العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ

التغيير

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

التغيير سنة الحياة. لكن التغيير لا يعني التطور أو النمو، كما أنه لا يعني الاضمحلال أو العجز. وما هو إلا تحول من حالة ما إلى أخرى. والتغيير مرتبط بكل شيء قادر على تأثير والتأثر بما حوله. فهو مبدأ لا مفر منه يشمل كل ما في الكون بما فيه شخصك أنت. والتغيير بمثابة تخويل للحرية، لتفعل ما تشاء ومتى شئت. لكنه ليس بما يمكن وصفه ميسراً للأمور. فكما أنت يمكنك أن تؤثر على ما حولك، أنت أيضاً قابل للتأثر بما حولك. وهذا يأتي بنا إلى نقطة مهمة وهي وجود حالة من الارتباك الدائم التي تلازم بعض الرواد، وخصوصاً أولئك من ذوي بعد النظر الواسع والذين عادة يكونون سباقين في مجالهم.

يقال إن العالم يتغير مع الزمن، لكن الأصح هو أن الناس أو بالأحرى القادة، هم من يغيروا العالم. من قادة العلوم إلى قادة المال والأعمال إلى قادة الفنون، كلهم عاملون على إدراك وتفعيل رؤيتهم للمستقبل. لكن في الوقت نفسه يجدون أنفسهم تحت ضغوط خارجية مما يحيطهم وضغوط داخلية مما يؤمنون به. أفضل القادة هم من يحاولون بقدر الإمكان إيجاد نقطة الموازنة بين الرغبة لتغيير الأمور والواقع الراهن. المشكلة تقع عندما يستنزفون القادة جهودهم في محاربة القوى الخارجية، مهما كانت، التي تمنعهم من تغيير الأمور من خلال نظرتهم وعملهم.

في نهاية الأمر، كلما كان التغيير المعروض، مهما كان شكله أو نوعه، يفيد الأكثرية بدلاً من الأقلية ويؤدي إلى الارتقاء في الناحية المعيشية؛ سواءً كانت مادية أو روحانية، فهو سيتحقق. لكن عندما يؤثر هذا التغيير على مصالح البعض، وخصوصاً الأقلية الجشعة التي نجدها في كل مكان وزمان، يصبح تحقيق هذا التغيير أمراً محارباً ومقاوماً من بعض ذوي النفوذ.

إذا تجاهلنا المقاومة للتغيير عبر التاريخ، فسنجد الأمور مختلفة تماماً اليوم. الواقع هو كما أنت تريد أن تغير الأشياء، هناك من يريدها أن تبقى كما هي أو يغيرها حسب نظرته. ولذلك على القادة أن يعملوا على تطوير وتفعيل ما يريدونه من دون أن يلجأوا إلى التعصب والتوتر. وأن يعملوا على إقناع شخص بعد شخص، خطوة خطوة. سيتطلب هذا بعض الوقت، لكن مع كثافة أنظمة المعلومات ونقاط الحوار والمشاورة، تكثر الفرصة لتجنيد وإيجاد من هم يريدون وقادرون على مساعدتك في إدراك التغيير الذي تسعى إليه.

نرى أن الكثير من المقاومة ضد التغيير يأتي من سوء الفهم، ومصدره عادة يكون الخوف من فقدان المصالح. فهنا تكثر أهمية توضيح الأمور لمن لا يتفق معك. وبالنسبة إلى المصالح، فهي لا تدوم إلى الأبد، وعلى من يجد نفسه كثير المعارضة للتغيير أن يصحو ويساير الواقع. فالواقع، كما ذكرنا، هو التغيير

العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً