العدد 3178 - الجمعة 20 مايو 2011م الموافق 17 جمادى الآخرة 1432هـ

التحرك إلى ما بعد بن لادن

Common Ground comments [at] alwasatnews.com

خدمة Common Ground الإخبارية

اصطبغت السنوات العشر الأخيرة بأحداث الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، التي أطلق عنانها أسامة بن لادن. إلا أن ليست هناك حاجة لأن نعيش السنوات العشر المقبلة في ظلال أسامة بن لادن.

يُثبت مقتل أسامة بن لادن، تماماً مثل حياته، أنه خلافي. سارع قادة العالم لتمجيد مصيره وكذلك تذكير شعوبهم والتأكيد أن الحرب ضد الإرهاب لا تنتهي بمقتل رجل واحد. أدت السرعة التي تم بها دفن بن لادن، وحقيقة أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما قررت عدم نشر الصور، إلى تشكيك البعض بأنه قد قتل فعلاً. وقد برز التشاؤم والشك من جميع الزوايا، من الولايات المتحدة وأوروبا والعالم المسلم ومن الطالبان في أفغانستان.

ويرى الكثيرون في الدول ذات الغالبية المسلمة ذلك على أنه نتيجة طبيعية للشكوك التي ينظر أحياناً خلالها إلى الانخراط الأميركي في الشرق الأوسط وجنوب آسيا، وخاصة نتيجة للحروب الأميركية في العراق وأفغانستان. وصرح مدير البحوث بمركز بروكنغز في الدوحة، شادي حميد لـ «لوول ستريت جورنال» بأن «الأمر متعلق بالولايات المتحدة أكثر منه ببن لادن. لقد قدّمت الولايات المتحدة طروحاتها إلى العالم، وردة الفعل الطبيعية لدى الكثيرين هي إلقاء الشكوك على كل ما تقوله الولايات المتحدة».

أما الإمام إمام جامعة نيويورك خالد لطيف، فقد اتخذ توجهاً مختلفاً، مركّزاً ليس على الجدل الدائر حول مقتل بن لادن وإنما على ما يمكن للمستقبل أن يحمله، قائلاً: «آمل أن يخفف الحدث عن قلوب كل شخص فقد عزيزاً يوم الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر، وأن نبدأ معاً عملية التعافي والتسوية اللذين تحتاجهما مدينتنا وشعبنا».

تجمّع بعض الأميركيين، ومعظمهم من الشباب عند نقطة الصفر وميدان التايمز وأمام البيت الأبيض يوم 1 أيار/ مايو، بعد خطاب أوباما للأمة في بث حي، للهتاف والاحتفال بمقتل بن لادن بأسلوب جعل الكثيرين يشعرون بعدم الارتياح. كانت منى الطهاوي، وهي معلّقة في مجال القضايا العربية، عند نقطة الصفر يوم الاثنين وشعرت أن الهتافات وكلماتها لم تفعل الكثير للتعبير عن الاحترام تجاه ضحايا الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر.

وتقول الطهاوي، مستذكرة الثورات عبر الشرق الأوسط: «أنا لا أسمع أصوات تعاطف مع بن لادن من المسلمين والعرب الذين أعرفهم. لقد شعروا بالارتياح لذهابه أخيراً. ولكنهم قلقون، وهذا أمر مفهوم، من أن يسمح له استحواذ الإعلام به باختطاف الضوء من تلك الثورات النبيلة. لقد قُتل رجل واحد، ولكن هناك العشرات الذين يواجهون الحكام المستبدين بشجاعة ويقتلون يومياً».

من نواحٍ عدة، يعتبر الإرث البارز الذي خلّفه بن لادن هو ذلك الشك الذي أصبح العديد من الأميركيين ينظرون من خلاله إلى جيرانهم، وإلى مناطق وديانات بأكملها. كما أن الشك نفسه يلوّن الكثير من العيون العربية والمسلمة عند النظر إلى أميركا.

ما سمعته من العديد من الأصدقاء المسلمين والعرب والجنوب آسيويين، هو الغضب لأن بن لادن أخذ فعلياً حقهم في أن تتم معاملتهم كأفراد، فحدّ حركتهم وسرق أصواتهم، وربط بينهم وبين أعمال لم يقترفوها ولا وافقوا عليها. وفي الوقت الذي يوجد فيه بالطبع أناس يتعاطفون مع بن لادن ويرونه رمزاً ضد الامبريالية الغربية، إلا أنهم أقلية صغيرة.

لعل الجائزة الكبرى التي يجب أن نأخذها من مقتل بن لادن هي «انعدام أهميته» المتزايدة، كما يصفها الصحافي روبرت فيسك، الذي قابل زعيم القاعدة ثلاث مرات. إذا كانت السنوات العشر الأخيرة قد تميزت بالإرهاب والخوف، فمن المناسب لها أن تنتهي الآن بولادة جديدة للديمقراطية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، ليتم تعريف السنوات العشر المقبلة بنوع التعبير الشعبي الإيجابي الذي رأيناه في مصر وتونس، حيث تمكن الناس العاديون من إسماع أصواتهم ويستمرون بذلك.

وعلى رغم أن الإرهاب لن ينتهي بالطبع بموت بن لادن، إلا أن هذه اللحظة يمكنها أن تشكّل فرصة للانعطاف، وفرصة مميزة للحوار. لقد لوّن الجهل الأميركي بجنوب آسيا والشرق الأوسط والإسلام وأعاق ارتباطاتنا مع العالم الإسلامي.

هناك مجال واسع، إذا نظرنا إلى الأمام، من الأصوات التي يجب أن نسمعها. الناس يتحدثون، فمن يصغي لهم؟

إقرأ أيضا لـ "Common Ground"

العدد 3178 - الجمعة 20 مايو 2011م الموافق 17 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً