العدد 1307 - الثلثاء 04 أبريل 2006م الموافق 05 ربيع الاول 1427هـ

هل تركيا أمام ثورة جديدة لـ «العمال الكردستاني»؟

فاروق حجي مصطفى comments [at] alwasatnews.com

كاتب سوري

كشفت الأخبار عن تصاعد التوترات بين الأكراد والسلطات التركية منذ عدة أيام، نتيجة قمع السلطات للمظاهرات التي رافقت تشييع جنازة الذين قتلوا في المصادمات بين قوات الأمن التركي والمتظاهرين الاكراد. وهذا مؤشر على ان شرارة الحرب قد بدأت تظهر على السطح مرة أخرى بين حزب العمال الكردستاني وتركيا، ويؤكد أن الربيع التركي سيكون ساخنا هذا العام.

قبل فترة قال قيادي في «كوما كومله كردستان» (حزب العمال الكردستاني سابقا) عبدالرحمن جادرجي في حوار أجرته معه «الوسط» ان حزبه سيشن حربا متقدمة في الربيع، ضد تركيا، وبرر ذلك بأن «تركيا تماطل في اعترافها بالحقوق الكردية، وانها لم تكف عن هجومها على مواطني كردستان». من يراقب الاوضاع في تركيا يلاحظ ان ساحتها، منذ بداية شهر مارس/ آذار، لم تنقطع فيها التوترات بين قوات الأمن التركية ومواطني جنوب شرق تركيا (كردستان الشمالية)، ولعل أسبابها تكمن بدرجة أساس - حسب اكراد تركيا - في أن فكرة إعطاء الحرية للأكراد لم تنضج بعد لدى الأوساط العسكرية والامنية، وحتى على مستوى رئيس الحكومة رجب طيب اردوغان الذي طالب المواطنين بالهدوء، أثناء الاحتفال بعيد قومي للأكراد، وتجنب مفردة الأكراد مع أن الخطاب كان موجها إليهم. ثمة من يرى أن مآخذ الأكراد كثيرة على تركيا، لعل أولها: الهجمات التركية على مواقع العمال الكردستاني وعلى مدن كردستان، تتكاثف يوماً بعد يوم.

وثانيها: مازالت سياسة العزلة مفروضة على رئيس حزب العمال الكردستاني، الذي يتمتع بتأثير قوي على الشارع الكردي، ولعل هذا التأثير يزداد مع الضغوط التركية على الأكراد من جهة، وبقاء اوجلان معزولاً عن السجناء والزوار من جهة أخرى.

ثالثها: ان تركيا ماضية في قمع الأكراد وهي تنتظر الفرصة حتى تقمعهم، ويأتي الأكراد بمثال على الضغوط التي مارستها قوات الأمن أيام احتفال الاكراد بعيدهم القومي (النوروز)، إذ التزم الأكراد بالنظام العام، ولم يذهبوا بعيداً عن قيم رسالة الـ «نوروز»الحضارية والسلمية.

الصحافة التركية وصفت ما يجري في دياربكر من توترات بأنه «ساحة حرب»، وربما الوصف دقيق، فاذا كانت ساحة الحرب فان الأكراد هم المنتصرون بحسب بعضهم. وهناك من يراهن منهم على الظرف الدولي والاقليمي والداخلي، وبرأيهم قيام حزب بالحرب «الدفاعية» لا يؤثر على الحزب، بل سيكون تأثيرها على تركيا أكبر، فهي التي ستحرج أمام الاتحاد الاوروبي، الذي سيقف على عدم قيامها بإصلاحات جدية على الساحة الكردية، وان السماح لبث إذاعي وتلفزيوني ما هو إلا ترقيعات، ولم تقترب تركيا بعد إلى جوهر المشكلة.

أميركياً، حتى الآن لا ترى الولايات المتحدة فائدتها عندما تخوض حرباً مشتركةً مع تركيا ضد العمال الكردستاني، ومهما كانت التبريرات فهي تعرف ان ضرب العمال الكردستاني سيؤثر على التحالف الكردي الأميركي، وهي أحوج إليه في هذه الايام، وخصوصاً بعد تفاقم الصراعات الطائفية في العراق.

كردياً لن تؤثر حرب العمال الكردستاني على الاكراد ومواقفهم، لأنهم لا ينطلقون من كردستان العراق، ولأن اكراد العراق خصوصاً رئيس العراق جلال الطالباني ورئيس الاقليم مسعود البرزاني، أبديا استعدادهما في أكثر من مناسبة للقيام بدور ايجابي بين تركيا وأكراد تركيا، لكن تركيا لم تعر أي اهتمام لهذه المبادرات التي ستكون فائدتها منها أكبر من أي طرف آخر.

داخلياً كثير من الحقوقيين والمثقفين والصحافيين يقفون اليوم إلى جانب قضية الأكراد، وقد حثوا أكثر من مرة حكوماتهم لإيجاد حل لهذه القضية، إضافة إلى الوضع التركي المتأزم اجتماعيا واقتصاديا، إذ تشير المعلومات إلى ان معدل البطالة ارتفع إلى 11,2 في المئة خلال الأشهر الثلاثة ما بين نوفمبر/ تشرين الثاني ويناير / كانون الثاني الماضي، من 10,6 في المئة في الفترة من يوليو/ تموز وحتى سبتمبر/ أيلول الماضي. وقال معهد الإحصاء التركي نهاية شهر مارس/ آذار إن عدد العاطلين عن العمل خلال الفترة من نوفمبر وحتى يناير بلغ 2,702 مليون، ارتفع بنسبة 46,9 في المئة عن الفترة السابقة. المراقب للوضع يلاحظ الخطوات التي خطاها حزب العمال الكردستاني تجاه تركيا، إذ غير من سلوكه العنفي إلى الالتزام بالسلوك السلمي، فتجنب استفزاز تركيا، ولم يرفع عناصره العلم الكردستاني إلا من قبل بعض الشبان.

وفي الفترة الاخيرة بارك الحزب المبادرات التي أطلقها كل من الطالباني والبرزاني لـ «مساعدة تركيا لحل القضية الكردية». وقالت مصادر من الحزب: «نحن ندعم الحل السلمي فعلاً، فالمنطقة بحاجة إلى الاستقرار». الاكراد يبرؤن ساحتهم، فهل لتركيا مبررات لبطئها في إيجاد حل يرضي الاطراف المتنازعة ويمكن تقديمها للرأي العام التركي والكردي؟ المؤشرات تقول إذا بقيت تركيا على حالها وأصرت على الخيار الأمني، فإننا فعلاً أمام حرب جديدة بين العمال الكردستاني وتركيا

إقرأ أيضا لـ "فاروق حجي مصطفى "

العدد 1307 - الثلثاء 04 أبريل 2006م الموافق 05 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً