العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ

آثار لا بد من مواجهتها

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

أظهرت إحصاءات حديثة أن العمالة الوافدة بدول مجلس التعاون الخليجي لاتزال في تزايد مستمر خلال السنوات الماضية، إذ تقدر بنحو 6 ملايين عامل، وتتراوح نسبتها في بعض دول الخليج ما بين 60 في المئة الى 80 في المئة من اجمالي قوة العمل. كما تظهر هذه الإحصاءات التزايد الحاد في حجم التحويلات المالية للعمالة الأجنبية التي تخرج من دول المجلس سنويا إذ قفزت خلال الأعوام 2000 - 2003 من 15,3 مليار دولار إلى 21 مليار دولار وفقا للاحصاءات الرسمية. الا أن هذا الرقم سيرتفع بشكل أكبر اذا ما أخذ في الاعتبار التحويلات التي تتم مباشرة من دون أن تمر بأي من القنوات الرسمية، ما يشكل استنزافاً دائماً لموارد التنمية بدول المجلس.

ولا شك في أن أحد أسباب زيادة اعداد العمالة الوافدة في معظم دول الخليج هو عزوف العمالة الوطنية عن العمل في بعض المهن كاعمال النظافة والخدمات ومنشآت القطاع الخاص كتجارة الجملة والتجزئة والمطاعم والفنادق والبناء والتشييد والنقل والصيد والأمن والحراسة. كما ان بعض الدول الآسيوية كثيفة السكان تشجع رعاياها على الهجرة لدول الخليج لان مدخراتهم وتحويلاتهم تعتبر مصدرا مهماً وحيوياً من مصادر الدخل القومي لهذه الدول بالاضافة الى زيادة عمليات التسرب والوجود غير الشرعي للعمالة الآسيوية داخل اسواق العمل الخليجية واستمرار وجود اعداد كبيرة من العمال الآسيويين داخل اسواق العمل على رغم انتهاء المشروعات التي كانوا يعملون فيها.

ان زيادة الاعتماد على العمالة الوافدة له الكثير من الآثار السلبية على جميع مناحي الحياة في دول الخليج العربي فالآثار السلبية في المجال الاقتصادي تشمل تضخم الموازنات المخصصة للانفاق الحكومي على الخدمات مثل الصحة والتعليم والأمن والاسكان والمواصلات والمياه والكهرباء إذ تستفيد العمالة الوافدة أكثر من المواطنين انفسهم.

كما ادت انماط الاستهلاك المتنوعة للعمالة الوافدة الى زيادة عدد المنشآت التي تلبي احتياجاتها وبالتالي تضاعف اعداد العمال الوافدين للعمل في هذه المنشآت وترتب على زيادة اعدادهم الى عجز الميزان التجاري للدول الخليجية المستقبلة للعمالة بسبب التوسع في عمليات الاستيراد من الخارج بالاضافة إلى زيادة حصص التحويلات النقدية من الدول الخليجية إلى البلدان الآسيوية المصدرة للعمالة والتي تمثل استنزافا مستمراً للموارد الاقتصادية التي كان يمكن اعادة استثمارها لو انها كانت تذهب الى دول عربية اخرى. كما تسببت زيادة اعداد العمال الوافدين الى انتشار البطالة بينهم وخصوصاً اذا كان استقدامهم يتم على شركات وهمية من دون وجود حاجة فعلية لهم او استمرار وجودهم داخل سوق العمل بعد انتهاء تعاقداتهم ولجوئهم الى بعض الاعمال الهامشية.

اما الآثار السلبية للعمالة الوافدة في المجال الاجتماعي فانها تتضمن انخفاض نسبة السكان الوطنيين الى نسبة الحجم الكلي للسكان داخل الدولة ما يؤثر على هوية المواطنين الاصليين، كما ان تصادم وتصارع حضارات العمالة الآسيوية يؤثر على الحضارة العربية وانتشار لهجات ولغات ومصطلحات جديدة داخل المجتمعات العربية نتيجة لزيادة اعداد الوافدين. أن جميع هذه الآثار بحاجة الى رؤية جدية ومنهجية تأخذ في الاعتبار الحاجة الحقيقية - وليس القائمة على المتاجرة في العمالة الرخيصة - مع التعامل مع هذه الآثار بما يحافظ على مصالح المجتمعات الخليجية اقتصاديا واجتماعيا وحضاريا.

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1250 - الإثنين 06 فبراير 2006م الموافق 07 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً