العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ

العرب والجهاد الالكتروني ... !!

انشغلت بالإجابة على سؤال مفاده هل سيزيد استخدام الإنترنت من عدد ودور المشاركين في قضايا بناء الرأي العام في العالم العربي. إذا كان الأمر كذلك فهذا يعني تماما أن هيمنة الهرميات التقليدية والسلطات على بناء الرأي ستكون مهددة. سيكون من الطبيعي لمستخدمي الإنترنت أن يبنوا آراءهم بأنفسهم بدلاً من الرجوع الى المصادر السلطوية أو الأخذ بالآراء الموجودة والجاهزة من دون أية اسئلة.

تيم برنرز لي، «أبو» الشبكة العالمية www عبَّرَ حديثاً في القمة العالمية للمعلومات في جنيف عن تفاؤله الكبير، إذ قال: بغض النظر عن بعض الخصوصيات الثقافية يرينا الإنترنت في المحصلة، بأننا لا نختلف كثيرا عن بعضنا بعضا. هذا أيضا كان من النتائج المهمة لعملي.

عندما يريد الناس الدردشة أو النظر إلى صور الجنس، فإنهم يتابعون بشكل أو بآخر اهتمامات مشتركة لدى البشرية في كل أنحاء العالم، أعني هنا بالتحديد الاهتمام بالتواصل مع الأصدقاء، وتوسيع دائرة المعارف من خلال مستخدمين لا يسكنون بالضرورة في الجوار، ولكن لديهم اهتمامات متشابهة، أو لديهم الرغبة بالتواصل مع الجنس الآخر وكسر الحواجز الاجتماعية للمحيط الاجتماعي القريب.

عُقِدَ الكثير من المؤتمرات العربية بهدف التوحيد القياسي لحلول تكنولوجيا المعلومات العربية. اقتراحات الجامعة العربية ومصر والسعودية لتوحيد الأنماط في هذا المجال فشِلت، ولم يستطع أي منها أن يفرض نفسه. في النهاية فرضت أنماط مايكروسوفت نفسها.

ردود الفعل على ظاهرة الإنترنت كانت مختلفة بإختلاف الدول العربية. حاليا لم يعد هناك من هذه البلدان من يرفض الإنترنت تماما. ولكن البعض يتعامل مع هذه الظاهرة بشكل أكثر تقييدا من الآخر. الدول التي أفسحت المجال بشكل مبكر لاستخدام الإنترنت، كانت دول الأنظمة الاقتصادية الليبرالية ذات التوجهات الغربية مثل الأردن، لبنان، الكويت، مصر، الإمارات والبحرين.

اذا قارنا دول العالم العربي سنجد بينها من يُتيح المجال للمُشترِكين بدخول كامل الحرية للشبكة وأخرى تقود مجمل سير المعلومات عبر مصفيات (Filter). هذه المصفيات المركزية بإمكانها سد الطريق على المشترك لدخول مواقع معينة. إلا أن المستخدمين البارعين والعارفين بتقنيات الإنترنت يستطيعون تجاوز هذه السدود.

مصفيات الرقابة نجدها على سبيل المثال في السعودية والامارات وفي سورية. السعودية على سبيل المثال سمحت للعموم بالدخول الى الإنترنت في العام 1999 بعد تردد طويل ، وبعد أن أوجدت الشروط التقنية للتصفية المطلقة. سبق هذه الخطوة جدال بشأن كيفية حماية المجتمع السعودي من التأثيرات الضارة الناجمة عن الإنترنت. ولعبت المخاوف من تهديد نظام البلد السياسي دوراً كبيراً طبعاً.

إذا أردت أن أفرز قليلا وبشكل تخطيطي المواقع الإلكترونية العربية نجد: إسلاميون هنا - وغير دينيين هناك، سأجد الإسلاميين حتى الآن أكثر حضورا، وأسرع حركة، كان لديهم مالا أكثر وعلاقات أكثر. لا أريد أن أقول بهذا ان حضورهم في الشبكة يعكس تمثيلهم في المجتمع، ولكنهم على أية حال يَنشُرون أكثر عبر مواقع الانترنت.

عند تحليل المواقع العربية الـ 100 الأكثر شيوعا نجد عشرة مواقع إسلامية شديدة التدين ذات محتوى ديني - اجتماعي وعددا منها أيضا ذات محتوى سياسي. هذه الظاهرة فريدة من نوعها في العالم ، لأنه لا يوجد باللغات الأخرى في المواقع الـ 100 الأولى مواقع دينية على الاطلاق. تحدثت عن الجهاد الرقمي، وهو مفهوم ظهر في التسعينات، ولم يكن له بداية علاقة بقرصنة الانترنت، بل كان يعني مجرد الجهاد من خلال الانترنت. الجهاد بالمفهوم الأوسع، أي «بذل الجهد من أجل الإسلام» وفي حالتنا من خلال الإنترنت. أستُخدِم هذا التعبير على ما أعتقد من قبل مجموعات في المغترب - طلاب مسلمون - في أميركا.

وكان هدفهم تعبئة الرأي العام لصالح المجاهدين «المجاهدين الحقيقيين»، أو إذا جاز التعبير لصالح حركات التحرر في العالم. أما عمليات الهجوم والقرصنة الإلكترونية فأتت بشكل كبير بعد العام 2000 مع بِدء الانتفاضة الثانية في فلسطين، وعلى فكرة من جانب الاسرائيليين كما من جانب الفلسطينيين أيضاً.

مازال رأيي كما كان، هذا كله سيؤدي لتغيير في الثقافة السياسية. ليس بالضرورة إلى تغيير جذري، وليس فقط من خلال الإنترنت، إلا أن الإنترنت في كل الأحوال يشكل عاملاً مهماً.

ألبرشت هوفهاينز

مقتطفات من حوار أجراه يوسف حجازي مع الدكتور البرشت هوفهاينز بروفسور العلوم الإسلامية في جامعة اوسلو في النروي

العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً