العدد 1277 - الأحد 05 مارس 2006م الموافق 04 صفر 1427هـ

حول خطاب المحرق السياسي الجديد

عبدالله مطيويع comments [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في التاريخ أن المحرق التي كانت عاصمة البحرين، اتخذها الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة الحاكم الثالث بعد توليه الحكم 1880 بعد أخيه الشيخ سلمان بن أحمد آل خليفة مقراً للحكم، فأول ما قام به هو إعادة بناء قلعة بوماهر. وقلعة بوماهر لا يعلم أحد من هو أول من أقامها، فهي نفسها التي حبس فيها الانجليز الشيخ محمد بن خليفة آل خليفة حاكم البحرين آنذاك، ثم تم نفيه إلى عدن ثم الهند، وذلك وكما هو خور (المدعي) جنوب المحرق أعمق المراسي للبوارج البريطانية والسفن الكبيرة من اربعينات القرن الماضي، وتقع جنوب الحالة في واجهة مدخل خليج عراد وتعتبر الحامية الحربية لمن كان يحكم البحرين. فكل الذين أرادوا دخول البحرين آنذاك من طرف المحرق لابد لهم أن يدخلوا من خليج عراد، وهو المدخل البحري الوحيد بالمحرق، ولابد أن يقتحموا أولى التحصينات الحربية هناك، وهي قلعة بوماهر وقلعة عراد.

لذلك فقد فطن العمانيون وكانوا اساتذة البحار والملاحين الأشاوس مثلهم مثل القواسم، فهم أحمد بن ماجد الملاح الماهر الذي قال عنه التاريخ انه قام برسم أول خريطة لطرق الملاحة التي تصل إلى مياه الخليج عبر رأس الرجاء الصالح، استعان بها البرتغاليون للوصول إلى شواطئ ومدخل خليج عمان والخليج، وهم دولة اليعاربة الذين حكموا سواحل شرق إفريقيا مثل زنجبار وتنزانيا (دار السلام)، لذلك أول ما فعلوه أنهم اعادوا تشييد قلعة عراد سنوات حكمهم للبحرين (1802) قبل أن يهزمهم التحالف السعودي مع حاكم البحرين آنذاك، إذ تم استعادة الحكم من بن عفيصان بواسطة عبدالرحمن بن راشد الفاضل، الذي هزم بن عفيصان وأعاد الحكم إلى آل خليفة.

ولعل ما قيل يومها في شيلة إحدى رقصات العرضة وكانت محظورة حتى يومنا هذا حين قال أحد شعراء النبط (الطرف البحريني) يخاطب الطرف الثاني الذي اراد احتلال البحرين وكان بعث إليه من يسدي له النصيحة بأن البحرين عصية وسوف تعصي عليك، ما سمعته يوماً في إحدى رقصات الرزيف في المحرق تقول الشيلة (ما طعت شوري ول يا مكرود تبي بلاد الخوخ والرمان/ قبلك بقاهة فيصل ابن سعود والجلهمي وسعيد بن سطان)... نسبة إلى طموح الدولة السعودية آنذاك لحكم البحرين وبعدها سعيد بن سلطان حاكم مسقط وعمان وثم ارحمه بن جابر الجلاهمة، صقر الخليج، لانه لم يستسلم حين تمت محاصرته في آخر معاركة البحرية، وكان ضريراً ومتعباً ولا يقوى على الحركة وأخذ منه العمر ما أخذ وفجر سفينته ومن عليها مفضلاً الشهادة على الاستسلام.

ولسنا الآن في معرض تفصيل هذا الحدث التراجيدي ولا معنى القصيدة، أو ظروف انشادها، لكننا سنعود إلى موضوعنا الرئيسي، خطاب المحرق السياسي الجديد، كيف ينبغي أن يكون.

تلك مقدمة لابد منها لتذكير تاريخ البحرين وخلفيات الصراع السياسي على هذه الجزيرة يوم كانت قلب البحرين النابض، وكم هي عميقة في التاريخ وكم كان أهلها سباقين إلى النشاط السياسي والاجتماعي والثقافي، فهي مدرسة الهداية 1919 وهي للنادي الأدبي 1920 وهي القلعة الوطنية والوحدة وهي التي استقبلت وزير الخارجية البريطاني سلون لويد بالحجارة والطماطم الفاسدة في 1956 بعد العدوان الثلاثي. تلك مقدمة لابد منها.

والآن... ماذا يريد أهالي جزيرة المحرق؟

أهالي المحرق يطالبون بالمساواة وعدم التمييز بين المواطنين، فهذه الجزيرة الباسلة التي كانت عاصمة البحرين منذ أوان الشيخ عبدالله بن أحمد آل خليفة حتى الشيخ عيسى بن علي آل خليفة قبل تنصيب الشيخ حمد بن عيسى آل خليفة حاكماً.

المحرق هي المدينة التي تصدرت مطالب شعب البحرين في 1923، 1938، 1955 - 1956 و1965، وهي المدينة التي ساهمت بقوة في العريضة النخبوية في 1992، والعريضة الشعبية في العام 1994 المطالبة بتفعيل الدستور وعودة الحياة البرلمانية (من مجلس علي ربيعة) الذي هو امتداد لمجلس حركة القوميين العرب.

وكذلك العريضة النسائية في العام 1995 التي كانت غالبية اسماؤها من نساء فقد اصررن على أن تكون لهن عريضتهن النسائية من دون أن تكون اسماؤهن من العريضة الأولى أو الثانية، وكنّ أكثر صواباً فيما ذهبن إليه لانهن حين رفضت حكومة البحرين تسلم عريضتهن بعثن إلى المغفور له بإذن الله صاحب السمو الشيخ عيسى بن سلمان آل خليفة العريضة بواسطة بريد «دي. إج. إل» ، وهذا ما غفل عنه الاخوة في العريضة الشعبية 1994، وهذا للامانة التاريخية ومن لديه رأي خلاف ذلك فسنكون سعيدين جداً أن نسمعه.

أهالي المحرق يؤكدون على الوحدة الوطنية ويرفضون دعوات الكيانات الطائفية التي يسوقها البعض لأهدافه الخاصة وخصوصاً البرلمانية منها، وأهل المحرق يطالبون كل الوطنيين بأن يؤكدوا رفضهم للطائفية والتمييز الطائفي والعرقي والقبلي، ويتفقوا على «قائمة الوحدة الوطنية»، قائمة الشرفاء وليست الطراء أو المتسلقين.

أهل المحرق يطالبون بوقف النهب العشوائي والمنظم للأراضي العامة.

أهل المحرق يطالبون بتوفير كل الشروط الصحية للمنطقة الصناعية التي تقام في الحد، لدرء التلوث البيئي المؤدي للإصابات بالسرطان، كما يحصل في قريتي نويدرات والمعامير.

أهل المحرق يطالبون بالاسراع بانجاز المشروعات السكنية في كل مناطق جزيرة المحرق، في المحرق والحد وسماهيج والدير، ويطالبون بتوفير المرافئ الدائمة وليست المرافئ المؤقتة.

أهل المحرق يطالبون ان تخصص المساحة الكبيرة الواقعة شمال غرب المحرق في المساحة المسماة (دفنة الساية) للدفعة المقبلة لأهل المحرق.

أهل المحرق يطالبون بأن تكون المشروعات السياحية الجديدة والمؤسسات الفندقية التي تقام على اراضيهم المغمورة أو الموهوبة في قلالي أو في الساية أو جنوب الحد، أن تعود إلى الملكية العامة لتعود بالنفع إلى أهلها، فأهلها أولى من غير أهلها، فالميثاق الوطني يقول: «للأموال العامة حرمتها وعلى السلطات العامة اتخاذ كل الوسائل التي تكفل صيانتها». إنها مادة لا تحتمل اللبس في الدستور أو أي تفسيرات في ميثاق العمل الوطني. أهل المحرق يطالبون بانجاز سريع لمستشفى المحرق المركزي الذي صار شبيها «ببيض الصعو» أو بيضة الديج! الذي نتمنى ألا ينطبق عليه المثل الشعبي كالمعيدي تسمع عنه ولا تراه!

أهل المحرق يطالبون بالإعلان وبصورة جلية وواضحة عن المساحة الحقيقية للأراضي التي تم الاستيلاء عليها من قبل أحد المتنفذين (الهوامير الكبار) وبعد الاعتصام الذي حصل في موقع الأرض، سمعنا عن الوعود بأنها خصصت لمشروع اسكان أهالي الحد وأهل المحرق، فشكراً للوعود الجميلة التي شبعنا منها، فهل نقول بدلاً من شبعنه من عناهم وارتوينا شبعنا من وعودكم واستوينه، ومعذرة لشاعرنا المحب محمد بن عبدالوهاب الفيحاني الذي صبر على الجور ثم لم يحتمل فقال قوله البديع العميق المعاني وغناه المطرب عبدالله بوشيخه «شبعنا من عناهم وارتوينا» «وعند ارسوم منزلهم بيجنا»!

أهل المحرق يطالبون بفتح فرع لمركز سلمان الثقافي لأطفال المحرق لتنمية مواهبهم على أن تساهم فيه شركة أمواج في إنشاء هذا الفرع لأنها حرمت أطفال جزيرة المحرق من نزهتهم البحرية في ساحل قلالي الجميل، وكانوا قبل أمواج يصطادون (الكباكب) والأسماك الصغيرة، وكانت نزهة ومتعة لا تضاهيها أية متعة للعوائل الفقيرة التي لا تستطيع أن تأخذ ابناءها إلى المجمعات.

أهل المحرق يطالبون بانتهاج آلية غير طائفية في توزيع معونات الصناديق الخيرية طائفياً (هؤلاء سنة وهؤلاء شيعة)، أو أن يتم دمج الصناديق الخيرية لتخدم كل المحتاجين، فالحاجة والفقر لا يسألان أحداً عن طائفته أو مذهبه.

أهل المحرق يطالبون بفتح مركز شبابي لشباب المحرق لكي يحفظهم من الضياع والتسكع في الطرقات وحين يتمكن منهم الضياع يذهبون إلى المجهول.

أهل المحرق يطالبون بإنشاء دور خدمة للمتقاعدين والذين سيتقاعدون في وسط فرجانهم وبين أهلهم وجيرانهم لكي لا يقعوا فريسة الاحساس بالنفي والعزلة.

هذا، ما اعتقد أن أهالي جزيرة المحرق يطمحون إليه، ولا أزعم أنني أمثل أهالي المحرق، فأنا لست سوى أحد أبناء المحرق المدينة التي سكنت قلبي.

إقرأ أيضا لـ "عبدالله مطيويع"

العدد 1277 - الأحد 05 مارس 2006م الموافق 04 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً