العدد 1288 - الخميس 16 مارس 2006م الموافق 15 صفر 1427هـ

انطباعات نزار القطري

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في أخريات فعاليات مهرجان الخطيب الملا عطية قبل أسبوعين، استضاف مأتم بوري الرادود نزار القطري الذي سجّل بعض الملاحظات المثيرة للاهتمام لنا كبحرينيين. الرادود (أو منشد القصائد في مواكب العزاء الحسيني) قال إنه غادر الكويت قبل سنوات إلى لندن، ولما عاد إليها بعد غياب خمس سنوات، «وجدتهم يستخدمون الأسلوب البحراني في العزاء». ووصف هذا الأسلوب بأنه «ينتشر كالأخطبوط».

وأشار القطري إلى أن 90 في المئة من أناشيد الموكب مأخوذة من أشعار الملا عطية، بحسب تقديره، وأضاف: «أحياناً أنا اتأثر بالشيلات البحرينية». بل إن الجمهور في قطر والكويت كان يسأله بعد عودته من لندن: «لماذا لا تستخدم الأسلوب البحريني؟».

في تلك الأمسيه، فوجئت بالحضور الضخم الذي ملأ أرجاء المأتم من الداخل والخارج. غالبية الأعمار كانت تتراوح بين 15 و30 عاماً. وبعد الندوة استراح الرادود في المقصورة الخاصة بالضيوف، وهناك تقدم له أحد الشبان ليسلمه ملفاً مطبوعاً، هدية له، تعبيراً عن حبه لنجمه المفضل.

وفي تلك الأثناء خرج حفيد ابنة الملا عطية الصغير الذي لا يتجاوز 14 عاماً (واسمه حيدر إن لم أكن مخطئاً) للإحماء، تبعه أبوه الرادود مرتضى الحلواجي، والرادود جعفر الدرازي.

وفي ختام الأمسية برز القطري إلى المنصة ليلهب صدور الجمهور بصوته الرخيم ومقطوعاته الحسينية. فالجمهور الذي طالما رآه على الفضائيات الجديدة، كان في غاية النشوة أن يلقاه على الطبيعة وجهاً لوجه.

ومن ضمن فعاليات المهرجان أيضاً، كانت تعرض مسرحية «جمر الصقيع»، التي جسدت حياة الخطيب الشهير على الخشبة، واستطاع المؤلف والمخرج وأكثر من أربعين ممثلاً، أن يجسدوها أمام المشاهدين. ومن محاسن الصدف أن الممثل الذي لعب دور الملا عطية، كانت ملامحه قريبة جداً من ملامح الخطيب. واستطاع أن يتقمص شخصيته في عرض مشاهد الاضطهاد على أيدي الجنود، ما دفع عائلته إلى الهجرة إلى المحمرة، ليبدأ حياة جديدة في المهجر، وطلبه العلم حتى عاد خطيباً متمكناً يرتقي أعواد المنابر.

في نهاية العرض، بدل الممثلون ملابسهم وعادوا إلى خشبة المسرح حتى يلتقطوا صوراً تذكارية، إلا «الملا عطية»، فقد بقي لأكثر من ساعة ممسكاً بكتابه و«بشته» و«شطفته» (عقاله المربع)، اقتربت منه لادعوه مازحاً: «نريدك أن تقرأ عندنا في البلاد القديم»، فأجاب ضاحكا: «العام المقبل إن شاء الله، فالموسم انتهى»!

أصارحكم، تشابه ملامح الممثل مع ملامح الخطيب أذهلني، فمازالت ذاكرتي تحتفظ للخطيب بصورته على منبر مأتم المديفع قبل العام 1980، لكن هذا التشابه أبكى عيوناً أخرى، فكانت ابنته من مشاهدي تلك المسرحية، فلم تتمالك نفسها من البكاء وهي ترى أباها يعود مرة أخرى إلى الحياة على خشبة المسرح، وهي ترى معاناته يوم عمل في حمل الحطب على ظهره في الميناء البحري، في رحلة الكد من أجل اللقمة الحلال، فاضطرت إلى مغادرة الصالة، كما نقل الرواة

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1288 - الخميس 16 مارس 2006م الموافق 15 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً