العدد 939 - الجمعة 01 أبريل 2005م الموافق 21 صفر 1426هـ

نعترف بالتقصير خلال الستين عاما الماضية ونسعى الى مستقبل ديمقراطي

مديرة مبادرة الشراكة الأميركية مع الشرق الأوسط "MEPI" ألينا رامونوسكي:

خليل الأسود khalil.Alaswad [at] alwasatnews.com

أقرت مديرة مكتب المبادرة الأميركية للشراكة الشرق - أوسطية "MEPI" ألينا رامونوسكي بفشل السياسة الأميركية التي كانت متبعة خلال الستين عاما الماضية في المنطقة والمتمثلة في دعم نظم "غير ديمقراطية" وشددت أثناء حوارها في منتدى "الوسط" على أن التفكير الأميركي تغير باتجاه دعم إصلاحات نابعة من الدول ذاتها، من دون فرضها من الخارج. وشارك في المنتدى السفير الاميركي ويليام مونرو وألينا رامونوسكي، ابراهيم شريف ومحمد فاضل وعباس بوصفوان، تمام أبو صافي، خليل الاسود. وفيما يأتي نص الحوار: - رامونوسكي: أطلقت الولايات المتحدة الأميركية المبادرة الأميركية للشراكة الشرق -أوسطية في العام ،2002 وجعلناها جزءا مهما من سياستنا الخارجية في المنطقة لأننا وجدنا أن هناك حاجة، وهي تحقق اهتماما تكامليا في المنطقة. وأعتقد أنكم ترون أن المنطقة شهدت خلال السنوات القليلة الماضية تغيرات وإصلاحات. فالبحرين أعادت كتابة دستورها وهناك أنشطة سياسية تجري فيها وهي في تزايد، وعلى رغم أنها لم تصل إلى درجة أن تكون برنامجا فإنها سياسية وإذا بلغت درجة أن تصبح برنامجا فستحتاج إلى برامج لتحقيق التغيرات. تعنى المبادرة بأربع مناطق للإصلاح، وهي أولا: الديمقراطية، وتتلخص في تعزيز الديمقراطية عن طريق مساعدة وسائل الإعلام، وذلك بإيجاد القوانين التي تؤدي إلى الصحافة الحرة. تدعيم وتقوية مؤسسات المجتمع المدني وفتح الباب للمشاركة السياسية وبناء المؤسسات الديمقراطية. ثانيا: الاقتصاد، ثالثا: التعليم، رابعا: حقوق المرأة ومشاركتها في الحياة السياسية والمشكلات القانونية والاقتصادية التي تعاني منها. أتوقع أن تسألوني عن الفرق بين المبادرة ومشروع "الشرق الأوسط الكبير"، وللإجابة على هذا السؤال، أقول: "إن المبادرة الأميركية للشراكة في الشرق الأوسط هي وسيلة أخرى للسياسة الأميركية الخارجية في نشر الديمقراطية في المنطقة. وسعيا لتنفيذها نتحاور مع القطاعات الحكومية والخاصة". - إبراهيم شريف: ما مقياس الإدارة الأميركية لنجاح المبادرة؟ - رامونوسكي: عن طريق المبادرة الأميركية للشراكة في الشرق الأوسط "ميبي" تمكنا من تأسيس المنظمات وشبكات الاتصالات الداعية إلى منح المرأة كامل حقوقها وتمكينها من ممارسة تلك الحقوق. وتمكنا من عقد تجمعات للنساء، إذ يلتقين ويتبادلن وجهات النظر بخصوص الموضوعات التي تدور ليس فقط في بلدانهن وإنما في المنطقة أيضا. وتمكنا عن طريق برامجنا من إيصال المرأة إلى مراكز قيادية وساعدناها في تعلم المهارات التي تحتاج إليها كقائدة منتخبة في مؤسسات المجتمع المدني. ولدينا عدد من هذه البرامج التي استفاد منها نساء في عدة أماكن. النظر إلى المنطقة يوضح وجود حوار قائم وهناك ضرورة لوجوده، وقد نتجت عنه بعض التغيرات والإصلاحات. لدينا الآن برنامج في الجزائر مماثل لبرنامج يقام هنا في البحرين، إذ تقام حلقات تدريب لبعض القضاة يتم التركيز خلالها على حقوق الطبع الدولية. ويزود المدربون القضاة بطرق مختلفة للنظر في القضايا. وبالتالي فإن الكثير من القرارات التي صدرت عن القضاة في قضايا تناولوها جاءت مختلفة. فأعتقد أن لدينا مقياسا يبين التأثير على المستوى القريب والبعيد. - محمد فاضل: أتساءل عن الإصلاحات وتشجيع الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني في الشرق الأوسط وأنتم "كريمين" مع هذين الجانبين وخصوصا مؤسسات المجتمع المدني فيما يتعلق بالإصلاحات. والسؤال هو: لماذا؟ - رامونوسكي: لماذا؟ - محمد فاضل: نعم، لماذا تفعلون ذلك؟ سأخبرك السبب بعد أن أسمع منك، فالإصلاحات ليست أمرا أو مطلبا ظهر فجأة من العدم في المنطقة، فهو مطلب موجود منذ مطلع القرن الماضي، ولذلك أسأل لماذا الإصلاحات الآن؟ لماذا تبذل أميركا كل هذه الجهود من أجل الإصلاحات وكأنها استيقظت فجأة وقررت أن تصلح المنطقة؟ - رامونوسكي: حسنا، دعني أجيب على سؤالك. وأعود إلى ما قاله الرئيس جورج بوش في كلمة له ان أحد الأسباب هي أننا أدركنا أننا خلال الستين عاما الماضية التي كانت لنا فيها علاقة نشطة مع المنطقة، أن أحد الأمور التي لم نركز عليها هي الإصلاحات، لأننا كنا مركزين على استقرار وأمن المنطقة، ولكن لم يكن الحال هكذا ان لم نركز على الإصلاحات بالقدر نفسه. وعندما أقول إصلاحات أعني الحرية والديمقراطية في المنطقة، فأدركنا أن جزءا من ديمقراطيتنا في المنطقة لم يتطور. وإذا كنت تقول إن الإصلاحات كانت أمرا مطلوبا منذ القرن الماضي، فسأقول لك ان هناك مناطق من العالم توجد فيها مؤسسات المجتمع المدني، ولكن قدرتها على أن تصبح جزءا فعالا فيما يتعلق بالسياسة وتطوير المجتمع المدني غائبة. - محمد فاضل: هل يمكنك تفسير ذلك أكثر؟ - رامونوسكي: نعم، الاقتصاد مثلا، فعندما تنظر إلى الاستثمار المالي في المنطقة ترى أن المال لا يستثمر في المنطقة وإنما في الخارج، فجزء كبير من الأموال التي كان يمكن أن تجلب مشروعات للمنطقة تستثمر في الخارج على رغم وجود مؤسسات مالية. - محمد فاضل: أفهم من كلامك أنكم أدركتم فشلا أميركيا؟ - رامونوسكي: نعم، نعترف بالفشل. أدركنا أن الاستراتيجية التي اتبعناها في المنطقة سنوات كثيرة لم تحقق الأمن والاستقرار والديمقراطية التي ننشدها. - محمد فاضل: هل يمكنك أن توضحي لماذا حدث هذا الفشل؟ - إبراهيم شريف: هل المسألة تتعلق بمبادئ السياسة الأميركية الخارجية أم الطريقة؟ - محمد فاضل: أنا أتكلم هنا عن إحدى القوى العظمى قبل الحرب الباردة، والقوة العظمى الوحيدة الآن والتي لها وجود كبير في المنطقة منذ الحرب العالمية الثانية. وبعد 60 عاما من الوجود في المنطقة وامتلاك هذا النظام والمؤسسات الضخمة والاستراتيجية والأسلحة، فهل استيقظت الإدارة الأميركية لتجد أنها ارتكبت "خطأ"؟ هل هو مجرد "خطأ"؟ أنا أتحدث عن تعريف كلمة "خطأ"، هذا ليس التعريف الصحيح للكلمة. - رامونوسكي: أنا لم استخدم تعبير "خطأ"، أنت من استخدمه؟ - محمد فاضل: هذا ما استنتجته من كلامك، فما الذي نتحدث عنه هنا؟ - رامونوسكي: أنا قلت فشلا وليس خطأ. عندما أشرح التغير من ناحية التركيز في السياسة الخارجية، فإني أتحدث عنه في سياق الواقع واهتماماتنا ومصلحتنا في المنطقة. الأمر لا يتعلق فقط بالأمور التي تستحق التغيير. - محمد فاضل: ومتى أدركتم ذلك، بعد 11 سبتمبر/ أيلول؟ - رامونوسكي: يمكنني القول اننا أدركنا أن الحرية والديمقراطية أمران مهمان جدا تحاول الولايات المتحدة التحدث بشأنهما. - إبراهيم شريف: لماذا بدأت سياستكم الخارجية في هذه المنطقة؟ هل هي مبنية على مبادئ أو قيم معينة، والديمقراطية قد تكون احداها، أم للاحتياجات الذاتية المبنية على النفط وحماية "إسرائيل" التي لها دور مهم في الانتخابات الأميركية؟ أين هي المبادئ؟ هل نتحدث هنا عن تغيرات في هذه المبادئ غيرت أولوياتكم؟ هل نبه 11 سبتمبر الأميركيين إلى أن هذه المنطقة التي تصدر النفط يمكن أن تصدر الإرهاب؟ هل الفشل هو نتيجة التغير في أولويات المبادئ أم أولويات البرامج؟ لماذا ساندت الولايات المتحدة الحكومات في المنطقة بشكل دائم؟ فكثيرون منا ضحايا الحكومات بسبب سياسة "الكيل بمكيالين" الأميركية. لماذا ساندت أميركا الحكومات لمدة طويلة وفجأة أصبحت تريد أن تحدث إصلاحات؟ ماذا حدث إضافة إلى 11 سبتمبر؟ - رامونوسكي: أعتقد أن 11 سبتمبر لم يؤثر على المنطقة فحسب، يجب أن نكون جميعا صادقين مع أنفسنا بشأن تأثير 11 سبتمبر على المنطقة حكومات وشعوبا. السياسة التي تتبعها الولايات المتحدة مع الحكومات في المنطقة تركز على الاستقرار، وأحس الناس أن ذلك سيؤدي إلى الأمن على المدى الطويل في المنطقة، ولكن اتضح أن 11 سبتمبر إضافة إلى "الإرهاب" المتنامي في المنطقة منعنا من التواصل وأدرك بقية من في المنطقة أنهم على وشك سماع أصوات أعلى من أصوات حكوماتهم وأنهم سيقومون بإصلاحات بأنفسهم، واندمجت الولايات المتحدة في هذه العملية. فإذن، هو تغير في الأولويات وإدراك للتغيرات التي تحدث في المنطقة منذ حرب الخليج على الأقل. أعني أن الإصلاحات لم تبدأ في يناير/ كانون الثاني ،2001 فهناك حكومات في المنطقة بدأت إصلاحات في التركيب السياسي لها قبل ذلك، ودعمنا ذلك كما دعمنا الحكومات الأخرى في المنطقة التي بدأت إصلاحات اقتصادية وسياسية. وأعتقد أن 11 سبتمبر أظهر للجميع في المنطقة وللولايات المتحدة أنه يجب أن تكون هناك إعادة ترتيب للأولويات، حتى أن بعض الحكومات سرعت الإصلاحات ومن ضمنها حكومة إحدى الدول المجاورة لكم. ولذلك أعتقد أنه ينبغي أن يكون هناك اعتراف من الجميع بأن هذا جهد يبذل، وينبغي أن يكون هناك تعريف مختلف للاستقرار وينبغي إيجاد طرق للتغلب على الكثير من التحديات. نحن حددنا المشكلة منذ سنوات وبدأنا وضع استراتيجية بناء على ذلك. - إبراهيم شريف: إذن، مع أني لا أريد أن أقول انك قلت الكلمة، هناك "خطأ" في الأولويات الخارجية الأميركية ويجب إعادة ترتيبها بطريقة ما. فهناك عاملان أساسيان أثرا في السياسة الخارجية الأميركية وهما نهاية الحرب الباردة و11 سبتمبر، والعامل الرئيسي كان نهاية الحرب الباردة لأن 11 سبتمبر على أهميته لم يغير في السياسة الخارجية تجاه المنطقة لأنه خلال الحرب الباردة كان استقرار هذه البلدان أهم من التزامها بالمبادئ الأميركية في الحرية والديمقراطية لأنه في تلك الفترة لم يكن هناك حديث عن الديمقراطية في المنطقة. واسمحي لي أن أقول انه بالنسبة إلى البحرين، فإن أميركا تمتلك قاعدة فيها منذ زمن طويل، وخلال حديث لي مع أحد الموظفين السياسيين في السفارة الأميركية، ذكر أنهم يقدرون أن 500 مليون دولار أميركي تصب في الاقتصاد البحريني كنتيجة مباشرة وغير مباشرة لوجود القاعدة. وبالتالي هناك اعتماد أمني واقتصادي على أميركا، غير أن القاعدة الأميركية لم تستخدم في السبعينات والثمانينات والتسعينات، فالقدرة السياسية الأميركية تمثل تجاهلا لمبادئ الديمقراطية الأميركية التي من ضمنها احترام الحرية للجميع. - رامونوسكي: دعني أصحح ما تقول، أولا أعتقد أن رئيس الولايات المتحدة الأميركية جورج بوش قال إنه ولمدة 60 عاما لم تكن أولوياتنا مرتبة بشكل صحيح. لا أدري ماذا تريدون من الرئيس أن يقول أكثر! قال إننا قمنا بالأمور بصورة مختلفة والآن سنغير الأسلوب. أنا لا أسألكم سواء الحكومة في البحرين أو حتى أنتم إن كنتم ارتكبتم أخطاء. أنا أشرح لكم لماذا تسعى الولايات المتحدة بالتعاون معكم للتغيير، فيبقى أمر واحد وهو أن تضعوا أنفسكم في موضع من يرى أن الولايات المتحدة تساعد فعندئذ ستكون لدينا فرصة، غير أن ذلك لا يحدث. أوضح الرئيس أن أحد عناصر التغلب على الإرهاب في المنطقة هو ممارسة الديمقراطية والحرية، وهذه هي أيضا رؤية المنطقة خلال السنوات القليلة الماضية. - فاضل: هل تعلمين أين تكمن المشكلة؟ أعتقد أن هذا السؤال يطرح عليك في العالم العربي أجمع. - رامونوسكي: فعلا يطرح علي. - فاضل: هل تعلمين لماذا؟ هناك مستويان لمشكلة الصدقية الأميركية، المستوى الأول يتمثل في أن أميركا لم تكن- كما كنا نقول - تعير اهتماما لمطالب الديمقراطية والإصلاح خلال ستين السنة الماضية. من جهة أخرى، لديكم مشكلة تاريخية فيما يتعلق بالصدقية. كان هناك دبلوماسي أميركي خدم في هذه المنطقة يدعى مارك كوبلن، وألف كتابا رائعا بعنوان: "لعبة الشعب". وقد عاش بداية الصراع العربي- الإسرائيلي عند قيام "إسرائيل" في العام .1948 وكان يقول للشخص المسئول عنه ان جميع الدول العربية معنا، ولكن نقطة الضعف الوحيدة من جانبنا هي أننا نساند "إسرائيل"، وهم يشعرون أن ذلك سيؤثر على صدقيتنا. عندما أتذكر ما قاله كوبلن في الأربعينات وأرى الوضع الآن أجد أنه أصبح أسوأ، إذ تتبنى الإدارة الأميركية المعيار الإسرائيلي بشكل متطرف. الجزء الآخر في هذا المستوى هو تعريف الإرهاب، إذ يوجد اختلاف كبير بين التعريف الأميركي وتعريفنا للإرهاب. - رامونوسكي: قد يكون تعريفك للإرهاب مختلفا عن تعريف شخص آخر للإرهاب ناهيك عن اختلاف التعريف بين دولة وأخرى. - فاضل: أنا أتحدث عن الصدقية، لن يتقبل أحد توجهاتكم مادامت لديكم مشكلة تاريخية فيما يتعلق بالصدقية إضافة إلى مساندتكم لـ "إسرائيل". - شريف: المشكلة ليست في الرسالة وإنما في المرسل، والمسألة لا تتعلق بهذه الحالة فقط وإنما عالمية. فالمرسل بعث في الماضي رسالة خاطئة، ومن الصعب على العرب أن يحذفوها من السياق السياسي. بإمكانكم أن تفعلوا ما تشاؤون ولكن الرسالة لن تقبل حتى يتم تصديق المرسل. - رامونوسكي: أتفهم وجهة نظركم بخصوص الصدقية، ومع ذلك أقول إن السبب في انعدام الصدقية الأميركية بدأ يتداعى لأني أعتقد أن رسائل دعمنا الإصلاح وصلت إلى أجزاء كثيرة من العالم، وأعتقد أن لها تأثيرا منذ السنوات القليلة الماضية. قد يكون صحيحا أن هناك قضايا مثل العراق وفلسطين و"إسرائيل" ومساندة الديمقراطية تختلف وجهة نظرنا فيها ويمكن مناقشة هذه الأمور. وهناك أيضا اعتراف بأن الولايات المتحدة تساند الديمقراطية في المنطقة إذ الشعوب والحكومات تريد التغيير. وبالعودة إلى التاريخ، يمكن أن نناقش صدقيتنا من هذا الجانب وهي مسألة أخرى، ولكن عندما تقول ان الولايات المتحدة لا تتمتع بالصدقية، فليكن معلوما أننا لا نجد صعوبة في العمل مع الحكومات أو المؤسسات في منطقة معينة. فأنا مديرة "ميبي" وأتلقى محاضرات بشأن الصدقية فيما يتعلق بموقفنا من "إسرائيل" أو غيره، ولكن الكثير من الناس يتجاوزون ذلك ويفكرون فيما يمكن أن يفعلوه ليغيروا في العملية السياسية، ويزيدون من قوة مؤسساتهم السياسية ومهاراتهم الشخصية ليتمكنوا من أن يكونوا جزءا من هذا. فمع موافقتي على أن الولايات المتحدة اتخذت مواقف من قضايا معينة في المنطقة وواجهت المنطقة بالتالي مشكلة تجاه ذلك ولكثير من السنوات، فإن ذلك لم يمنع المنطقة أيضا من العمل معنا أو من دوننا من أجل التغيير. - شريف: من يستطيع أن يقول "لا" لأميركا؟ - فاضل: أتعلمين ماذا يقول الإصلاحيون في العالم العربي؟ يقولون إذا كان هناك أية فرصة للعمل مع أية جهة أميركية فإنهم مستعدون للعمل معها وليسوا مستعدين لمناقشة حكوماتهم، بمعنى آخر يقولون إنهم مستعدون للتعاون مع "الشيطان" للتخلص من الحال التي يعيشونها. مشكلة الصدقية حقيقية، ويؤسفني أن تشعري أننا نحاضر لك، ولكن على الأقل يمكننا تبادل الأفكار حتى نساعدك في تطوير برنامجك في المنطقة. تصوري أن ناشطا عربيا يجلس في الصباح في ورشة عمل مع مؤسسة أميركية، ويذهب مساء إلى منزله ليشاهد التلفزيون فيرى جنديا إسرائيليا في نشرة الأخبار يقتل أطفالا ونساء فلسطينيين، ويظهر مسئول أميركي ولا يقول حتى كلمة بخصوص ذلك ولا تمارس أميركا أي ضغط على "إسرائيل"، فماذا سيكون موقف هذا الإصلاحي؟ إنها مشكلة حقيقية فيما يتعلق بالصدقية، بينما أنتم تحاولون دائما إبعاد الأنظار عن ذلك. - عباس بوصفوان: ذكر الزميل محمد فاضل أن العرب وصلوا إلى مرحلة "الكفر" بالأنظمة في المنطقة، وهناك ضعف ثقة في صدقية توجهات الولايات المتحدة. العرب بين نارين الآن، بين حكامهم وبين توجه أميركي ليس مضمون النهايات. ومع ذلك، يمكن أن نلحظ ترحيبا على نطاق واسع بمبادرة الشراكة الأميركية في الشرق الأوسط. السؤال هو، ماهو انموذجكم عندما تؤيدون الاصلاحات في هذا البلد او ذاك؟ - رامونوسكي: أولا، الطرق التي تتخذها بلدان الشرق الأوسط في الاتجاه نحو الديمقراطية تأتي وفق قرار هي تتخذه. فالبحرين اتخذت خطوات ملحوظة بشأن العملية السياسية خلال السنوات القليلة الماضية بقيادة الملك وولي العهد. فأنتم تمتلكون دستورا وأجريتم انتخابات وأصبح لديكم برلمان، ولديكم معارضة تناقش أحيانا قضايا الماضي والحاضر والمستقبل، فهناك نشاط سياسي، إلى أين سينتهي بكم المطاف هذا أمر مازال غير معروف لأنكم ما زلتم تعملون على ذلك. هناك إمكان للتغيير إلى الأمام فيما يتعلق بالمشكلة الدستورية. وفيما يتعلق بمساندة العملية التي تمر بها الحكومة والشعب البحريني، نحن نعمل على تقوية الجمعيات السياسية والبرلمان، فالبحرين تتجه نحو الديمقراطية وكذلك الحال بالنسبة إلى الأردن والمغرب اللذين قاما بخطوات ملحوظة نحو الديمقراطية. وفي الخليج أيضا تجد عمان والسعودية أجريا انتخابات، فهناك تقدم في الاتجاه الصحيح. ويلاحظ تشجع الشعوب نتيجة تركيز الولايات المتحدة على هذه الأمور. أعتقد أن الرئيس المصري حسني مبارك قدم خطابا مهما فيما يتعلق بتعديل الدستور من أجل الانتخابات الرئاسية. فأرى أنه فيما يتعلق بالإصلاح الذي تسانده الولايات المتحدة هناك متابعة حقيقية له، وكذلك الأمر بالنسبة إلى الفلسطينيين الذين أجروا حديثا انتخابات تعتبر بمعيار أي شخص منصفة ونزيهة. في جميع هذه الأمثلة لا أعلم أكثر مما تعلم إلى أين سينتهي المطاف. وعلى رغم الاختلاف، نحن نساند الفلسطينيين ونحاول إعادة المتبرعين إلى مساندة الفلسطينيين اقتصاديا كما حدث في مؤتمر لندن. أما بالنسبة إلى العراق فهو موضوع بالغ الأهمية، فقد نجح العراقيون في إجراء انتخابات، وبانتهاء هذه العملية سيمتلكون دستورا دائما، ونحن ندعم ذلك. فيمكننا دائما الحديث تاريخيا عن السياسة الأميركية في المنطقة إلى الوقت الحاضر وهذا جزء مهم من السجل التاريخي، ولكم ما نتحدث عنه هو ما يجري اليوم، نتحدث عما تفعله الولايات المتحدة وما تطالب به شعوب المنطقة من حكوماتهم. ستجد دائما أشخاصا لا يرغبون في التعامل مع الولايات المتحدة وينتقدونها، ويمكننا مناقشة هذا الموضوع وقد نتوصل إلى تفاهم بشأنه أو لا، ولكن يجب النظر إلى ما نفعله اليوم، وقد يكون لدينا اختلاف بشأن موضوعات أخرى ينبغي التعامل معها سواء مع الشعوب أو الحكومات وهذا ما نقوم به ولكننا أيضا نقوم بشيء مختلف فيما يتعلق بمساندة الديمقراطية. وبالنسبة إلى أولئك الاصلاحيين الذين يشعرون بأنهم لا يعجبهم ما يشاهدونه على التلفزيون، فلديهم الخيار في العمل مع الولايات المتحدة أو عدم العمل معها. في كثير من الحالات هؤلاء يعودون ويفهمون ما يجري. - شريف: يبدو أن الايديولوجيين أبلغوا الرئيس أن الوضع في المنطقة ناجح وفق خطته في الشرق الأوسط ولذلك أرى أن ما ينبغي أن يحدث أن تكون الرسالة متزنة بين الإشادة والانتقاد. البرلمان لدينا "لا يمتلك أسنانا" ولكن يحصل على تأييد من التصريحات الاميركية، كيف تفسرين ذلك؟ - رامونوسكي: بما أنك عشت في الولايات المتحدة، فأنت تعرف أننا ننشد الديمقراطية الحقيقية، وأنا لا أقول ان العالم مثالي ولكني اعتقد أن هناك فرصة للتغيير وبإمكان السياسيين والجمعيات السياسية مناقشة هذه الأمور وطرحها. فمثلا ما يمكنك قوله الآن لم يكن بإمكانك قوله قبل 5 سنوات، ما يحدث في المنطقة سواء البحرين أو الأردن أو مصر هو من أجلكم انتم ونحن ندعم ذلك ونتحدث مع الحكومة ونشيد بالوعود التي يقدمونها ولكن أيضا نتحدث إليهم عندما يكون هناك بطء في تنفيذها، فهذه إذن عملية مستمرة. - شريف: وعندما تكون الحال الديمقراطية غير جيدة يجب أن يقال ذلك أيضا. - رامونوسكي: نعم. - شريف: البعض يستغل تقرير حقوق الإنسان الصادر عن وزارة الخارجية الاميركية وينشر جزءا صغيرا منه، كما لو أنه يظهر أن الوضع ممتاز تماما، فلماذا لاترد السفارة؟ - رامونوسكي: نحن نضع تقريرا بناء على الواقع ولكن كيف يستخدمه الناس ليس المشكلة، ولكن لا يمكن اتهامنا بعدم وضع تقرير حقيقي عن حقوق الإنسان. الجيد في الموضوع وهذه مهمة الصحافة أيضا وخصوصا أنكم في المنطقة تمتلكون صحافة منفتحة على رغم أنها ليست مستقلة، ولكن بإمكانكم مناقشة هذه الأمور وغيرها. - ويليام مونرو: وهذا ما نقوله، ان الأمور في البحرين تسير في الاتجاه الصحيح. - شريف: هذا صحيح سعادة السفير، ولكن عندما تتحدثون عن هذا البلد او ذاك تختلف لهجتكم، فكيف تبررون ازدواجية المعايير؟ - مونرو: اننا نقول ان الوضع في البحرين اليوم أفضل مما كان عليه قبل خمس سنوات، ولذا فاننا واضحون فيما نقول. - الاسود: لماذا تجري الولايات المتحدة الأميركية مفاوضات التجارة الحرة مع دول الخليج بشكل منفرد؟ - رامونوسكي: لأن هذه هي الطريقة التي نقوم بها، فالفكرة أن يكون هناك عدد أكبر من الدول التي يكون لديها اتفاق تجارة حرة مع الولايات المتحدة ثم سيساعد ذلك التجارة على مستوى المنطقة. - شريف: نعم ولكن الاتفاق أحدث أزمة بين دول مجلس التعاون، فهل سياستكم تجاه مجلس التعاون الخليجي تغيرت؟ - مونرو: الاتفاق لم يحدث في الخفاء والجميع كان يعلم بشأنه حتى السعودية وقبل سنوات. فأية دولة في المنطقة من المغرب حتى عمان إذا كانت في وضع اقتصادي يسمح لها بتوقيع الاتفاق ولديها رغبة في توقيعه مع الولايات المتحدة، فنحن نرحب بذلك لأننا نعتقد أن ذلك سيساهم في دفع اقتصاد المنطقة ونأمل في المستقبل أن نوقع الاتفاق حتى مع السعودية

إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"

العدد 939 - الجمعة 01 أبريل 2005م الموافق 21 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً