العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ

عندما يتملص الأبناء من آبائهم

تكملة لحديث الأمس أقول: «ان آلام المجتمع البحريني كثيرة تحتاج إلى مترافعين على جميع المستويات كي تقلل هذه الآلام والأوجاع».

خريطة الأحزان كبيرة وعليها قطع من المآسي. بالأمس كنت على موعد في الاتصال بعائلة من منطقة من قرى شارع البديع. العائلة تعيش في بيت من خشب والأولاد يلعب بأجساده البرد.الصورة مأسوية وساتحدث لكم عنها بالتفصيل لاحقا. عوداً على بدء أقول: لابد من التوقف أمام آلام كبار السن من الأباء والأمهات وكيف يعانون من سطوة الحياة وتجاهل الابناء. قصص مأسوية يصعب تصديقها تضرب الضمير وتفتت قلب الإنسان.

بحريني جاء بجدته للطبيب (لعلاجها) استأذن من الطبيب بحجة تعديل موقف السيارة في الشارع. أجلس جدته ثم خرج ولم يعد. الجدة تعاني من خرف ولا تعرف من أبناؤها. هرب معتمداً في ذلك على هذه (غياب الوعي للجدة المسكينة). السؤال: هل هذا الشخص يعد انسانا حتى ولو عرف مكانه؟ هل هذا الإنسان يمتلك ضميراً حيا؟ هل يضمن مستقبلا إذا كبر سنه ونكس في الخلق ألا يكون مصيره كمصير هذه الجدته المسكينه. امراة ذهبت إلى احدى المراكز وتصر على احتضان أمها العجوز في أسرع وقت خوفا من زوجها فهو يريد أن يطلقها بسبب وجود أمها وعيشها في ذات المنزل. ابن تطلب منه أمه العجوز 40 ديناراً فيرفض خوفا من أن يصبح الطلب عادة فتصبح في كل شهر تطلب منه المبلغ علماً أن الابن مليونير.

سؤال لابد من عرضه على علماء الاجتماع وعلماء النفس: لماذا يقسو قلب الأبناء على أمهاتهم وآبائهم؟ كيف لانسان يحمل ضميراً يعيش منعما بالمال وينفق ما ينفق على زوجته وابنائه وينسى هؤلاء الذين قدموا كل مايمتلكون لأجله؟ في الدول الغربية توجد رعاية للمسنين نوادٍ ومراكز خاصة تتوافر على كل الامكانات بحسب تطور العصر ورعاية من الدولة على جميع المستويات ليعيش الأباء بقية حياتهم سعداء ليسوا عالة على أحد. يوجد عندنا مراكز لكنها بحاجة إلى دعم أكبر من القطاعين.

إن هؤلاء العاملين في هذه المراكز لأجل راحة هؤلاء الآباء لهم من الأجر الكبير ما لا يعد ولا يحصى وإن الله يوفقهم في الدنيا في أبنائهم وحياتهم وفي الأخره. دعونا نسأل انفسنا. كل واحد يسأل نفسه ما حصة والديه من وقته وماله وحنانه وانسانيته وخدماته؟ من منا يعطي والديه مالاً لأجل حفظ ماء الوجه؟ من منا يضع أبويه من ضمن أولوياته؟ كثير منا يمتطي المنابر الثقافية وينظر في كل شيء لكنه متناس لأمه كيف تعيش ولماذا هي محرومة؟

منا من يصرف الآلاف على نفسه لكنه ليس مستعداً ان يمنح أمه ديناراً واحداً من راتبه؟ دعونا نفكر في هذه الطبقة المحرومة كي لا يرفع الله البركة من هذه الدنيا. في مجتمعاتنا الشرقية هناك بعض المفاهيم الساذجة وهو ان الآباء يهبون كل حياتهم لابنائهم بطريقة غير صحيحة. الآباء يجب ان يراعوا وضعهم الصحي والمالي مستقبلاً، فكم من أب كان تاجراً كبيراً فلما كبر سنه تملص الأبناء منه وأصبح يتكففهم.

الاعتدال في الأمور هو المهم. ومشكلتنا أيضا إننا لا نؤمن التربية الصحيحة للأبناء من منطلقات انسانية فنقع نحن الضحايا مستقبلاً.

العدد 1262 - السبت 18 فبراير 2006م الموافق 19 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً