العدد 2458 - الجمعة 29 مايو 2009م الموافق 04 جمادى الآخرة 1430هـ

يصدم الجمهور بـ «نقيض المسيح»...ويشيد بـ «الزمن الباقي»

«مهرجان كان السينمائي»...

صدمة ومفاجأة، رعب وكوميديا، هكذا كانت الحال في «مهرجان كان السينمائي الدولي الثاني والستين» لهذا العام 2009، خليط من كل أجناس الأرض، يحاول أن يصطفي ويقدم نماذج لأعمال وجد فيها ما يثير الاهتمام والترقب، ويحرك العقل الباطن باتجاه قضايا وأفكار مختلفة.

فما بين الفيلم الحائز «السعفة الذهبية» «الشريط الأبيض» للمخرج النمسوي مايكل هانيكي، مرورا بالفيلم الذي حاز نسبة كبيرة من الانتقاد والاستنكار، فيلم «نقيض المسيح» للمخرج الدنماركي لارس فون ترير، وصولا إلى فيلم المخرج الفلسطيني إيليا سليمان «الزمن الباقي: سيرة الحاضر الغائب»، الذي نال استحسان الكثير من النقاد والمتابعين، شاركت أعمال من مختلف بقاع العالم: إيطاليا، ألمانيا، فرنسا، الولايات المتحدة الأميركية، الصين، الفلبين وبريطانيا... وغيرها من الدول، وذلك ضمن المسابقة الرئيسية التي تشمل الأفلام الطويلة، أو في قسم أفلام «النظرة الخاصة»، أو ضمن مسابقة الأفلام القصيرة، بالإضافة إلى عرض مجموعة من الأعمال التي لم تشارك في المسابقة.

وعلى رغم فوز فيلم الرعب «الشريط الأبيض» للمخرج النمسوي هانيكي الذي تدور أحداثه في منطقة ريفية عقب الحرب العالمية الأولى بـ «السعف الذهبية»، وهي أعلى جائزة في المسابقة، فإن أعمالا أخرى - بعضها لم يفز بجوائز - استحوذ على تعليقات الكتّاب والمراقبين، ففيلم إيليا سليمان «الزمن الباقي» الذي تطرق إلى القضية العربية الأولى، فلسطين، من خلال منظور كوميدي بدرجة ما، شد الكثيرين باعتباره تجربة سينمائية ناجحة على عدة مستويات، الفيلم يؤرخ ويستحضر من ذاكرة المخرج، عبر سرد ذكرياته وسيرة حياته الشخصية، مع دمج هذه الذكريات بأحداث مفصلية تاريخية في تطور القضية الفلسطينية. ويُقسم الفيلم إلى مجموعة من المراحل يتخللها الصمت في بعض الأحيان، والسخرية الكاريكاتيرية في مواضع كثيرة.

في مقابل فيلم سليمان، حقق فيلم «نقيض المسيح» الدنماركي، جائزة أحسن ممثلة، التي نالتها بطلة العمل شارلوت جينسبرغ، على رغم وصفه بـ «فضيحة المهرجان»، لما فيه من مشاهد مثيرة وجنسية صادمة وعنيفة، حتى أن البعض اعتبره عملا موغلا في الذاتية ومعتمدا بالكامل على مسألة الصدمة والإذهال، وخصوصا أن المخرج صرح بشكل علني بأنه غير مكترث بشكل فعلي برأي الجمهور في العمل، وأنه قرر البدء بفيلمه «نقيض المسيح» عقب فترة اكتئاب حادة عاشها قبل فترة، إلا أنه حصد ما لم يحصده غيره من الأعمال من تعليقات ومقالات نقدية وتحليلية.

وعلى رغم هذه الانتقادات فالعمل نال من جهة أخرى نسبة عالية من المعجبين والمبهورين بقدرة المخرج على المعالجة العميقة للعلاقة ما بين الرجل والمرأة، من خلال عرضه لفكرة أن «الفوضى تسود العالم» على حد تعبير النقاد.

وعلى رغم حضور أسماء كبيرة من المشاهير وعالم الفن والسينما تحديدا، فإن حفلات «مهرجان كان السينمائي» لم تتحول بعد إلى استعراضات أزياء ومجوهرات وأناقة، كما هو الحال مع حفل توزيع جوائز «الأوسكار»، الذي باتت «بخترة» الفنانات بتصاميم أشهر دور الأزياء على البساط الأحمر، أمرا من أساسيات العرض فيه.

فمازال المهرجان الذي تعتبر جوائزه من أهم الأوسمة في عالم صناعة السينما، قادرا على الاحتفاظ برقي مكانته المحترمة ضمن فئته. في مقابل خضوع الكثير من المسابقات الأخرى لمسألة ضرورة تحويل الاحتفال إلى مناسبة ترويجية بحتة لمختلف أنواع السلع والصرعات.

ويذكر هنا أن المشاهد العربي العادي، لم يسمع أو يتعرف على الكثير من التجارب السينمائية «غير الهوليوودية»، لما تلعبه مجموعة الفضائيات العربية من دور، باستثناء عرض أفلام منتجة في هوليوود على شاشاتها، كما أن نسبة كبيرة من هذه الأعمال لا تحمل أي مضمون أو قيمة فنية أو فكرية تتجاوز المعالجة السطحية لبعض القضايا. وترافق الأفلام الأميركية قلة من الأفلام البريطانية المنشأ، وبعض الأعمال الأسترالية. في حين تغيب السينما الإيطالية والنمسوية والإسبانية وحتى الفرنسية عن الشاشات العربية، على رغم أهميتها وجودتها وعمق قضاياها.

العدد 2458 - الجمعة 29 مايو 2009م الموافق 04 جمادى الآخرة 1430هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً