العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ

التأليف ليس تطويراً في «الصحافة»

هاني الفردان hani.alfardan [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

الصحافة لا تحتمل التأليف، والصحافي ليس خالقاً للمعلومة بل ناقل لها باحث عنها ليستخرجها من خبايا المسئولين والمؤسسات والخبراء وغيرهم من مالكي هذه المعلومات. وعلى رغم شحها، فإنه كـ «صحافي» لا يمكنه الخروج عنها، وإلا فقد الصدقية التي هي من أبرز صفات الخبر الصحافي.

للصحافة أدوات يمكن من خلالها التحرك لحفز القارئ والرأي العام للتفكير والتأمل في مختلف القضايا وفي مساحة احترام عقله، وعدم التطفل عليه بالرأي الشخصي. الأدوات الصحافية كثيرة ومرنة تعطي للصحافي حيزا من التحرك في أطرها لتطويع الخبر في اتجاه معين يخدم هدفاً معيناً، بعيداً عن التأليف والاستفزاز وفرض الفكر الأوحد، الذي لا يخرج عن حيز كاتبه، مع الحفاظ على الصدقية والجدة والرزانة.

مهنياً، الخبر لا يمكن أن يقبل رأي كاتبه، هذه حقيقة يجب أن يؤمن بها كل من التحق بالعمل الصحافي، وإلا تحول إلى مقال رأي وكاتب عمود وشتان بين الاثنين. هذا الإطار الخبري قد لا يفهمه أو يستوعبه من هو خارج منظومة العمل الصحافي، وربما يعتقد أن الصحافة لا تتطور إلا بالتدخل المباشر في تغيير أسس المهنة ومعايير التعاطي مع الخبر، أو فرض الرأي على القارئ للتأثير عليه، إلا أن مفهوم التطوير يأخذ مناحي أخرى أهمها تعزيز إمكانات الصحافي وطرق تعامله مع المواد «الخام» من المعلومات وكيفية تشكيلها للخروج بتوليفة خبرية، فينقل الحقيقة متأقلماً مع توجهات الصحيفة وطبيعة المجتمع، فما يقبل في «أميركا» مثلاً ليس شرطاً أن يقبل في البحرين، فللشعوب ثقافات ورغبات يجب أن تحترم. والإعلام جزء من التوليفة الاجتماعية التي يجب ألا تخرج عن نطاق العرف السائد في أي مجتمع.

القارئ البحريني ليس سهلاً ليقع فريسة لمن يعتقد أنه أذكى الأذكياء، ومن ثم تمرير أمور معينة يهدف من ورائها إلى استفزاز الشارع مثلا ضد جهة معينة، فمهنة الصحافة وأخلاقياتها تحظران مثل ذلك التوجه، استغلالاً للقلم من أجل التأجيج الشخصي أو لتحقيق المنافع الذاتية.

القارئ البحريني يفرق بين الرأي والخبر، وعلى أساس ذلك يقيس مدى صدقية القالب الصحافي والمكتوب، ومن ثم مدى الاستفادة من المادة الخبرية المعروضة، وهل أضافت جديدا، أم أنها لا تتعدى عملية «حشو» الصفحات بالكلام.

آن الأوان لحماية الكيان الصحافي من الدخلاء الذين يسعون إلى تشويه المهنة، ليس عن قصد معرفي بقدر ما هو جهل مهني بضوابط يرونها قابلة للتغيير في نظرتهم البسيطة إلى الأمور، وهو ما من شأنه أن يطيح بضوابط العمل الصحافي، في ظل الحركة الإعلامية العالمية المتجهة نحو مبدأ احترام الرأي والرأي الآخر، وتقليص مساحة الرأي الأوحد المفروض، حتى عبر القنوات الفضائية والانترنت، فالحكومات التي تسيطر على الإعلام غيرت مفهومها للإعلام وانفتحت على الآخرين، فما بال العقول التي لا تريد أن تسمع أن الإعلام والصحافة مجال مازال يتطور بذاته منذ أيام الألماني جوتنبرغ في منتصف القرن الخامس عشر، وما أحدثه من نقلة نوعية في الإعلام المكتوب وساعد على انتشارها بضوابطها ومهنيتها واحترافيتها من دون تغيير جوهري لمبادئها وأعرافها الراسخة، فمهما سعى البعض إلى حرف مهنيتها فهي قادرة في ظل العولمة على كشف ذلك والمحافظة على مكانتها وصدقيتها

إقرأ أيضا لـ "هاني الفردان"

العدد 1365 - الخميس 01 يونيو 2006م الموافق 04 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً