العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ

الخصخصة: لماذا وكيف؟

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

في غضون بضع السنوات الأخيرة بدأ العالم العربي يتحدث عن مدى أهمية خصخصة المؤسسات والممتلكات العامة، وذلك إدراجاً مع موجة تحرير الأسواق والإصلاح الاقتصادي لاستقطاب الاستثمارات. وتشهد المنطقة اليوم عدداً لا بأس به من الاقتراحات، الدراسات والتطبيقات في مجال الخصخصة. لكن ما هي الخصخصة، التخصيص، أو الخوصصة كما تكتب بشتى أشكالها عندما تعرب من الإنجليزية؟

يمكننا أن نعرف هذه الظاهرة كفلسفة اقتصادية حديثة احتضنت من قبل الدول المتقدمة بعد الحرب العالمية الثانية لإعادة بناء المنشآت العامة التي دمرت في الحرب، واجتاحت هذه الظاهرة منظور تطوير الدول النامية في نهاية القرن الماضي. فهي فلسفة لا تميز بين دول متقدمة أو نامية لأن في أبسط الأمور هي فلسفة متوقفة على استراتيجية تسعى إلى تحويل مؤسسات مختلف القطاعات الاقتصادية والخدمات الاجتماعية غير المرتبطة بسياسة الدولة من القطاع العام إلى القطاع الخاص.

وعبر تحويل هذه المؤسسات من القطاع العام إلى القطاع الخاص؛ والتي عادة تكون ضخمة ومكرسة في تعقيدات بيروقراطية وعدم الفعالية في إنجاز مهماتها، التحول الذي يجب أن يشهد هو زيادة الفعالية والفوائد الأخرى مثل المنافسة في توفير خدمة أفضل. على سبيل المثال، تحرير قطاع الاتصالات وعدم اشتباكه بممتلك حكومي أو شبه حكومي يجذب المستثمرين ويتيح للمستهلك عدة خيارات لاحتياجات اتصالاته. وهذا ينطبق على شتى التطبيقات المشهودة والمقترحة من تخصيص الكهرباء إلى تخصيص قسم الحوادث بالمرور.

القول إن الخصخصة ستحل مشكلة البطالة أو ستكثر من رقي العاملين في القطاع العام حالياً هو قول متعلق بأمور نسبية. ففي نهاية الأمر تقتصر استثمارات الشركات الخاصة على الربحية، فلا يمكننا أن ننظر للخصخصة كفكرة جذابة منعزلة عن باقي متطلبات الإصلاح الاقتصادي. بل يتوجب أن ندرك الخصخصة بشكل سليم، منطقي وذي بعد نظر مدروس.

ويثير هذا اهتماماً عندما نرى أن نسبة الممتلكات الحكومية في المنطقة أكبر بكثير من تلك في الدول المتقدمة، وتفوق نسبة الممتلكات الخاصة في بعض الأحيان. فعلى الدول أن تضع القوانين والأنظمة التي تعمل على إنجاز الآتي:

1 توفير مناخ تنافسي لكل الشركات الراغبة في خصخصة المنشآت العامة.

2 التركيز في خطة عمل المستثمرين وكيفية قيامها في بادئ الأمر وبعد انتهاء فترة العقد.

3 تكوين مجلس للخصخصة يهتم بمراقبة جودة ونوعية الخدمات.

4 الحرص على توفير الخدمات العامة الأساسية مثل الماء، الكهرباء والبريد عن طريق منح العقود لشركات لديها الكفاءة، الرغبة، والقدرة المالية لاستمرار أعمالها وتطويرها.

بينما الخصخصة تهدف لتفريغ وقت الدولة للمهمات الكبرى مثل السياسة والإدارة العامة، لا يعني هذا إبعاد الدولة عن توضيح سياستها نحو الخصخصة ووضع المقاييس التي يمكنها أن تنجح أو تفشل تحرير الاقتصادات بشتى أشكالها. وهنا نجد أن جزءاً كبيراً من الإصلاح الاقتصادي يتوقف على الإصلاح السياسي، وعن وضع أسس وأنظمة سليمة للدولة المنفتحة، والتي تسعى إلى الكفاءة في توفير الخدمات المشتركة والتركيز على مشاركة الجميع؛ الشيء الذي هو جوهر فكرة الخصخصة.

العدد 1258 - الثلثاء 14 فبراير 2006م الموافق 15 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً