العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ

لجنة الـ 45 والحرب على الطائفية

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في اللقاء الذي دعا إليه سعادة الوزير السابق عبدالنبي الشعلة، استهل الشعلة كلمته الافتتاحية بمقطع قصير، لكنه مكثف، ومعد بعناية، أكد فيه على مسألتين أساسيتين: أهمية تمسك اللقاء بالابتعاد عن القضايا السياسية، وضرورة تركيز جل أنشطته وفعالياته على محاربة الطائفية، وعلى وجه الخصوص في جوانبها السلوكية والاجتماعية، من خلال العمل على نزع فتيل الاحتقانات التي أفرزتها، والتصدي لوقف تنامي التداعيات السلبية التي تولدت عنها. لم يكن، هذا التركيز على محاربة الطائفية، الذي جاء في كلمة الشعلة والمداخلات التي أدلى بها بعض من شاركوا في اللقاء عفوياً، ووليد الصدفة المحضة، بقدر ما كان تعبيراً عن حالة تسود ما كان يدور بخلد الناشطين في الشأن العام، وتجسيداً للهموم المتداولة في صفوفهم في تلك الفترة، والتي كانت تحاول الخروج من الإرهاصات التي تبلورت حينها في النقاط التالية:

1 - حالة الإحباط الشديد التي سيطرت على قيادات المعارضة السياسية، والعناصر الملتصقة بها، أو تدور في أفلاكها، جراء النتائج التي آلت إليها أحداث «دوار التعاون»، والتي تطورت لتتحول إلى ما يشبه «الكفر» بكل شيء، ورفض كل ما يمت للعمل السياسي بصلة. ومن ثم فقد كانت المبادرة، وربما بشكل عفوي هنا، تحاول إعادة الثقة إلى الشارع السياسي البحريني، بقيادة حركته نحو مسيرة اجتماعية، يغلب عليها الطابع الإنساني. ولم يكن هناك هدف يمكن مهاجمته، ونيل إجماع ذلك الشارع عليه أفضل من الطائفية. فمن المتعذر العثور على من يمكن أن يخالف دعوات شن الحروب على الطائفية، وبكل السبل.

2 - طمأنة قيادة البلاد، التي نفد صبرها من محاولات إعادة بناء الثقة بينها وبين المعارضة، وبالتالي فطرح أي موضوع بينهما، باستثناء الحرب على الطائفية وحقن الدماء، يمكن أن يرفع علامات استفهام كبيرة من لدن بيت الحكم، الأمر الذي من شأنه، وضع العصي في دواليب أي نشاط يمكن أن تقوم به أية جهة ليست في السلطة التنفيذية، ومن ثم يكتسب صفة - شاء أم أبى - لا يريد لنفسه أن تلصق به.

3 - تحاشي الاصطدام بالمعارضة السياسية، التي كانت في وضع يحق لها فيه الشك في نوايا أية مبادرة تنطلق، وبشكل مستقل كلية عنها، وتعبر عن رغبة في تحقيق أي هدف سياسي، مهما كانت نعومة ذلك الهدف، أو نزع شكوك المعارضة فيما يمكن أن يشتم منه رائحة استبدال المعارضة بأخرى غيرها. هنا كان على تلك المبادرة أن تسير على خيط رفيع دون أن تفقد توازنها، أو أن تسير في حقل ألغام مهدد، في كل لحظة، بانفجار أحد تلك الألغام في جسدها.

4 - الحرص على عدم تصنيفها سياسياً، والتمسك ببعدها الاجتماعي الإنساني، الأمر الذي يؤمن لها رضا الحكم، وتعاضد المعارضة، واتفاقهما على قضية واحدة مشتركة، هي الاستفادة من الخدمات التي ستوفرها تلك المبادرة، والحرص على إزالة العقبات من طريقها. تحقيق مثل هذا الإجماع مهمة صعبة ومعقدة، ولا يمكن لأية معادلة أن تحلها، في غياب إجماع الطرفين.

على هذا الأساس، وعندما اجتمع أعضاء لجنة البرامج فقد حرصوا، وهم يضعون البرامج الملائمة، أن تكون قادرة على محاربة الظواهر التي تفشت أثناء الأحداث وفي الفترات التي لحقتها، والتي يمكن حصر أهمها في النقاط التالية:

1 - التنظير الطائفي، حيث برزت في الشارع السياسي دعوات طائفية ترتكز على خلفيات نظرية تجزم، دونما أي حق، وبناء على تلك النظريات التي أخذ البعض منها نكهة عقيدية، بثورية فئة، وتقاعس أخرى. وأخطر ما في الأمر هو الانفتاح الإيجابي، وخصوصاً في صفوف الشباب، الذي تلقف بشكل إيجابي مثل هذا الطرح، الذي دغدغ عواطفه. وجدت لجنة البرامج ضرورة وضع برامج قابلة للتطبيق، وتحمل في أحشائها مقومات النجاح، من أجل شن حملات متتالية، لا هوادة فيها ضد تلك الدعوات الضالة التي كانت تهدف إلى تشجيع الطائفية، وري شجرتها الخبيثة، فنجاح المد الطائفي يُعبِّدُ الطريق أمام تلك الدعوات، ويدافع عن مصالح من يقف وراءها.

2 - السلوك الاجتماعي الطائفي، حيث انشطر الشارع البحريني، بشكل واضح إلى فئتين متناحرتين تمقت الواحدة منهما الأخرى. وكان لا بد هنا من بروز جهة مثل «لجنة الـ 45»، تأخذ على عاتقها محاربة تلك النزعات، وتعرية القوى التي تقف وراءها، بغض النظر عن نواياها، من خلال محاربة مشاريع التأهيل الاجتماعي السلبي، الداعي إلى التوقع الطائفي، الذي بوسعه أن يحقق الحماية الأفضل لمن ينتمي إليه، تماماً كما توفر الكانتونات السياسية الحماية لأفراد المجتمع الذين ينتمون لأيٍّ منها. ومن ثم كان لابد للجنة من أن تطرح أنشطة اجتماعية، بعيدة كل البعد عن السلوك السياسي، لكنها تمس بعمق جذور الطائفية، وتكون قادرة على اقتلاعها، من خلال محاربة هذا التأهيل الاجتماعي السلبي، الذي بوسعه أن يكون الركيزة الأساسية للانطلاق من خنادق الدفاع في الحرب على الطائفية، إلى مواقع الهجوم عليها.

لاشك إن طريق لجنة الـ 45 طويلة، لكن إصرار إعضائها، والخبرة التي يمتلكونها، كفيلة بنقل أنشطتها من الورق الذي دونت عليه، إلى المجتمع الذي تبحث عن أفراده من أجل إصلاحه

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3153 - الإثنين 25 أبريل 2011م الموافق 22 جمادى الأولى 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً