العدد 3179 - السبت 21 مايو 2011م الموافق 18 جمادى الآخرة 1432هـ

إعادة فهم قطاع التوجيه المهني... «تمكين» مثالاً

فاضل حبيب comments [at] alwasatnews.com

.

قامت «تمكين» في شهر مارس/ آذار 2011م بإطلاق العدد الأول من مجلتها الشهرية «بعد المدرسة» في إطار حملتها الوطنية الشاملة لسد الهوة الناجمة عن التواصل الإعلامي مع فئة الشباب.

هيئة تحرير المجلة بحرينية بنسبة 100 في المئة، حيث تضم نخبة من الإعلاميين والصحافيين المشهود لهم بالخبرة والكفاءة والتميز في الحقل الإعلامي.

يمتاز خطاب المجلة بأنه متوازن إلى حد كبير، فهو يخاطب الشباب من الجنسين على قدر عقولهم، وذلك في تقديم المعلومات اللازمة إلى الطلبة في مرحلة ما بعد المدرسة، والتركيز على الحياة الجامعية والمهنية.

ما فهمته من أهداف مجلة «بعد المدرسة» أنها تسعى إلى تأسيس ثقافة العمل في قطاعات غير تقليدية بعينها، وبالمهن غير الاعتيادية التي هي محل اعتماد وحاجة الجميع بلا استثناء وتوجيه الشباب نحوها، حيث طرحت مثلاً «قطاع الخدمات اللوجستية» كواحد من أهم القطاعات الحيوية، لأن عدد الوظائف فيه سيزيد بنسبة 67 في المئة في العام المقبل (2012)، ورغبة مملكة البحرين في أن تكون مركزاً رئيسيّاً للوجستيات على مستوى (النقل، التخزين، الإمداد) وغيرها في منطقة الخليج، وذلك وفقاً للدراسة البحثية التي أجرتها مجموعة «ألين الاستشارية» بتكليف من «تمكين» لسد فجوة المهارات في يونيو/ حزيران 2009م، والتي أشارت إلى ضرورة السعي إلى إيجاد اقتصاد بحريني قوي قائم على القوى العاملة المزودة بالمهارات التي تتطلبها سوق العمل.

ولو عدنا إلى تاريخ التعليم في مملكة البحرين نجد أن وزارة التربية والتعليم بدأت فعليّاً بوضع اللبنات الأساسية في مجال التوجيه المهني في العام 1981م، عندما قامت باستقدام خبير فنلندي من منظمة العمل الدولية.

واستمرت هذه الجهود في ثمانينات القرن الماضي وتحديداً في العام 1988م، حيث تم تأسيس وحدة التوجيه والإرشاد المهني كوحدة مستقلة يُناط بها إعداد وتنفيذ البرامج لتعزيز مفهوم التوجيه المهني المدرسي لدى المعنيين من الطلبة والمعلمين وأولياء الأمور ومؤسسات المجتمع المدني وغيرهم.

والتوجيه كغيره من القطاعات التي يرتبط نجاحها بوجود قائد موجِّه، وعلى درجة عالية من الكفاءة والإلمام بتفاصيل عالم المهن، فـ (الموجه المهني) يُعرَّف إجرائيّاً بأنه: «العنصر الأساسي الذي يختص بتقديم خدمات تربوية مخططة تتكامل مع مهمات وأدوار المرشد الأكاديمي في مساعدته للطالب على معرفة ميوله وقدراته وإمكاناته الموجهة، ليكون قادراً على مواجهة الصعوبات والمشكلات التي قد تعترضه، واتخاذ القرار المناسب بنفسه تجاه مهنة المستقبل».

تتلخص مهمات وواجبات الموجّه المهني في إعداد الطلبة لاتخاذ قرارهم المهني بأنفسهم بعيداً عن الضغوط، من خلال إجراء الاختبارات والمقاييس المقننة العلمية والشخصية، والتي يتم على أساسها قياس حجم قدراتهم واستعداداتهم وميولهم.

ثمة آليات أشار إليها «الدليل الاسترشادي لمكتب الإرشاد الأكاديمي والمهني التابع لوزارة التربية والتعليم في مايو/ أيار 2006» بأنها تعين الموجه المهني في تحقيق أهدافه، مثل: اللقاءات التربوية وتنظيم المحاضرات والمنتديات المباشرة والزيارات الميدانية بغرض تزويد الطلبة وأولياء أمورهم بالمعلومات والإرشادات اللازمة قبل الانتهاء من البرامج الدراسية، لرفع مستوى الوعي المهني للطلبة ومساعدتهم على استكمال دراستهم العليا، ومن ثم الالتحاق بسوق العمل، وفقاً لمتطلبات البرامج الدراسية عبر التواصل مع القطاعين الحكومي والخاص.

كما يقوم الموجه المهني بإعداد وتنظيم الدراسات والمشاغل التربوية ليكون الطلبة على وعي وإدراك بأهمية اتخاذ القرار المهني المناسب، ورصد توجهات سوق العمل الحالية والمستقبلية والتعاون في ذلك مع مؤسسات العمل ومراكز البحث العلمي.

ولضمان نجاح عملية التوجيه المهني في عمليتي التعليم والتعلم، فإن ثمة معايير أساسية تشكل العمود الفقري، وهي:

أولاً ـ التفريد: يقوم على أساس تعزيز الذات لدى الطلبة وتلبية حاجاتهم الفردية.

ثانياً ـ المرونة: وتعني تمكين الطالب ليكون قادراً على تعديل أو تغيير تخصصه أو اتجاهه بحسب معرفته بقدراته أولاً ومتطلبات الدراسة وسوق العمل ثانياً.

ثالثاً ـ التكامل: ويكون بإقامة جسور التعاون والتنسيق المشترك بين المدرسة والبيت والإدارة المركزية، والسلطة الرابعة (وسائل الإعلام المتعددة)، والسلطة الخامسة (مؤسسات المجتمع المدني) وغيرها.

رابعاً ـ التراكم: أي أن يكون الطالب قادراً على اتخاذ قراره الأكاديمي أولاً، والمهني ثانياً، وليس العكس.

خامساً ـ الشمولية: لابد من الأخذ في الاعتبار جميع جوانب شخصية الطالب الصحية منها، والعقلية والنفسية والبدنية والاجتماعية والتحصيلية.

هذا في وقت لم تغفل التشريعات والقوانين البحرينية عن ربط التعليم العام والفني باحتياجات سوق العمل، فقانون رقم (27) بشأن التعليم في مملكة البحرين صريح في هذا المجال، فقد أشار في البند (9) من المادة (5) إلى: «تطوير مناهج ونظم التعليم العام والفني وتحديثها بما يمكنها من التعامل مع التنوع في مصادر المعرفة والتغير في مجالات العمل والمهن، بما يلبي احتياجات سوق العمل».

وأشارت وثيقة تطوير التعليم الثانوي في إطار توحيد المسارات الأكاديمية، 2004، صفحة 46 إلى عملية الإرشاد الأكاديمي والمهني والاجتماعي بأنها «أسلوب الدعم المطلوب لإعانة الطالب وتوعيته مبكراً في اتخاذ قراراته وفق إمكاناته وقدراته وميوله واستعداداته».

وبما أننا على مشارف الانتهاء من العام الدراسي الحالي 2010 /2011م فإن الوقت قد حان للطلبة البحرينيين (أصحاب المعدلات التراكمية المرتفعة) للاستفادة من المنح والبعثات السنوية لعدد من الجهات والمؤسسات، والتي نذكر منها على سبيل المثال: برنامج ولي العهد للمنح الدراسية العالمية، ومنح المؤسسة الخيرية الملكية، ومنح شركة نفط البحرين (بابكو)، ومنح السفارة الروسية، ومنح السفارة اليابانية، ومنح السفارة الأميركية، وأبرزها: أـ منحة برنامج فولبرايت للدراسات العليا (Fulbright Graduate Scholarship)، ب ـ منحة برنامج هامفري (Hubert H. Humphrey Fellowship)، ج ـ منحة برنامج فولبرايت الدولية للعلوم والتكنولوجيا (International Fulbright Science and Technology).

أعتقد بأن ما قطعناه من إنجازات يعدُّ مهمّاً في ميدان التوجيه المهني، من تشكيل اللجنة الاستشارية للإرشاد الأكاديمي والتوجيه المهني، والتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) في تنفيذ مشروع اختبار قياس قدرات وميول طلبة المستوى الأول الثانوي بالمدارس المطبقة لنظام توحيد المسارات الأكاديمية، والذي يتم من خلاله تطبيق أدوات علمية مقننة ومعتمدة عالميّاً، بهدف تقديم الاستشارة التربوية ضمن استراتيجية تطوير التعليم الثانوي، وإعداد الأدلة الاسترشادية، والتوجه نحو توسيع دائرة التواصل الإعلامي مع الطلبة، من خلال تصميم موقع إلكتروني خاص بالإرشاد الأكاديمي والتوجيه المهني.

وبالنظر إلى الأعداد الكبيرة من الخريجين سنويّاً، وعدم قدرة سوق العمل على استيعاب كل أولئك الخريجين، فإن ما تحقق من إنجازات غير كافٍ، وربما لا يرتقي إلى مستوى الطموح والتحولات المتسارعة في قطاع التوجيه المهني بوصفه قطاعاً ديناميكيّاً وحيويّاً.

نأمل ألا تقف « تمكين « عند إصدار المجلة والإعلانات في الشوارع، وإنما النزول إلى المؤسسات التعليمية عبر تنظيم ورش العمل والمحاضرات التثقيفية واللقاءات المباشرة مع الطلبة، بل والأهم من ذلك كله عرض تجارب بحرينية ناجحة في عدد من القطاعات الحيوية والمطلوبة في سوق العمل

إقرأ أيضا لـ "فاضل حبيب"

العدد 3179 - السبت 21 مايو 2011م الموافق 18 جمادى الآخرة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً