العدد 1257 - الإثنين 13 فبراير 2006م الموافق 14 محرم 1427هـ

الأوقاف السنية... لماذا؟

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في المؤتمر الصحافي الذي عقد قبيل محرم بأيام، عن مهرجان الملا عطية الجمري، سألني أحد الحضور عن «الملتقى الدعوي الأول»، الذي تنظمه الأوقاف السنية في 10 محرم، فرددت عليه: وما الإشكال؟ فقال انهم دعوا أشخاصاً معروفين بالإثارات الطائفية، فرفعت له جدول المؤتمر الصحافي قائلاً: «وهم أيضاً يمكن أن يتهموك بالإثارات الطائفية. أكتب ودعهم يكتبون، تنفس ودعهم يتنفسون ماداموا لا يسيئون لوضع البلد، والكبت الذي عانينا منه وقاومناه، لن نطالب باستخدامه ضد أحد من أبناء هذا الوطن». وهذا موقف مبدئي لا تنازل عنه على الإطلاق، ومهما كان الاختلاف مع الاتجاهات والتيارات الأخرى، فلن نطالب باستخدام القمع وتكميم أفواه من نختلف معهم، كما حدث لآخرين، حتى بعض الليبراليين توراطوا عندما دعوا الحكومة إلى الانتصار لبعض مواقفهم بعد أن عجزوا عن إقناع الشارع بطروحاتهم. حتى النواب حاولوا أن يخلقوا لأنفسهم سياجاً باطلاً من قانون العقوبات. المسألة إذن مسألة مبدأ، الحرية التي نطالب بها للجميع، دون كبت ولا قمع ولا استثارة الهواجس الأمنية لدى السلطات، ومن لديه حجة فليقنع الآخرين بأطروحاته، بعيداً عن التهويش والتجييش والتحشيد. والحديث عن الملتقى الدعوي لا يخرج عن هذه القاعدة، وإن كان واجب الجهة المنظمة أن تكون حذرة في العناصر التي تستقطبها، وتتعامل بروح عالية من المسئولية الوطنية، لا أن تتورط في عمل تؤاخذ عليه. الكثيرون شككوا في دوافع الملتقى، والبعض أرجعه إلى هواجس وارتدادات لما يجري في العراق، ونحن نبني على صحة النوايا، وإن كانت النوايا الحسنة لا تبرر سوء الاختيار، أشخاصاً وتوقيتاً. ففي بلد تتغير فيه إيقاعات الحياة اليومية لمدة 10 أيام، وتفتح فيه 1122 مأتماً وحسينية رسمياً أبوابها ليلاً ونهاراً، وتشهد عاصمته احتشاد ما لا يقل عن 150 ألف نسمة في ليلة العاشر من المحرم، إحياء لذكرى مقتل الحسين (ع)، من غير المستساغ أن تحضر له من يتفلسف بالقول إن قاتله «توفي ونسأل الله أن يرحمه»، فإضافة إلى ما في ذلك من استخفاف بالمشاعر الدينية العامة، فإن فيه استخفافاً بعقول الناس وبتاريخ المسلمين، ما كان ينبغي أن تقبله الأوقاف السنية لنفسها. فضلاً عن أن مثل هذه الطروحات غريبة على أرض هذا الوطن، فليس هناك بحريني واحد يؤمن بمثل هذه السفسطات البيزنطية المستوردة من مناطق التوتر والاقتتال الطائفي، كفى الله هذا البلد شرها. لا اعتراض على أي نشاط دعوي أو فكري أو ثقافي، فالحرية أجل وأكبر من أن تخضع للمحاصصة الطائفية، وحرية التعبير لا تتجزأ، انما الإشكال في الاختيار الذي يثير الكثير من التساؤلات: ألم يجدوا «دعاة» أفضل وأرزن من بعض المدعوين؟ ألا تعلم الأوقاف السنية عن تاريخ هذا «البعض» في إثارة النزاعات الطائفية والمشاحنات المذهبية؟ هل هذا ما تحتاجه البحرين هذه الأيام؟ أم انها حفرة... نرجو ألا تقع فيها الأوقاف السنية مرة أخرى؟

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1257 - الإثنين 13 فبراير 2006م الموافق 14 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً