العدد 3206 - الجمعة 17 يونيو 2011م الموافق 15 رجب 1432هـ

حين تغفر النساء ابحث عن السبب

محمد عبدالله محمد Mohd.Abdulla [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

اليوم لن أكتب في السياسة. كما لن أكتبَ على دَيْدَنٍ اتبعته منذ أن عَصَفت ببلادنا موجة الحزن العارمَة. ربما يحتاج الواحد منا (الكاتب والقارئ بالسَّوَاء) أحياناً إلى أن يفعل ذلك لالتقاط الأنفاس والهروب من ضغط اللحظة، وخصوصاً أن العلاقة بين الكاتب والقارئ هي علاقة عضوية تفاعلية. فإذا لم يذرف الكاتب العَبَرات فلن يذرفها القارئ، وإن لم يتفاجأ الكاتب فإن القارئ لن يتفاجأ كما كان يقول الشاعر الأميركي روبرت فروست. في كل الأحوال، فإن مقال اليوم هو كما ذكرت، وسأفرده لأحد أنواع العلاقات النادرة التي تنسَج بن البشر.

لقد شاهَدَ العالم رئيس صندوق النقد الدولي دومينيك ستراوس – كان (62 عاماً) وهو مُصَفدٌ بالأغلال. تهمته هي محاولة اغتصاب عاملة غينية (32 عاماً) تعمل بفندق سوفيتيل بنيويورك تفاجأ بها عندما كان خارجاً من حمَّام غرفته بالفندق فهَمَّ بها ليأكلها عارية، لكنها قاومته بقوة عمرها الثلاثيني، ساعدها على ذلك كهولة ذلك المتشبِّه بالفحولة. تبلغت شرطة نيويورك بالأمر فقبضت على ستراوس وهو يهم بمغادرة الولايات المتحدة.

مسكين هذا الرجل. لم تسأل عنه شعوب الأرض من شرقها إلى غربها عندما أنقذ إفلاس اليونان ورَتقَ الفتق الذي حَدَث في الاقتصاد الايرلندي خلال الأزمة المالية العالمية، لكنهم تفحَّصوه وقلـَّبُوه عندما وَقعَ في موقف جنسي لم ينَل منه حتى قبلة بهدوء. فهذه الفتاة الغينية لم تعرف هوية ستراوس على ما يبدو وأنه صاحب منصب دولي مرموق فتنمَّرت عليه وأوقعت في جسده خرمشات زنجية حادة أثناء مقاومتها له. ليس أسوأ من هذا الحظ فعلاً.

زوجته آن إليزيه شوارتز سينكلير (62 عاماً) هي مذيعة مرموقة من عائلة ثرية هاجرت مع أسرتها إلى الولايات المتحدة الأميركية هرباً من النازيين الألمان الذين دخلوا باريس مُحتلين في يونيو/ حزيران من العام 1940. وهي بمقاييس الجمال تفوق بمليار سنة ضوئيّة جمال تلك الفتاة الغينية التي حاول ستراوس اغتصابها في غرفته بالفندق. فشعرها القصير مُضمَّخ بلون كستنائي فاتن، وعيناها زرقاويتان بلا جحوظ، وجسدها ممشوق القوام تستره ملابس حريرية يفوح منها بخار برجوازي لافت وكأنها من ليديات القرن السابع عشر والثامن عشر في أوروبا.

ليس ذلك فقط، بل إن هذه الزوجة كانت خير مُعِين لبعلها طيلة مشواره العملي الذي أوصله إلى ما هو عليه الآن. فسينكلر كانت وارثة لثروة طائلة عن عائلتها جعلتها تتمتع بمنزل فخم في جورج تاون وآخر في مراكش وبشقتين فارهتين في باريس. وهي كلها امتيازات استفاد منها زوجها «الخائن». وعندما تلقت اتصالاً يُفيد بأن زوجها رهن الاحتجاز بتهمة الاغتصاب، ابتلعت الخبر بصبر أيُّوبي، بل لم يمنعها ذلك من الذهاب إلى الادعاء العام الأميركي في منهاتن لتدفع مليون دولار كفالة ً لإخراج زوجها مع إيداع ضمانة بنكيَّة بمبلغ خمسة ملايين دولار فضلاً عن مصروفات السِّوار الإلكتروني والحراسة وشقة السَّكن التي وافقت المحكمة على أن يمكث ستراوس فيها مُراقـَباً لحظة بلحظة والتي ستكلف جميعها 200 ألف دولار!

الغريب أن هذه الزوجة صرَّحت عندما قيل لها بأن زوجها زير نساء (نظراً لتجاربه السابقة واللاحقة والتي لا تنتهي) بالقول: «لا، أنا فخورة بذلك. من المهم بالنسبة إلى السياسي أن يكون قادراً على الإغواء. مادام منجذباً لي وأنا منجذبة له، فهذا يكفي». وبعد فضيحة زوجها السابقة مع خبيرة الاقتصاد المجرية بيروسكا ناغي التي كانت تعمل في الخارجية الفرنسية، قالت آن: «هناك أمر أو اثنان يمكن رؤيتهما من أميركا والجميع يعلم أن مثل هذه الأمور تحدث بين الأزواج. هذه الرحلة من الماضي»!

لم تصدِّق ما قِيل لها عن زوجها على رغم أن الادعاء العام قال «إنها تهم خطيرة جداً في القانون الأميركي، وإن الأدلة ضد المتهم جوهرية، وتتراكم يوما بعد يوم». وقد عُثِرَ في غرفته (ستراوس) الفندقية على سوائل من إفرازات جسدية يمكن أن تساعد في التحقيق، ويجري تحليلها في محاولة للعثور على آثار الحمض النووي الريبي للمتهم. كل تلك التهم لم تجد نفعاً في إقناع هذه الزوجة بأن زوجها مُذنب!

هنا سؤال واجب: هل من المعقول أن هذه المرأة تثِق في زوجها إلى هذا الحد بحيث أنها تنظر إليه وكأنه شريف روما؟! القضية باختصار ليست كذلك وهي موضع العَجَب. فسترواس قرَّر أن يترشَّح للرئاسة الفرنسية في العام 2012، بدفعٍ من زوجته التي ترغب (عبره) أن تكون سيِّدة فرنسا الأولى أسوَة بكارلا ساركوزي وبهيلاري كلينتون في الولايات المتحدة الأميركية. وما قتالها في سبيل زوجها إلا من أجل ذلك وليس شيئاً غيره! فحين يُبرَّأ ستراوس فإن الطريق سيصبح مُعبَّداً أمامه للفوز، مستفيداً من شعار الظلامة التي دبَّرها له العالـَم الأنغلوساكسوني العدو الكلاسيكي للفرانكفونية التي ينتمي إليها ستراوس وزوجته!

إذاً الموضوع بين دومينيك ستراوس – كان وآن إليزيه شوارتز سينكلير لا يعدو كونه دفاعاً عن صفقة وليس عن بيت الزوجية. وهنا لا يبدو أن الفصل بين الروح والجسد والماديات والمعنويات والأخلاق والبراغماتيا في الحياة الغربية في طريقه إلى حدٍّ يُوصَف على أنه سقف، بل هو مستمر كالسَّهم الذي لا ينتهي دفعه من الخلف، وهي بالتالي حياة تشجِّع على المنطق الصرف الذي هو دمار للروح، كما كان يقول الكاتب والطيار الفرنسي دو سانت إيكسوبيري

إقرأ أيضا لـ "محمد عبدالله محمد"

العدد 3206 - الجمعة 17 يونيو 2011م الموافق 15 رجب 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 3:33 ص

      وراء كل رجل عظيم امرأة عظيمة ......... ام محمود

      وبالعكس .. هناك بعض الظروف والمراحل والاحداث الصعبة في الحياة تحتم على الزوجة المخلصة والمحبة الوقوف مع زوجها في أحلك الأيام والساعات من أجل اخراجه من المشكلة والورطة والمأزق الذي لا يحسد عليه ولا ينبغي لها التفرج فقط أو الشماته .. الانسان مجموعه من المشاعر والاحاسيس والعواطف الذي تطغى على تصرفاته والمثل الذي يقول الصديق عند الضيق أيضا الزوج أو الزوجة الصالحة تقف مع شريك حياتها وتنصره حتى لو كان مخطئا في حقها
      وهذا يعطي أكبر دليل على مبدأ الايثار والتضحية
      (اعلم ان ما قلته لا يلامس الواقع)

    • زائر 2 | 2:26 ص

      الخيانات الزوجية والنزوات تقابل بالصفح والغفران في الدول الغربية أما عندنا فالزوجة تجلد الرجل وتعذبه ... ام محمود

      طول العمر للخطأ الفظيع الذي وقع فيه وللنزوات الغريزية المرأة العربية لا يمكن أن تسامحه وستتركه يلاقي العقاب الذي يستاهله في السجن ولن تخرجه بكفاله وأموال تصل للملايين كما فعلت زوجة دومينييك ستراوس والذي رأينا صوره في نشرات الأخبار وهو مطأطأ الرأس من الفضيحة .. لقد ذكرتني بموقف هيلاري كلينتون الشجاع مع زوجها بيل كلينتون عندما خانها مع مونيكا رده فعلها كانت هادئة وعادية يمكن لأنهم متعودين على هذه الامور هناك
      والذي يجمعهم ليس زواج بالمفهوم العادي انما شراكة وصفقات وعلاقات رسمية بحتة

    • زائر 1 | 12:48 ص

      يقال

      إذا أحبت المرأة فعلت كثيراً ، وتكلمت قليلاً

اقرأ ايضاً