العدد 941 - الأحد 03 أبريل 2005م الموافق 23 صفر 1426هـ

داكة الوطن... مضيئة أمينة بنت "الشيخ يعقوب بن مجيد آل دويغر"

أحمد البوسطة comments [at] alwasatnews.com

اسمها أمينة حافظ "أم سلام" شقيقة "سلطان" أول شهيد يسقط في مصنع الموت، بحسب تسمية "سبعينية" للشاعر العامل عبدالصمد الليث. وسلطان، شقيق أمينة: "كانت له عينان نجمتان... وكان طيبا" كما رثاه الشاعر علي عبدالله خليفة عندما سقط عليه ترس آلة في هذا المصنع الهرم كما وصفه الشاعر في قصيدته "سلطان"؛ أما أمينة، فهي ليست بنت الشيخ يعقوب مجيد آل دويغر كما في عنوان المقال، الذي سيجري الحديث على أسمائهم تباعا، إنما هي أول معتقلة سياسية في البحرين، إذ اعتقلت في العام 1968 بعد هجمة شرسة ضد عناصر جبهة التحرير الوطني البحرانية، إذ ضبط بحوزتها مطبعة و"ستانسل" وأسلحة خاصة بالجبهة أثناء مقاومة المستعمر آنذاك وتحملت أعباء هذه المضبوطات المخيفة. أمينة المناضلة كانت امرأة بين الرجال، مثل اليسارية روزا لكسمبورغ في عهد ماركس وانجلز في البدايات الأولى، تجدها الآن ببساطتها مستمعة جيدة وقليلة الكلام، غير أن العارفين بها يؤكدون أنها كما كانت ولم تتخل قط عن يساريتها، فهي عضوة منبرية "المنبر الديمقراطي التقدمي" الذي تؤكد أدبياته أنه امتداد لفكر جبهة التحرير. أما يعقوب - الاسم الثاني في العنوان - فيطلقون عليه اسم شيخ المبعدين، فهو يعقوب جناحي الذي نفي من البحرين في العام 1961 وعاد إليها مع "الطيور المهاجرة" في العام 2001م، أي بعد أربعين عاما من المنفى الإجباري، حين دشن عاهل البلاد المشروع الإصلاحي، ضمن قراراته الشجاعة المتمثلة بتنظيف السجون من المعتقلين وسجناء الضمير، وعودة المنفيين السياسيين من منافيهم إلى أرض الوطن الذي أحبوه، واغتربوا وضحوا من أجله ليكون وطنا حرا يتسع للجميع، وليكون تطوره الديمقراطي طبيعيا بأبنائه وكوادره. ويعقوب أيضا "منبري" دفع في السابق ضريبة انتماءاته الفكرية والسياسية أربعين عاما من الإبعاد، فأطال الله عمره ليشهد لحظات فرح من عمره على أرض الوطن، غير أن الموت في المنفى غيب ثلاثة من رفاقه هم القائد العمالي والسياسي علي مدان أحد مؤسسي الجبهة "مات في بلجيكا"، والنقابي عزيز ما شاء الله "توفي في الدنمارك"، ومحمد حسين دشتي "مات في الإمارات العربية المتحدة عشية التصويت على الميثاق في مصادفة عمياء غير طبيعية" كما في قصيدة "السنبلة الأولى" التي كتبها الشاعر علي الشرقاوي في معتقل "سافرة" العام 1978م عن المناضل علي مدان فقال حينها: "وحين يجيء المساء... تعود الطيور إلى أعشاشها... وأنت بعيد". المشهد الثالث بحسب تسلسل الأسماء في العنوان ، يأتي الفنان الموسيقي مجيد مرهون، "نيلسون مانديلا البحرين"، فهو أقدم سجين سياسي بالبلاد حكم عليه المستعمر البريطاني بالسجن المؤبد في العام ،1968 إذ اعتقل بعد سنتين من قيامه بعملية تفجير ضد مدير المخابرات البريطاني في البحرين بوب، وقضى عدة سنوات من عقوبته مكبلا بالقيود والسلاسل التي استمرت لمدة 23 عاما حتى بعد حصول البحرين على استقلالها، مثله مثل المناضل إبراهيم سند الذين تتذكرهم جزيرة جدا ومعتقلاتها الرهيبة آنذاك. ومجيد مرهون يطلقون عليه أيضا اسم "عازف السيكسفون"، كما في قصة "القاص والروائي" محمد عبدالملك، الذي جسد حكايته في قصة بهذا العنوان، لحن عدة سيمفونيات داخل السجن وهربت إلى الخارج، وعزفت فرق موسيقية كبيرة في ألمانيا الشرقية السابقة وفي سورية وغيرهما، وله مؤلفات ودراسات بحثية موسيقية عدة، وأنجز حديثا مشروعا كبيرا من عدة أجزاء في "القاموس الموسيقي"، ويعمل الآن مدرسا للموسيقى ويعزف حزنها في المآتم الحسينية. ومرهون أيضا "منبري، تحرير الهوى"، وعندما أخرجوه من معتقل جزيرة جدا إلى سجن آخر، ربما معتقل "سافرة"، قال ذات مرة واصفا "المرحلة الانتقالية": "أحسست وقتها بأنهم نزعوني من حضن أمي"! آل دويغر، جدهم مجسد في المناضل على دويغر، أحد مؤسسي جبهة التحرير الوطني البحرانية، كله رأس رماني، وكله من "فريق حوام حياج رأس الرمان والفاضل" وسنابك خيله حفرت شوارع البحرين كلها؛ فهذا الرجل حقا يتعب منه التعب، فقد أطال الله في عمره ليشهد نبتته التي زرعها مع رفاقه تكبر وتكبر وتصل إلى عمر الخمسين وهي كما يتمنى في عمر الشباب مثل حماسته الشبابية في شيخوته وكفاحه الطويل بحثا عن "العدالة المفقودة" سواء من خلال خطوط رسوماته وإبداعاته بريشته الفنية، أو عبر انتمائه السياسي والعائلي مع شقيقاته المؤمنات مثله بضرورة تقاسم كسرة الخبز مع الفقراء في "وطن حر وشعب سعيد". وعلي، كما هو أحد مؤسسي جبهة التحرير، هو أيضا من مؤسسي المنبر الديمقراطي، ومن قدامى المناضلين الشجعان الذين تتذكرهم زنازين البحرين المخيفة التي تهابه ولا تخيفه، ويسجل إليه في محطاته النضالية رفاق دربه أسطورة صلبه على رغم أنه رقيق كالماء؛ فهذا الرجل كان آخر من أفرج عنه من معتقلي انتفاضة مارس الباسلة في 65م، وفي انتخابات أول مجلس وطني في السبعينات شطبت السلطات اسمه من قائمة مرشحي كتلة الشعب، وأبعدته خارج البلاد إلى ما بعد اجراء الانتخابات؛ فهو مثل "أرسمندي" ومن مدرسته، مجسدا مقولته الشهيرة القائلة: "نحن اليساريون نحب الوطن والمرأة والأطفال، ونعانق الأصدقاء بشدة؛ ولا نهاب الموت"! هذا هو علي دويغر وأكثر، غير أن بعض "كتبة" تاريخنا الوطني المجيد لم يذكروه وكأنه "نكرة"، دخل "انتخابات مزورة بشكل نزيه وشفاف!"، فهل شهدتم انتخابات مزورة بشكل نزيه؟! * كاتب بحريني

العدد 941 - الأحد 03 أبريل 2005م الموافق 23 صفر 1426هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً