العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ

مروان البرغوثي في القدس

خصصت ندوة اليوم السابع في المسرح الوطني الفلسطيني لقاءها لمناقشة كتاب»ألف يوم من العزل الانفرادي» للأسير مروان البرغوثي والذي صدر هذا العام 2011 عن دار الشروق للنشروالتوزيع في رام الله، والدار العربية للعلوم ناشرون، ويقع في 255 صفحة. وقال جميل السلحوت: «من يطلع على كتاب ألف يوم في زنزانة العزل الإنفرادي للمناضل مروان البرغوثي سيجد نفسه أمام إنسان مختلف ومتميز، ليس لأنه أسير يكتب من خلف القضبان، فالأسر وعذاباته طال أكثر من ثمانمئة ألف فلسطيني من الأراضي الفلسطينية التي وقعت في الأسر هي الأخرى في حرب يونيو/حزيران 1967 العدوانية، بل لأنه كتب عن تجربته الطويلة في الأسر- والتي لم تنته بعد - بطريقة مختلفة عن سابقيه، مع تأكيد أن أدب السجون والكتابة عن التجربة الاعتقالية ليست جديدة على الساحة الفلسطينية والعربية وحتى العالمية، وممن كتبوا بهذا الخصوص: أسعد عبدالرحمن في مطلع سبعينيات القرن الماضي «يوميات سجين» كما صدرت مجموعة قصص «ساعات ما قبل الفجر» للأديب محمد عليان في مطلع ثمانينيات القرن الماضي، و»الزنزانة رقم 706» لجبريل الرجوب، وروايتا «ستائر العتمة ومدفن الأحياء» وحكاية «العمّ عز الدين» لوليد الهودلي، و»رسائل لم تصل بعد» ومجموعة «سجينة» للراحل عزت الغزاوي و»تحت السماء الثامنه» لنمر شعبان ومحمود الصفدي، وفي السنوات القليلة الماضية صدر كتابان لراسم عبيدات عن ذكرياته في الأسر، وفي العام 2005 صدر للنائب حسام خضر كتاب»الاعتقال والمعتقلون بين الإعتراف والصمود» وقبل عام صدرت رواية»المسكوبية» لأسامة العيسة، وقبل أسابيع صدر»الأبواب المنسية» للمتوكل طه، وأعمال أخرى لفلسطينيين ذاقوا مرارة السجن، كما أن أدب السجون والكتابة عنها وعن عذاباتها معروفة منذ القدم عربياً وعالمياً أيضاً ومنها ما أورده محمد الحسناوي في دراسته المنشورة في مجلة «أخبار الثقافة الجزائرية» والمعنونة بـ «أدب السجون في رواية» ما لاترونه» للشاعر والروائي السوري سليم عبدالقادر، وهي «تجربة السجن في الأدب الأندلسي» لرشا عبدالله الخطيب» و»السجون وأثرها في شعر العرب» لأحمد البزرة و»السجون وأثرها في الآداب العربية من الجاهلية حتى العصر الأموي» لواضح الصمد، وهي مؤلفات تهتم بأدب العصور الماضية، أما ما يهتم بأدب العصر الحديث، فنذكر منها: «أدب السجون والمنافي في فترة الاحتلال الفرنسي» ليحيى الشيخ صالح و»شعر السجون في الأدب العربي الحديث والمعاصر» لسالم المعوش وأحدث دراسة في ذلك كتاب «القبض على الجمر» لمحمد حُوَّر»

أما النصوص الأدبية التي عكست تجربة السجن شعراَ أو نثراً فهي ليست قليلة، لا في أدبنا القديم ولا في الأدب الحديث: نذكر منها «روميات أبي فراس الحمداني» وقصائد الحطيئة وعلي بن الجهم وأمثالهم في الأدب القديم. أما في الأدب الحديث فنذكر: «حصاد السجن» لأحمد الصافي النجفي و»شاعر في النظارة: شاعر بين الجدران» لسليمان العيسى وديوان «في غيابة الجب» لمحمد بهار: محمد الحسناوي وديوان «تراتيل على أسوار تدمر» ليحيى البشيري وكتاب «عندما غابت الشمس» لعبدالحليم خفاجي ورواية «خطوات في الليل» لمحمد الحسناوي وقد يكون آخر إصدار هو رواية «ما لا ترونه» لسليم عبدالقادر.

وهذا العام (2011) صدر عن دار الشروق للنشر والتوزيع في رام الله، والدار العربية للعلوم ناشرون كتاب مروان البرغوثي «ألف يوم في زنزانة العزل الانفرادي» والذي يقع في 255 صفحة، وقدم له الشاعر والاعلامي اللبناني المعروف زاهي وهبي.

والقارئ لكتاب البرغوثي سيجد نفسه أمام مبدع كتب شيئاً عن تجربته - ولم يكتب كل شيء - وما جرى له ومعه في فترة اعتقاله الحالية التي ابتدأت في 15 أبريل/نيسان 2002 ولاتزال متواصلة، ونأمل أن تنتهي هذه الحقبة المريرة بأسرع ما يمكن لينعم بالحرية هو وآلاف الأسرى الآخرون، ومنهم من دخلوا عامهم الرابع والثلاثين خلف القضبان، وسيلاحظ القارئ أن مروان البرغوثي كتب سرداً لتجربته فيه قص ورويّ ومذكرات وسيرة بلغة وأسلوب أدبيين، وابتعد عن الشعارات البراقة ولغة التهييج، ومع تعدد الأساليب في كتابته إلا أن المرء سيجد نفسه أمام قائد لا تلين له قناة ويعرف ما يريد تماماً، قائد ضحى ومستعد للاستمرار في التضحية، قائد مؤمن بحتمية النصر المؤكد، على رغم ظلام الليل الطويل، وسيجد نفسه أمام مُربٍّ يُعلم ويُربّي ويُوجه وينصح، لكنه قبل هذا وذاك سيجد نفسه أمام إنسان أولاً وأخيراً، إنسان بكل ما تعنيه الإنسانية من واجبات وحقوق، وسأحاول هنا الكتابة عن مروان الإنسان من خلال ما جاء في كتابه.

مروان الإنسان:

تتجلى روعة مروان البرغوثي بإنسانيته التي يعيشها ولو مع ذاته، على رغم أنه يعيش في زنزانته وعزله في الأسر ظروفاً لا إنسانية، في محاولة من آسريه لقتل مروان الانسان، لكن مروان الذي يعي المرحلة التي يعيشها وطنه وشعبه يحيا إنسانيته كما يريدها، وهو بهذا ينتصر على أعداء الإنسانية، وقد تجلت الإنسانية بأسمى معانيها في مروان الإنسان في مواقف ومشاعر كثيرة منها.

الإبن البار بوالديه:

-يستذكر مروان والديه الفقيرين بكثير من الفخر والإعتزاز، وبكثير من الحنين وطلب الرضا، يتذكر بامتنان كبير كيف كدحت هذه الأم الصابرة في سبيل تحصيل قوت أبنائها، ويشعر بشوق والدته له، وعذاباتها من أجله، ويشعر بالخشوع أمام دموعها الغالية، ويحنّ الى تقبيل يديها كنوع من البرّ بالوالدين وردّ للجميل لأمّ مكافحة، ويتمنى لو أن الله أطال عمر والده الذي توفي ومروان لايزال طفلاً، ليرى أبناءه وقد صاروا شباباً، ولم يُرد لوالده أن يموت وخلفه أطفال يؤرقه مصيرهم.

الزوج المحب الوفيّ:

تطرق مروان البرغوثي وبفخر مرات كثيرة إلى زوجته المحامية فدوى واصفاً إياها بالحبيبة الصابرة والمناضلة والوفية، فقد انتظرته عندما سجن للمرة الأولى، ورفضت كل من تقدموا لها، وصبرت واحتسبت، عندها أنجبت بكرها قسّام في أكتوبر/تشرين الأول 1985 وزوجها مروان في السجن، وأسمت المولود بالاسم الذي اختاره له والده السجين، وعملت وكدحت في سبيل تربية أبنائها أثناء اعتقال زوجها، والتحقت بالجامعة ودرست الحقوق لتكون محامية تستطيع الدفاع عن حقوقها وحقوق أبناء شعبها، ورعت أبناءها في المدارس وحتى الجامعات، وجابت أكثر من أربعين دولة لتشرح قضية الأسرى الفلسطينيين العادلة، ومن ضمنهم زوجها، مطالبة بالإفراج عنهم، وشاركت في تأسيس منظمة تحمل اسم زوجها لتبقى قضيته حيّة بشكل دائم، وهي أيضاً مناضلة في صفوف حركة فتح

العدد 3174 - الإثنين 16 مايو 2011م الموافق 13 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً