العدد 3192 - الجمعة 03 يونيو 2011م الموافق 02 رجب 1432هـ

المسرح البريطاني يغيّر وجه الهجرة

أليس هاكمان comments [at] alwasatnews.com

.

قبل بضعة أسابيع وفيما كان النقاش الأوروبي محتدماً حول السيطرة الحدودية والذي تدفعه مخاوف تذكّيها الصحافة الصفراء حول الهجرة الجماعية من شمال إفريقيا، توجّهْتُ إلى شرق لندن لأشاهد ممثلين متطوعين يمثلون في مسرحية وثائقية عنوانها «في يوم صحو تستطيع رؤية دوفر».

«أبلغ الثالثة عشرة من العمر وأنا هنا في كاليه مع ابنيّ عمي وعمرهما 10 و 11 سنة. نحن هنا وحدنا، وقد سافرنا وحدنا من أفغانستان إلى كاليه. الأمر سيئ جداً هناك (في أفغانستان). لا توجد كهرباء. الأمر مختلف تماماً عن هنا. دَفَعَت أمّهاتنا للمهرّبين مبلغ 3000 يورو عن كل واحد منا لأخذِنا إلى أوروبا».

وهكذا تبدأ قصة أحمد. وهي لا تُصدَّق، لأنها حقيقية.

سجّلت سونيا ليندن، كاتبة السيناريو الحائزة على جوائز، قصة أحمد مع غيرها التي حصلت عليها في مدينة كاليه الساحلية وحولها في سبتمبر/ أيلول 2009. وبهدف إظهار الهجرة كقضية حقوق إنسان أوروبية، قامت بجمع شهادات هؤلاء المعنيين: مهاجرون ومواطنون فرنسيون وصانعو السياسة وأكاديميون وعاملون في منظمات غير حكومية. كانت النتيجة «في يوم صحو»، واحدة من مسرحيات عديدة مماثلة تؤديها شركة مسرح حقوق الإنسان التي قامت ليندن بتأسيسها تحت اسم «أيس آند فاير» (جليد ونار).

عندما قابلت ليندن أحمد وابنيّ عمه في مركز لتوزيع المواد الغذائية في كاليه، كانوا قد سافروا من جلال آباد في أفغانستان عبر إيران وتركيا واليونان وإيطاليا وحدهم، هرباً من الرجال الذين اختطفوا آباءهم السياسيين قبل ثماني سنوات. دفعت إشاعة بمشاهدة أبيهم في بيرمنغهام، دفعت أمهاتهم لإرسالهم وحدهم، تحت رحمة مهربين يسيئون معاملة الناس، عبر أوروبا إلى المملكة المتحدة.

على المسرح، يسرد الممثل الذي يلعب دور أحمد كيف ادّعى أحمد في قطار على الحدود الإيطالية الفرنسية عدم فهمه طلب شرطي رؤية جوازات سفرهم. أثارت شجاعتهم مشاعر الشرطي (ويلعب دوره ممثل آخر) فقرر تركهم يمضون في رحلتهم بدلاً من إلقاء القبض عليهم. وبينما هو يغادر القطار استدار ليواجههم مرة أخرى ورفع ابهاميه وقال لهم «حظاً جيداً»!

مثل بقية القصص التي تسردها مسرحية «في يوم صحو»، يضخ أحمد الإنسانية في قضية يُنظر إليها في كثير من الأحيان عبر منظور أرقام الملفات والحد الأعلى المسموح به، متحدية تحاملات الجمهور حول المهاجرين.

يمكن للمهاجرين أن يكونوا أطفالاً شجعان يسافرون وحدهم، هاربين في أحيان كثيرة من النزاعات. في العام 2009، ومن بين الـ 13885 طفلاً يسافر وحيداً تم تسجيلهم لدى وصولهم إلى أوروبا، كان نصفهم أولاداً أفغانيين صغار السن. يمكن أن يكون المهاجرون كذلك ذوي ثقافة عالية. يريد أحمد أن يصبح طبيباً. وهناك شخصية في المسرحية مبنية على طالب من إيران.

تهدف مسرحيات «آيس آند فاير» الوثائقية إلى تغيير القلوب والعقول، تقول ليندن، من خلال إيجاد مسرح وثائقي مثير للاهتمام، بحيث يستطيع الناس تفهّم هؤلاء الذين يجري في العادة إضفاء صورة سيئة عليهم.

ولكن هل ينجح ذلك؟

عرضت الشركة في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي واحدة من مسرحياتها الوثائقية على موظفي وكالة الحدود في المملكة المتحدة، وهي الهيئة البريطانية المسئولة عن الهجرة. حضر المسرحية اثنان من الساعين للحصول على اللجوء اللذين عرضت المسرحية قضيتهما. وقد أثارت المسرحية مشاعر بعض موظفي الهيئة، حسب العاملين في «آيس آند فاير»، لأنه رغم كونهم يجرون معاملات طالبي الهجرة على أسس يومية، إلا أنهم، حسب قولهم «لا يقابلونهم أبداً».

بالرغم من بطء العملية، إلا أن «آيس آند فاير» تمكن تدريجياً من إيصال القصص الفردية لمن لا صوت لهم إلى الجمهور الذي هو في العادة غير مهتم وإلى بعض العاملين في مجالات الصحة والمجلس والحكومة، حيث يقع مستقبل هؤلاء اللاجئين في أيديهم.

تضفي هذه المسرحيات، بالإضافة إلى مبادرات أخرى إبداعية تهدف إلى زيادة وعي الجمهور بأزمة اللاجئين، تضفي وجهاً جديداً له ضرورة كبرى إلى حوار مرهق حول الهجرة، والذي يعتبر الآن لعبة أرقام فحسب تركّز على الهجرة واللجوء من شمال إفريقيا إلى أوروبا وتضع المشاعر الإنسانية في أغلب الأوقات على الهامش

العدد 3192 - الجمعة 03 يونيو 2011م الموافق 02 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً