العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ

المعارضة... ضغطة الزناد: Enter

ملتقى البحرين «بروباغندا» المعارضة... وموقع الدستوري مهمش

يروي أحد الزملاء الصحفيين عن رئيس تحرير إحدى الصحف الزميلة «كلما دخلت عليه مكتبه، وجدت «بحرين أونلاين» في شاشته... فإن أغلق الموقع، قال آتوني بوصلة...!»، تلك مقدمة أولى.

المقدمة الثانية، ما الذي يجعل من الموقع الإلكتروني الخاص بالأمانة الدستورية منطقة فارغة من الاتصال السياسي، بينما ينشط «ملتقى البحرين» ليكون المادة الصحفية الأولى للكثير من المتابعين السياسيين والإعلاميين، إلا أن الاهم، ما هو الدور الذي تلعبه هذه المنتديات الإلكترونية على أرض الواقع؟!.

تاريخياً، اعتمدت المعارضة البحرينية في الحقبة التسعينية على الإنترنت والمواقع الإلكترونية، وباشرت بعد مرحلة الإصلاح السياسي الاعتماد على شبكة الإنترنت كوعاء سياسي، وكجهاز تسويقي لوجهة نظر المعارضة على الصعيد الدولي.

وأدركت المعارضة أهمية الشبكة العنكبوتية في تسويق ملفها الدستوري، فكان أن أنشأت الأمانة العامة الدستورية موقعاً إلكترونياً متخصصاً. إلا أن المواقع الإلكترونية للجمعيات السياسية الأربع كانت هي من لاقت الاهتمام الأوفر من قبل الكوادر الفنية في الجمعيات السياسية، وبمستويات متفاوتة، ولم يحض موقع الأمانة العامة الدستورية بأية أهمية تذكر.

المعارضة البحرينية في منطقتين:

يمكننا تصنيف الفضاءات السياسية للمعارضة البحرينية ضمن منطقتين، تتقاطع المنطقتان تارة، وتارة أخرى تتصل أفكار المعارضة داخل هاتين المنطقتين، واختلاف الأدوار وارد، فالمسألة سياسية، وفي السياسة ليست ثمة نهايات في التحويل والتأويل.

الملاحظ، هو أنه ثمة ظاهرة «خرق إلكتروني» لأولويات المعارضة بين المنطقتين، وهذا ما سيأتي بيانه لاحقاً في هذه القراءة المبسطة.

المنطقة الأولى: تمثلها الأجسام السياسية القانونية، وهي «جمعية الوفاق الوطني الإسلامية»، «جمعية العمل الديمقراطي»، «جمعية العمل الإسلامي»، و«جمعية التجمع القومي الديمقراطي - لا تمتلك موقعاً إلكترونياً»، مضافاً لها موقع «الأمانة العامة الدستورية»، مع الاختلاف على مدى قانونيته.

الملاحظ على إعلام المعارضة «القانوني» أنه إعلام لا يتسم بالتفاعلية، فلا يمكن لأي عضو من الأعضاء أن يتم إجراءات التسجيل أو دفع الرسوم من خلالها. كما أن هذه المواقع الألكترونية لا تحتوي على أية روابط بالمؤسسات السياسية الدولية، ولا تحتوي على أية وسيلة اتصال إعلامية باللغة الإنجليزية، هذا ما يجعلنا نعتقد أنها أشبه ما تكون بمواقع الترف السياسي، ثمة جمعية سياسية، إذاً لابد من موقع إلكتروني، ولو للزينة.

هذه المواقع الإلكترونية لا تمتلك أي خيارات تواصلية كالاشتراك في خدمة الأخبار، بمعنى أنها في غالبية اتصال سياسي موحد الاتجاه، من الجمعية السياسية نحو جمهورها السياسي المنتمي للجمعية فقط.

المنطقة الثانية: هي منطقة «المنتديات الإلكترونية»، وتمثل هذه المنظومة منطقة عصية على التحليل والتأويل، فالتباينات السياسية في المواقف السياسية لهذه المواقع إذا ما أضيفت لها تلك السلسلة الطويلة من الاتهامات بين المعارضة والحكومة وبعض الإعلاميين، فإن أية إشارة سياسية لتوجهات هذه المواقع تعتبر «تأويلاً افتراضياً» لا أقل ولا أكثر.

المنتديات الإلكترونية تمثل فضاء «الخرق السياسي» للكثير المرئيات السياسية التي تتبناها المعارضة القانونية، وهي في التوقيت نفسه منطقة التسويق الإعلامي لأجندة المعارضة وفعالياتها السياسية. هذه الأدوار المتباينة للمنتديات تجعلها مثار جدل في أروقة السياسة والإعلام على حد سواء. هذه الظاهرة مرجعها ان المنتديات الإلكترونية لا تخضع للتنظيم القانوني الحزبي كما هو الحال في جمعيات المعارضة، كما فلسفة المنتديات تقوم على «الإعلام التواصلي» المستمر، وهو ما لا تستطيع أية منظومة قانونية التحكم به.

«بحرين أونلاين» الفزاعة...

يأتي في مقدمة المنطقة الثانية داخل المعارضة الإلكترونية الموقع المثير للجدل «ملتقى البحرين» أو «بحرين أونلاين»، والذي طالما وجهت له انتقادات لاذعة من شتى الأطراف حكومية ومعارضة، فالحكومة تتهم المعارضة بأنها من تقف خلفه، وأنها من تغذيه، وبعض أطراف المعارضة تعطي افتراضات علاقة سرية بين أصحاب الموقع من جهة، وبين الحكومة من جهة أخرى.

والواقع أن «بحرين أونلاين» يمثل ظاهرة إعلامية وسياسية فريدة لابد من دراستها بدقة، الإعلاميون على اختلاف ميولهم السياسية يهتمون بما يكتب في «بحرين أونلاين»، وعلى رغم الكثير من المآخذ عليه، فالموقع يعتبر محركاً اجتماعياً لابد ان يأخذ حصته من البحث والتمحيص، نجد على سبيل المثال أحد كبار الإعلاميين البحرينيين في إحدى الصحف المحلية الزميلة ما انفك منذ سنتين عن الرد ونشر ردود الكتاب في «بحرين أونلاين» على مقالاته اليومية!!، وهذا ما يدلل على أن هذا الموقع يمثل «فزاعة» للإعلاميين والساسة على حد سواء.

المهم في الأمر أن هذه المنطقة من المعارضة الإلكترونية والتي يتزعمها هذا الموقع - تشير بعض الإحصائيات أن عدد المتصفحين لموقع «بحرين أونلاين»، يأتي تعدادهم بعد عدد متصفحي صحيفة «الوسط» وإحدى الصحف المحلية مباشرة - هي منطقة ذات فاعلية سياسية أكثر ما اتت به فاعلية المنطقة الأولى، طوال السنوات الأربع الماضية، والشواهد عدة، ويطول شرحها.


Google«مملكة البحرين» = المعارضة «صفر»

تاريخياً، تذرعت «الحكومة البحرينية» بالانسحاب من الحوار الوطني مطلع 2005 على خلفية «مشاورات سياسية» زعمت الحكومة أن «التحالف الرباعي» عقدها مع السفارة البريطانية، وبالنسبة إلى المعارضة والسفارة البريطانية فقد نفيا هذا الادعاء بشكل رسمي.

الملاحظ أنه وبعد هذه القطيعة بين الحكومة والمعارضة إزدادت وتيرة الخطاب الإعلامي المعارض للالتجاء/ الاستقواء بالخارج، وعلى رغم أن الكثير من الرموز السياسية داخل المعارضة مازالت تراهن على الاستقواء بالخارج، فإنها ملتزمة - على ما يبدو - برأي الغالبية المناهض لمثل هذا التوجه السياسي.

وعملياً، نجد هذه الرؤية تتفق مع الفضاء الإلكتروني للمعارضة في غالبية المحتوى السياسي لفضاءاتها الإلكترونية، وقد تتخالف معها في بعض المواقف والمشاهد الإلكترونية، لكنها على مستوى كبير من «الندرة». في الغالب لا تتجه المعارضة لتصدير خطاب سياسي يطلب المساعدة من الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة، ولم تستثمر المعارضة «مشروع الشرق الأوسط الكبير» عبر إسقاطه سياسياً على التجربة الإصلاحية في البحرين.

كذلك نلاحظ أنه لم يسبق للمواقع الإلكترونية للمعارضة أن احتوت على أي نتاج باللغة الإنجليزية، ولا تقدم هذه المواقع خدمات الترجمة لأي من خطاباتها أو ملفاتها السياسية، ولم تصدر يوما ما نسخاً باللغة الإنجليزية لمطبوعاتها السياسية بما يشمل مطبوعات الأمانة العامة الدستورية الراعي الرسمي لملفها الرئيسي.

إن هذه السلسلة من الشواهد تدلل على أن المعارضة لم تكن جادة حين توجهت لافتتاح مواقعها الإلكترونية في مخاطبة المجتمع الدولي، ولعلها كانت مجرد أجهزة «نشر» publicity، ذات طابع محلي بحت. المعارضة لم تكن تمتلك - ولاتزال - أي خطط استراتيجية لتوجيه فضاءاتها الإلكترونية لصالح دعم قضاياها، وهي لاتزال محدودة الطموح في زيادة حصتها من السوق الإلكترونية السياسية، إذ مازالت نتيجة البحث في google باسم مملكة البحرين محتفظة بنتيجة «صفر» للمعارضة!


الإشكالية القانونية في الحقل الإلكتروني

إذا كانت المعارضة الإلكترونية تمثل خروجاً عن الرقابة، فقد يكون السؤال عن قانونية هذا الحقل السياسي الإلكتروني ترفاً لا فائدة منه. إلا أننا سنقارب الموضوع من زوايا معالجات متخالفة، علنا نستكشف أفكاراً من هنا، وهناك.

إذاً، هل يحتوي الحقل السياسي الإلكتروني على قانون ضبط، بمعنى هل ثمة سلسلة من التعليمات والأوامر التي تحكم عمله، طبعاً إذا قمنا باستثناء الضوابط التقنية وخصوصاً الفاعل المستضيف HOST فإننا أمام صورة بالغة التعقيد، منها:

أولاً: هناك اتجاه يرى أن الحقل الإلكتروني الإعلامي والسياسي يعيش تسارعاً كبيراً، يجعل من أية منظومة قانونية جاهزة في الأنماط الاعلامية والسياسية التقليدية، عاجزة عن مجاراة الفضاءات الإلكترونية. وملخص هذا الرأي يذهب إلى أن الفضاء الإلكتروني هو فضاء اجتماعي متسارع، ويفوق أياً من النماذج الاجتماعية الأخرى، لا اعتقد انه يحق لنا الاعتقاد بأن القائمين على المواقع الإلكترونية مسئولون عن محتوى منتدياتهم، فالضبط لهذا المجتمع عملية بالغة التعقيد، والتسارع التقني غير المنضبط يفرض علينا التسليم بأن الأمر في مجمله «خارج عن السيطرة».

ثانياً: اتجاه آخر، يرى أن المشكلات القانونية التي تطرأ على الحقل الإلكتروني، ناشئة عن كون التشريع القانوني للحقل الإلكتروني أشبه بالتعدي من قبل حقل الصحافة والنشر الإعلامي الكلاسيكي على الفضاء الإلكتروني المستقل، وهو ما لا يراعي انفصال الحقلين واختلاف آفاقهما، والفاعلين فيهما.

ولذلك غالباً ما تظهر الصحف ذات توقيت «الأربع وعشرين ساعة» عاجزة أمام أي منتدى من المنتديات السياسية، التي تتبدل محتوياتها كل ثانية، خصوصاً إذا ما راعينا اختلاف البيئة القانونية وقوانين الضبط التحريرية والأدبية في كلا الحقلين، وبما أن مواقع المعارضة العربية هي ذات محتوى سياسي بالضرورة، فإن إشكال التعدي المفهومي يكون مضاعفاً.

ثالثاً: ثمة اختلاف بين أسبقية القوانين الإنترنتية وبين الحقل الإلكتروني، بمعنى إشكال التقادم القانوني الإنترنتي، فمن منهما أتى قبل الآخر. العالم تفاجأ بالفضاء الإنترنتي ومن ثم عمل على تنظيمه، والقوانين الضابطة للفضاء الإنترنتي، تعيش حالاً من العجز في التعامل مع ديناميكية النص الإلكتروني، والارتباطات الإنترنتية hyperlinks، hypertext وطبعاً لنا أن نتصور أكبر اشكالات الضبط مع فواتح المواقع المغلقة «كوكيز»، إذاً أليس إغلاق أي موقع إلكتروني ليس أكثر من «اختبار مقومات الحرفنة الإلكترونية لدى جمهور الإنترنت في الوصول لذات الموقع بطرق أخرى». بمعنى أن المسألة لا تزيد في الغالب عن استهلاك ما لا يزيد عن دقيقة أو دقيقتين بحث وطلبات مساعدة في المواقع الأخرى والمتعاطفة. التي غالباً ما تساعد في الوصول إلى المواقع الممنوعة في «ثوان معدودة».

رابعاً: القانون في صفته الاعتبارية يعتبر ظاهرة وجودية، بينما تذهب بعض الآراء إلى اعتبار الحقل الإنترنتي، مجتمعاً افتراضياً. في الحقيقة، ان الجزم بافتراضية الحقل الإلكتروني يحمل الكثير من الاشكالات، مثلاً، كيف يمكن لنا اعتبار العمليات الاقتصادية والتجارية الكبرى التي تدار عبر هذا الحقل، عمليات افتراضية. كما أن الكثير من الدول الغربية تعتبر الظاهرة الافتراضية مادة رئيسة في قياس الرأي العام، وبالتالي هي مورد مهم في التأسيس لاتخاذ القرارات السياسية، ولا يمكن أن نعتبر أمرا بهذه الخطورة، فضاء افتراضياً.

جمعيات المعارضة في الدول العربية قد تستخدم فضاءها الإلكتروني لتنظيم المظاهرات السياسية والحملات الوطنية المناهضة للحكومات، من هنا لا يمكن ان يكون الحدث السياسي حدثاً لا وجودياً.

ومن الملاحظ أن جميع مخرجات OUT PUT DIVICES تعتبر ظاهرة وجودية كاملة وفاعلة. قد يعتبر «المقال الإنترنتي»، ظاهرة سياسية افتراضية، لكننا حين نقوم بطباعتها فإنها ذات حضور وجودي وفاعل، كما أن الموضوعات الإنترنتية الافتراضية حين تتصدر «أعمدة الصحافة» فإنها ليست وجوداً افتراضياً. بل هو عين الواقع، في الحقيقة، ان إغلاق المواقع الإلكترونية هو تحديداً أكبر دلالة مادية على أن الحقل الإلكتروني ليس افتراضياً البتة، إلا في وعائه الحامل والمتكون من أسلاك تلفونية

العدد 1299 - الإثنين 27 مارس 2006م الموافق 26 صفر 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً