المؤشر (نقطتين من خمس نقاط). وجاء في التقرير أن الحكومة البحرينية ترحب بشكل عام بالاستثمارات الأجنبية. بيد أنه لاحظ وجود بيروقراطية حكومية فيما يخص منح الموافقة للاستثمارات المهمة، إذ إن عملية الموافقة تحتاج لفترة طويلة نسبيا.

من جهة أخرى، أشاد بسياسة منح رعايا دول مجلس التعاون الخليجي الحرية ومنحهم المزايا الممنوحة للمواطنين البحرينيين. لكنه انتقد قصر امتلاك الأجانب (غير مواطني دول مجلس التعاون الخليجي) لأراض في أماكن معدودة من المملكة.

وفي هذه العجالة لا بأس الإشارة إلى ما جاء عن البحرين في تقرير الاستثمار العالمي المنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام .2005 فقد حلت البحرين في المرتبة رقم 27 في العالم (من بين 140 دولة) من ضمن الدول الجاذبة للاستثمارات الأجنبية المباشرة، أي الأفضل بين الدول العربية قاطبة. وتبين أن البحرين نجحت في التقدم 29 مرتبة في غضون سنة واحدة بعد أن جاء ترتيبها رقم 56 على مستوى العالم في العام .2003 وعلى العكس، تأخرت البحرين فيما يتعلق بمفهوم الأداء المحتمل لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. فقد حلت البحرين في المرتبة رقم 29 على مستوى العالم في العام 2003 (وهي آخر سنة تتوفر عنها إحصاءات) مقارنة بالمركز رقم 28 في العام .2002 بكل تأكيد يعتبر هذا التراجع أمر غير مقبول لسبب جوهري وهو أنه يشير للمستقبل.

بحسب تقرير (أونكتاد) ارتفع حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة الواردة إلى البحرين من 517 مليون دولار في العام 2003 إلى 865 مليون دولار في العام .2004 وعليه نجحت البحرين في استقطاب 348 مليون دولار محققة نسبة نمو قدرها 67 في المئة الأمر الذي يشكل إنجازا بحد ذاته. وفي الوقت نفسه، ارتفع حجم تدفق الاستثمارات الأجنبية المباشرة المغادرة من 741 مليون دولار في العام 2003 إلى 1036 مليون دولار في العام .2004 ويمثل هذا الارتفاع زيادة قدرها نحو 40 في المئة في غضون سنة واحدة. وبالتالي كان هناك صاف سلبي للاستثمارات الأجنبية المباشرة بقيمة 171 مليون دولار.

للحديث صلة يوم الاثنين المقبل إذ سنركز على المزيد من المتغيرات التي تتعلق بالحرية الاقتصادية في البحرين.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1245 - الأربعاء 01 فبراير 2006م الموافق 02 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً