العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ

معدلات النمو ليست فيصلاً

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

بين الحين والآخر تطالعنا إحدى وسائل الإعلام، وخصوصاً الرسمية منها، بخبر أو تصريح يتحدث عن معدل نمو اقتصادي مرتفع تم تحقيقه في هذه البلدة أو تلك من البلدان العربية. وفي ومضة عين يتحول ذلك إلى ما يشبه المسلمة التي يتناقلها الجميع وكأنها إنجاز تنموي تبنى عليه الكثير من الافتراضات الوردية. الأمر السيئ أننا، وبفضل سيطرة وسائل الإعلام علينا نساهم في الترويج، بوعي أو من دون وعي، لهذه الفقاعة التي غالبا ما تنفجر على رؤوس من صدقوا أوهام الحيز غير الطبيعي الذي بناه الجميع لها. ليس هناك شك في أن نسبة او معدل النمو هو من المؤشرات الأساسية التي يحكم بموجبها على صحة أو متانة اقتصاد ما. لكنه، وهنا بيت القصيد، لم يعد المعيار الوحيد، وفي حالات كثيرة، وعند تقييم الاقتصادات الجديدة يفقد هذا المعيار نسبة عالية من أهميته التي تتناسب عكسيا مع اقتراب الاقتصاد المعني من أداء الاقتصاد الجديد. هذا يفسر ما نسمعه من أن اقتصادا متقدما وصحيا حقق نسبة نمو أدنى من آخر يعرف الكل انه مريض ويعاني من مشكلات مزمنة.

ولذلك لم يعد المحللون الاقتصاديون يستغربون دخول اقتصاد ما، حقق نسبة نمو عالية، في دوامة أزمات اقتصادية متتالية قد تقوده إلى الانهيار. الحال ليس مختلفا عند الحديث عن الاقتصادات الخليجية، فقد شهدت منطقة الخليج حالات من هذا النوع إبان الطفرات النفطية وخصوصاً خلال فترة نهاية السبعينات ومنتصف الثمانينات. حينها شاهد الجميع تأرجحات معدلات النمو صعودا وهبوطا بوتيرة تجاوزت كل التوقعات المنطقية او تلك المبنية على الاحصاءات.

واليوم، ومع تحول الكثير من الاقتصادات العالمية نحو خدمات ومنتجات ومن ثم، آليات الاقتصاد الجديد، إذ يجري التركيز على الخدمات بدلا من الاقتصار على تطوير الإنتاج، يترافق ذلك مع تراجع أهمية معدلات النمو كمعيار للحكم على اقتصاد ما لتحل مكانها معايير جديدة أخرى مثل، تنوع مدخلات الاقتصاد وبالتالي تنوع مخرجاته. كذلك تبرز عوامل أخرى تؤخذ في الحسبان مثل مدى وعمق وآلية عمل الجانب المشبك من ذلك الاقتصاد ودرجة تفاعلها مع المدخلات أو المخرجات العاملة فيه.

في ضوء ذلك، لا ينبغي أن تفرحنا معدلات النمو العالية ولا، بالقدر ذاته، تخيفنا تلك المنخفضة، طالما كنا في الحالتين نملك استراتيجية واضحة تقود حركتنا وتحدد اتجاهها. وإلى أن يتحقق ذلك علينا أن نقتنع أن معدلات النمو لم تعد الفيصل في الحكم على الاقتصاد. وبالقدر ذاته ليس أمام الجميع سوى الابتهال كي لا نفاجأ بما لا تحمد عقباه ولا تسر العين رؤياه

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1332 - السبت 29 أبريل 2006م الموافق 30 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً