العدد 1271 - الإثنين 27 فبراير 2006م الموافق 28 محرم 1427هـ

انبذوا الطائفية

منصور محمد سرحان comments [at] alwasatnews.com

تعيش بعض المجتمعات الإسلامية هذه الأيام حال احتقان طائفي لم يشهد له مثيل عبر تاريخ الأمة الإسلامية، ويلعب الاحتقان الطائفي والفكر التكفيري المغلق والتشدد والتعصب الأعمى في تشتيت كلمة المسلمين والتناحر فيما بينهم وزرع الفتنة التي يستفيد منها أعداء الإسلام، وجعل هذه الأمة تعيش حال تمزق وعداء وصل إلى ما وصل إليه الحال من الاقتتال والاعتداء على الحرمات وهدم المقدسات وحرق المساجد، وامتد إلى تكفير بعضهم بعضاً وإباحة قتل النفس التي حرم الله وقطع الرؤوس، وصدق قول الشاعر:

لا يبلغ الاعداء من جاهل .... ما يبلغ الجاهل من نفسه

أي حال هذه التي نعيشها ونحن في مطلع الألفية الثالثة؟ ماذا نقول لبقية المجتمعات عن أنفسنا وعن قيمنا وتعاليمنا الإسلامية السمحة؟ نقول لهم ابنوا مجتمعاتكم وطوروا صناعاتكم واقتصادكم وتفوقوا في العلم والتكنولوجيا... أما نحن فكما تشاهدوننا نرتع في متاهات الطائفية البغيضة بوعي أو من دون وعي.

لقد شجعت هذه الفتن الطائفية البغيضة وتلك الأعمال المزرية من حز الرؤوس واغتصاب النساء أن يتجرأ البعض فيسيء إلى نبينا العظيم (ص) وإلى ديننا الحنيف، فالحملة الشرسة التي نشهدها على الإسلام من جهات إعلامية وجدت لها مسوغات من ازدراء بعضهم بعضاً. أيها القوم لماذا هذا التناحر؟ أنها والله لفتنة يراد بها تمزيق صف المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها. انظروا إلى دينكم: فالجميع يشهد الشهادتين ويؤدي الصلوات الخمس ويتجه نحو قبلة واحدة ويصوم رمضان ويحج ويؤمن باليوم الآخر وبكتاب الله. إذاً لماذا يكفر بعضنا بعضاً؟ ولماذا نعطي الفرصة للمتربصين بديننا... بل وبأي وجه نلقى يوم المعاد رسولنا الكريم... وماذا نقول له عما فعلناه بأنفسنا، وكيف جعلنا العالم كله يشمت بنا.

لقد بليت الأمة بضعاف النفوس وأصحاب المصالح الدنيوية الزائلة وأن ارتدى البعض عباءة الإسلام: ان الإسلام بريء من التكفيريين والطائفيين الحاقدين الذين همهم أن تعيش المجتمعات الإسلامية متناحرة فيما بينها. ومصيبتنا الكبرى تكمن في الجهل الذي يعشعش في عقول الطائفيين، كما تكمن في التربية الخاطئة المبنية على الحقد والبغضاء والابتعاد عن التسامح والوسطية التي نادى بها ديننا الحنيف. وحاول البعض تخفيف هذه المصيبة بحجة نظرية المؤامرة على الإسلام من بعض دول الغرب. هذه النظرية تتجسد في نفوس الحاقدين المتشددين المتزمتين الذين يرون ان كل ما يفعلونه من أعمال قتل وتدمير الحياة بمباهجها يؤدي بهم في النهاية إلى جنات الخلد والعيش في نعيم مع الحور العين، فأية جنة هذه التي تستقبل قساة القلوب والقتلة الحاقدين؟

لقد حان الوقت لوأد هذه الفتنة في مهدها قبل أن يستفحل خطرها - والفتنة أشد من القتل - هذا إذا أردنا أن نعيش حياة كريمة مزدهرة. فالوحدة بين المسلمين هي صمام الأمان لنجاح الأمة، وقد قال تعالى: «واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا» (آل عمران: 103).

إن ثقتنا كبيرة في رجال الدين المسلمين في تكريس مبدأ الوحدة الموجود في كياننا جميعاً، غير أن التذكير بها عبر منابر الجمعة أكثر نفعاً «وذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين» (الذاريات: 55)

إقرأ أيضا لـ "منصور محمد سرحان"

العدد 1271 - الإثنين 27 فبراير 2006م الموافق 28 محرم 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً