العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ

الأمين العام القادم للأمم المتحدة... سيعيّن أم ينتخب؟

عبدالنبي العكري comments [at] alwasatnews.com

ناشط حقوقي

بنهاية هذا العام تواجه الأمم المتحدة استحقاقا صعبا يتمثل في انتخاب أمين عام للأمم المتحدة، إذ تنتهي الولاية الثانية للأمين العام الحالي كوفي عنان. وصعوبة الاختيار هذه المرة هي أن الأمم المتحدة تبنت في اجتماع الجمعية العامة الأخير في سبتمبر/ أيلول 2005 سلسلة من الإصلاحات لتحديث الأمم المتحدة، وهي وإن لم تتضمن إصلاح آلية انتخاب الأمين العام، إلا أن القضية مطروحة بقوة، ويمكن البدء بإصلاح آلية انتخاب الأمين العام في هذه الدورة.

تقوم عملية الانتخاب الحالية للأمين العام، استناداً الى ترشيح من قبل مجلس الأمن للشخص المرشح ثم يتم انتخابه من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة. فعملية الاختيار تتم اساسا في مجلس الأمن وهناك تمر عملية تلقي اسماء المرشحين، وتداول اعضاء مجلس الأمن وخصوصاً الدولة الخمس الدائمة العضوية، إذ يعتبر اتفاقها على مرشح معين جواز المرور للفوز بالمنصب، وبحسب العرف السائد فإن الأمين العام القادم يأتي من آسيا بحسب آلية التداول بين القارات.

آليات بديلة

سبق أن كلف الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان لجنة من الشخصيات البارزة من خارج الأمم المتحدة تتمثل فيها مختلف الكتل والقارات والثقافات وسميت بلجنة الحكماء، وقدمت للأمين العام تقريرها بعنوان «إصلاح الأمم المتحدة - أجندة المستقبل». وقد عرضت هذه الخطة على الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورة خاصة في سبتمبر ،2004 لكنه لم يتم الاتفاق على كثير مما جاء فيها، ومنها إصلاح عملية انتخاب الأمين العام وصلاحياته. وعلى التوازي من ذلك عقدت مؤتمرات وندوات لمنظمات المجتمع المدني حول العالم لطرح خطة بديلة. ومن اهم هذه المؤتمرات «مؤتمر شعوب الأمم المتحدة» الذي عقد في مدينة بادوفا بايطاليا في بداية سبتمبر ،2004 وحمل تقرير المؤتمر وفد خاص الى نيويورك، لعرضه على اجتماع الجمعية العامة.

وبالنسبة إلى الأمين العام للأمم المتحدة فإن وثيقة بادوفا تقترح ما يأتي:

1- أن تتم عملية انتخاب الأمين العام بصورة فعلية من قبل الجمعية العامة للأمم المتحدة وليس تزكية مرشح مجلس الأمن كما يجري حالياً.

2- أن يتقدم أكثر من شخص للترشح لمنصب الأمين العام، على اساس برنامج لكل منهم، بحيث يحاسب الأمين العام في ضوء البرنامج الذي تقدم به.

3- أن يتحول مكتب الأمين العام الى أمانة عامة للأمم المتحدة يرأسها الأمين العام، ونوابه الذين ينتخبون ايضا ليمثلوا مجموعات الأمم المتحدة الجغرافية الخمس (1- أميركا الشمالية وأوروبا الغربية، 2- أوروبا الشرقية، 3- إفريقيا، 4- آسيا، 5- أميركا اللاتينة بحيث تمثل قيادة الأمم المتحدة اليومية.

4- أن تقتصر مهمات مجلس الأمن على صيانة الأمن والسلم العالميين وتحول باقي المهمات التي يقوم بها الى الأمانة العامة التي يرأسها الأمين العام.

رجل المهمة المستحيلة

جرى التجديد لكوفي عنان بتوافق الدول الكبرى دائمة العضوية، واجماع الدول الاعضاء في الأمم المتحدة، على أساس تصوراته بإصلاح الأمم المتحدة، وجعلها اقل بيروقراطية، وأكثر فاعلية واستجابة لظروف وتقلبات عصر سريع الايقاع والتعقيد، واكثر انعكاسا لمصالح الشعوب، وتجسيداً للمبادئ السامية للأمم المتحدة. لكن التعارضات ما بين مصالح الدول الكبرى، وتفرد الولايات المتحدة كقوة عظمى وتبنيها في ظل رئاسة بوش الابن، فرض سياساتها على الأمم المتحدة، بل وتهميش دور الأمم المتحدة وخصوصاً فيما يتعلق بقضايا الأمن والسلام العالميين، لم تكن كوفي عنان من اقرار خطة إصلاح الأمم المتحدة في قمة سبتمبر .2004 وعلى رغم القول إن منصب الأمين العام هو من حصة آسيا هذا العام، فإن المندوب الأميركي الدائم في الأمم المتحدة جون بولتون، يرى غير ذلك، فبالنسبة إلى الولايات المتحدة فإن دورها يجب أن يتقلص وموازنتها يجب ان تخفض ويجب الحد من بيروقراطيتها، ومن آلية التشاور والتوافق الحالية التي تعطي الدولة الصغرى رايا فيما يجري. ترى الولايات المتحدة أن الأمين العام هو اقرب الى المدير التنفيذي لإدارة لها مجلس إدارة على رأسه الولايات المتحدة، وتتمتع بعضويته الدول الكبرى، وليس منصبا مستقلا يمثل ارادة المجتمع الدولي، وينطق بضمير الانسانية من هنا نفهم الرد الأميركي القاسي على تصريح كوفي عنان بخصوص ضرورة اقفال معتقل غوانتنامو، باعتباره شيئاً لا يعنيه وتدخلا في خصوصية أميركية.

يبدو أن شعوب الأمم المتحدة قد خسرت مسبقا مراهنتها على اختيار أمين عام يعكس ارادة هذه الشعوب وان يكون على رأس الأمم المتحدة شخص أمين لمبادئها ومنطلقاتها كما أنه من الواضح أن المقترحات التي طرحتها منظمات المجتمع المدني لجعل عملية اختيار الأمين العام اكثر ديمقراطية وشفافية، قد ذهبت ادراج الرياح و يبقى علينا انتظار المرشح المقبول أميركياً على أمل أن يسهم الضغط الدولي في ألا يكون تابعا أميركيا.

إقرأ أيضا لـ "عبدالنبي العكري"

العدد 1276 - السبت 04 مارس 2006م الموافق 03 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً