العدد 3250 - الأحد 31 يوليو 2011م الموافق 29 شعبان 1432هـ

الوعي الجمالي وسؤال التلقي... قطرة ضوء في حقل ألغام

الرواية المغربية المعاصرة:

هشام بن الشاوي comments [at] alwasatnews.com

كاتب مغربي

«مصر تكتب ولبنان يطبع والمغرب يقرأ»، عبارة ترددت كثيراً على صفحات الملاحق الثقافية للصحف المغربية في أواخر ثمانينيات القرن الماضي، في إشارة إلى احتكار المشرق العربي للريادة الثقافية؛ إذ كانت الرواية مصرية بامتياز، والشعر عراقياً أو فلسطينياً، وبفضل التحولات السوسيوثقافية، الاقتصادية والسياسية العميقة، التي شهدتها المجتمعات العربية، بدأت بعض الأطراف تفرض وجودها على خريطة الإبداع، ناقلة شعلة التميز من المركز؛ وهكذا، صار بإمكان دارس الأدب الحديث عن رواية لبنانية أو سورية مثلاً.

ي مغرب التسعينيات، برزت عدة أصوات روائية جديدة، مغربية الملامح والخصوصية، كامتداد لجيل المؤسسين، وإن لم يحظ الإبداع المغربي - عموماً - بالمكانة نفسها، التي يتمتع بها النقد الأدبي المغربي في المشهد الأدبي العربي. وفي الألفية الجديدة، تزايد عدد الروائيين، حتى صار من الصعب متابعتهم نقدياً، وساهم الروائيون الجدد مع محمد برادة، مبارك ربيع، أحمد المديني، محمد عزالدين التازي، الميلودي شغموم وغيرهم في رفد التجربة الروائية الجديدة في المغرب. وعبر تراكم نوعي استطاع أن يخلخل مفاهيم الواقع ويطرح أسئلة الذات والمجتمع، ولجأ أغلب الروائيين إلى التجريب كاختيار جمالي وأيديولوجي للتعبير عن مغرب التحولات، العميقة وسريعة الإيقاع. وقد ساهم تنوع الخلفيات الاجتماعية والثقافية، وتباين أعمار الروائيين في إثراء مسروداتهم، وتعدد اللغات والمنظورات، الفضاءات والثيمات.

هكذا، لم تعد الرواية في المغرب حكراً على بعض الروائيين، بل صار يكتبها دارس القانون، الطب، الهندسة، الفلسفة، التاريخ، والقادمون من الإعلام، الشعر، القصة القصيرة، وحتى من بعض الحرف اليدوية، وصرنا نقرأ عن موضوعات للمرة الأولى يكتب عنها، كالهجرة السرية والتطرف الديني. ولم يعد الروائي المغربي أسير عقدة المشرق، وإن كان القارئ المغربي - والعربي عموماً - يميل إلى الرواية المشرقية والعالمية؛ لأن بعض الروايات المغربية - من منظوره - تغالي في التجريب وتفتقد إلى الحكاية، علماً أن هذا القارئ لا يهمه في الأساس سوى متعة الحكي.

نعترف بقصورنا الفادح وإغفالنا للكثير من الأسئلة المؤرقة في هذا الملف، فبمجرد ذكر الرواية المغربية، ستنفتح أمامنا الكثير من الأبواب/ المتاهات، التي يمكن أن نلجها للإلمام بفسيفساء المشهد الروائي بالمغرب. قد يقول قائل: «كان بالإمكان مقاربة ملامح الرواية النسوية في المغرب، أو هوية الرواية، التي يكتبها مغاربة باللغة الفرنسية أو الإسبانية أو الهولندية، أو على الأقل، معالجة التلاقح الأجناسي ومدى استفادة الرواية من باقي الأشكال التعبيرية كالمسرح، السينما والشعر، أو استلهام الرواية للفلسفة/ التاريخ/ التراث/ الأسطورة، أو إشكالية الرواية والسيرة الذاتية/ التخييل الذاتي، أو الرواية والمذكرات/ أدب السجون، وهذه الأخيرة حققت مقروئية جيدة، في مستهل الألفية الثالثة، مع اتساع هامش الحرية، وإن جنحت أغلب كتب المعتقلين السابقين وضحايا سنوات الرصاص إلى المذكرات، وافتقدت الجماليات الروائية.

إنه مأزق فعلاً، ستجد نفسك كمن يمشي في حقل من الألغام. أسئلة كثيرة ستتفجر أمامك، ولن تكفي كل صفحات المجلة للإلمام بملامح الرواية المغربية وانشغالاتها، وبكل ألوان طيف المشهد الروائي بالمغرب. الحيز هنا لا يتسع سوى لأن نسكب قطرة ضوء. من منظور سؤال التلقي والوعي الجمالي بالكتابة

إقرأ أيضا لـ "هشام بن الشاوي"

العدد 3250 - الأحد 31 يوليو 2011م الموافق 29 شعبان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً