العدد 3167 - الإثنين 09 مايو 2011م الموافق 06 جمادى الآخرة 1432هـ

معاقبة مصر

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أن يجف حبر الاتفاقية التي وقعتها حركتا «حماس» و«فتح» للمصالحة بينهما في القاهرة، بمباركة ثلاثة عشر فصيلاً فلسطينيّاً إضافة إلى شخصيات أخرى مستقلة، وقبل أن ينهي رئيس الوزراء عصام شرف جولته الخليجية، التي اضطر إلى قطعها والعودة إلى القاهرة، اندلعت الصدامات الطائفية في مصر، فاشتعلت الحرائق في الكنائس، وسقط العديد من الضحايا الأبرياء.

جاء ذلك في أعقاب تصريحات إسرائيلية مسئولة ندَّدت بالاتفاق، معتبرة المصالحة الفلسطينية والرعاية المصرية، بمثابة اعتراف من قبل السلطة الفلسطينية بمنظمة «إرهابية» هي حماس.

كما أن اندلاع الصدامات الطائفية في أعقاب إعلان كاميليا شحاتة على إحدى القنوات التلفزيونية المسيحية في مصر أنها «مسيحية ولم تتحول إلى الإسلام قط»، محاولة لتمزيق لحمة الشعب التي تميزت بها مصر على امتداد قرون من الزمان.

بعيداً عن نظرية المؤامرة، ومن دون الوقوع ضحية إسقاطات ذاتية على الأحداث التي تمر بها المنطقة العربية؛ فإنه يصعب علينا القبول بأن ما يجري في مصر مجردٌ من أصابع أجنبية لها مصلحة مباشرة في إبعاد مصر عن أي دور عربي، من خلال استنزافها في معارك داخلية، طوراً طائفية، وطوراً آخر معيشية.

فعلى المستوى الفلسطيني، وعندما يتم الاتفاق تحت مظلة مصرية، هذا يساهم في أن يعيد إلى مصر دورها القيادي في المنطقة الذي فقدته منذ هزيمة حرب حزيران 67، وبدوره يعزز من ثقلها في الأوساط العالمية التي تهمها الأوضاع في الشرق الأوسط، وخاصة بعد التطورات العاصفة التي شهدتها المنطقة منذ مطلع العام الجاري.

الأمر ذاته يتكرر حين يصل رئيس الوزراء المصري إلى دول مجلس التعاون، من أجل إزالة أي إبهام لدى قادتها بشأن الأوضاع في مصر، من جهة، ولكي يضيف الثقل العربي المصري لموازين القوى في منطقة الخليج، التي لا تميل كفتها لصالح الطرف العربي فيه اليوم من جهة ثانية. تزداد أهمية الدور المصري، عندما تربط زيارة المسئول المصري، باحتمال التقائه نظيره الإيراني في نطاق الجولة ذاتها.

كما يبدو من تطور الأوضاع المصرية، أن هناك قراراً تبنته مجموعة من الدول، من غير المستبعد أن تكون إسرائيل من بينها، أخذت على عاتقها معاقبة مصر من خلال إرهاقها من الداخل، وإغراقها، إما في أزمات اقتصادية، أو معارك داخلية، ما يستنزف طاقاتها، ويجردها من أي دور عربي بنَّاء.

وإذا ما وضعنا الساحة الفلسطينية جانباً، وحصرنا الأمر في النطاق الخليجي، فمن المنطقي أن تتضاعف الحاجة إلى ثقل عربي، يواجه الثقلين الإيراني والتركي، اللذين يحاولان، كل من جهته، ودفاعاً عن مصالحه الذاتية، أن تكون لهما كلمتهما في إعادة ترتيب منطقة الخليج العربي، كجزء من إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط الجديد

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 3167 - الإثنين 09 مايو 2011م الموافق 06 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً