العدد 3233 - الخميس 14 يوليو 2011م الموافق 12 شعبان 1432هـ

الصيـف الفلسطينـي لم يأتِ بعـدُ

زياد جرغون comments [at] alwasatnews.com

.

إننا كفلسطينيين أحوج لإنهاء الانقسام العبثي والمُدمِّر الآن أكثر من أي وقت مضى. فبالأمس القريب مرت الذكرى الـ 63 للنكبة، والذكرى الـ44 للنكسة، وهاتان علامتان سوداوان في تاريخ شعبنا. ففي النكبة والنكسة ضاعت كل فلسطين وأصبح الفلسطينيون مشتتين ولاجئين ونازحين، وجزء منهم يعيش تحت الاحتلال المباشر وغير المباشر ولايزال.

وبعد أن ضاق الفلسطينيون درعاً وآلماً وعذاباً من هذا الانقسام المُدمِّر، التقت جميع فصائل العمل الوطني وبحضور الأمناء العامين وجرى توقيع اتفاق المصالحة في القاهرة، وكنا متفائلين لكن بحذر، والبعض اعتبر أن الربيع الفلسطيني بدأ أسوة بالربيع العربي وبالثورات العربية التي بدأت ومازالت مستمرة، وفي حينه كانت الحناجر الفلسطينية تهتف «الشعب يريد إنهاء الانقسام... الشعب يريد إنهاء الاحتلال».

نعم لقد وُقِّع اتفاق المصالحة وبدأ قطار المصالحة لكنه يعاني من صعوبات وبطء لعملية التنفيذ ولا نريد أن نقول فشلاً. فهناك حالة انتظار لدى طرفي الصراع وخاصة لدى فتح؛ إذ يحاول الرئيس الفلسطيني أبو مازن المراهنة على إعادة المفاوضات مرة أخرى والاقتراب من سبتمبر/ أيلول 2011م لإمكانية إعلان الدولة بالأمم المتحدة، ولتجنب الضغط الدولي وحتى هذا الخيار غير مضمون لأنه بدأت الأصوات تنادي من الفريق المفاوض، وتقول إن سبتمبر غير مقدس وليس بالضرورة أن نطالب الأمم المتحدة بالاعتراف بالدولة الفلسطينية.

فعلى رغم اللقاءات المتكررة بين فتح وحماس بعد جلسة الحوار الشامل وتوقيع الاتفاق فإن هذه اللقاءات فشلت في الاتفاق على تشكيل الحكومة الجديدة حتى الآن، في ظل رفض ثمانية فصائل المشاركة في مشاورات تشكيل الحكومة لأنها تعتبر أن فتح وحماس عادتا إلى المحاصصة الثنائية التي لن تُنهي الانقسام، بل تجربة الاتفاق الثنائي بمكة في 8 فبراير/ شباط 2007 هي التي قادت إلى الاقتتال الداخلي وأدت إلى حسم حماس الخلافات بقوة السلاح في قطاع غزة.

لقد شاركنا في الجبهة الديمقراطية بجلسات الحوار وبحضور الأمين العام الرفيق نايف حواتمة، ووقعنا اتفاق القاهرة على رغم التحفظات التي أبديناها وسجلناها على الاتفاق وطالبنا بالتالي بأن يكون هناك برنامج سياسي للحكومة يتبنى الإستراتيجية البديلة تجمع ما بين المقاومة والتمسك بقرارات الشرعية الدولية، والمطالبة بإجراء الانتخابات للمجلس الوطني والتشريعي على أساس التمثيل النسبي الكامل، وإجراء الانتخابات بعد 6 شهور من توقيع الاتفاق، وإعادة بناء الأجهزة الأمنية والشرطية على أسس مهنية ووطنية بعيداً عن الفصائلية والمحاصصة.

وبعد مضي أكثر من شهرعلى توقيع اتفاق المصالحة بالقاهرة لم تتوقف حملات الاعتقال السياسي ومازال المعتقلون السياسيون في السجون بالضفة والقطاع. وبدأ التفاؤل الحذر يخفت تجاه المصالحة الفلسطينية.

فالربيع الفلسطيني المنشود لم يقد إلى إنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الفلسطينية، وعليه لم يأتِ الصيف للفلسطينيين حتى الآن ليخرجنا من الحالة المدمرة والكارثية، والحالة الانتظارية الخاطئة التي يراهن عليها الفريق الفلسطيني المفاوض برئاسة الرئيس أبو مازن على أمل أن يجرى تعديل المسار التفاوضي، ليتمكن الجانب الفلسطيني من العودة إلى المفاوضات.

لكن أكثر من 20 عاماً من التفاوض أثبتت عقم هذا الجانب وفشله ووصوله إلى طريق مسدود، وعليه يجب أن يتبنى الجانب الفلسطيني إستراتيجية بديلة، تجلب كل عناصر القوة الفلسطينية لتمكنها من مواجهة دولة الاحتلال بمقاومة جماهيرية ومسلحة تؤلم الاحتلال وبرنامج سياسي متفق عليه بين الجميع يقود إلى دولة فلسطينية على جميع الأراضي المحتلة العام 1967 وعاصمتها القدس العربية، مع ضمان عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم التي شردوا منها العام 1948.

ومن هنا يجب مغادرة هذه السياسة الانتظارية المقيتة التي لن تجلب لشعبنا سوى المزيد من الكوارث وضياع لحقوقه، وعلى الطرفين المتصارعين فتح وحماس عدم الالتفاف على اتفاق المصالحة الموقع بالقاهرة والعودة إلى الشراكة السياسية الوطنية، العودة إلى طاولة الحوار الوطني الشامل.

المطلوب حاليّاً الدعوة فوراً إلى اجتماع اللجنة الوطنية العليا التي أقرها مؤتمر الحوار بالقاهرة العام 2005 وتضم الأمناء العامين للفصائل وأعضاء اللجنة التنفيذية وبعض المستقلين، وهي المخرج الوحيد لما وصلت إليه الأمور بالحالة الفلسطينية وبكل تأكيد ستضع هذه اللجنة حدّاً لسياسة المحاصصة الثنائية والتناحر الثنائي وتعيد الأجواء إلى منطق الشراكة السياسية والحوار الشامل والوحدة، وهذه الصيغة ستؤدي إلى توثيق الترابط بين شطري الوطن (قطاع غزة والضفة الفلسطينية) وبين الوطن والشتات ومواجهة المخاطر المحدقة بشعبنا، والاستحقاقات القادمة تحتاج إلى كل الفلسطينيين أينما وجدوا، لمواجهتها بكل ما يملكون من طاقات وإمكانات.

فهل يطول انتظار الربيع الفلسطيني؟ لنصل إلى صيف فلسطيني بتضاريس ربيع طال انتظاره، أم سيأتي هذا الصيف حارّاً ومملاًّ ولم يسبقه الربيع.

نعم يجب أن يأتي صيفنا هذا العام بعد الربيع الفلسطيني والذي طال انتظاره ليلتحم مع ربيع الثورات العربية. فشعبنا يعشق الحرية وسئم الانقسام والتشرذم، وحتماً سيواصل نضاله من أجل دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس، لأن النصر تصنعه الجماهير وهي القادرة على التغيير

العدد 3233 - الخميس 14 يوليو 2011م الموافق 12 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً