العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ

فات وقت المساومات

معاذ المشاري muath.almishari [at] alwasatnews.com

عندما حدد القانون اختصاص هيئة تنظيم الاتصالات في البحرين لتحديد أسعار الخدمات المقدمة من قبل شركات الاتصالات، فذلك الاختصاص لم يعتد على ولاية الوزير المختص وحقه في إلغاء القرارات الصادرة عن الشركة. أقول ذلك لمنع أي لبس أو سوء تقدير للتفريق بين اختصاص الهيئة وسلطة الوزير، ثم إن الهيئة وقد أبعدت نفسها عن التعليق على مشروع «برود باند» لتطوير خدمات الإنترنت، وكأنها غير معنية بالمشكلة، وكأن القانون قد شرع لتثبيت سياسة الدولة في مجالات الاتصالات على حساب المواطن وديمومة رفاهيته. فإن كان المواطن لا يسائل غير شركة بتلكو، فلكونها الجهة التي وفرت له الخدمات كافة بعقود جبرية، حفظت للشركة حقها في تغيير بنود العقد من دون الرجوع إلى الزبون أو حتى بعلمه، مادامت هيئة الاتصالات لا تمارس دورها الطبيعي في عملية التوازن بين مصلحة الزبائن والشركة، مع عدم الاعتناء بما نص عليه القانون لكونها هيئة ذات شخصية اعتبارية، مع أن المواطن يرى ويلمس شخصية غير واضحة المعالم.

ما هو مطلوب من بتلكو «وقياداتها» رفع معاناة الزبائن وشكواهم الى هيئة الاتصالات، وما هو مأمول من الهيئة إعادة النظر في القرار إن كانت تتمتع بالشخصية الاعتبارية، أما إن كانت تنتظر قرارات فوقية وتوصيات الكواليس، فبإمكان الزبائن في هذه الحال ايصال صوتهم بالطريقة التي يرونها مناسبة، وهناك أكثر من طريقة سلمية للقيام بذلك، والنتائج تعتمد على جدية الزبائن في حسم الموضوع جماعياً، والاعتماد على ما هو متاح من بدائل تقنية، بدلاً من التذمر والاحتجاج على قرار معيب.

إن كان استخدام الشبكات يتم بشكل غير قانوني، فهناك ما هو أسوأ من ذلك لنحذر منه، فالكتابة على الجدران ليست من القانون، وتوزيع المنشورات غير المسئولة أيضا ليس من القانون، وهي من البدائل التي يلجأ إليها بعض الناس للتعبير عن آرائهم، وبث شكواهم إلى الجهات العليا في الدولة. فإن كان قطع شبكات الإنترنت يشكل حماية لحقوق الشركة وصيانة للقانون، فعلى العقلاء في الهيئة التركيز والتأمل والترجيح بين حماية حق وضياع حقوق، وصيانة قانون وضياع هيبة ألف قانون، فالنتيجة واضحة، وأثرها سيبدو جلياً في المستقبل عاجلاً أم آجلاً، وإن كانت الهيئة ذات مهمات إدارية وتقنية، فعليها استشارة ذوي الاختصاص في الدولة، لدراسة آثار القرار وتبعاته على السلم الأهلي واستقرار المجتمع.

تساهم شركة بتلكو بالكثير من التبرعات والمشروعات للمساهمة في إعانة الدولة وتطوير مرافقها، خلافاً للكثير من الشركات التي لا تساهم بدينار واحد لخدمة المجتمع، فجدير بهذه السياسة أن تترجم واقعاً لتكريس الشراكة الاقتصادية والاجتماعية والمحافظة على مصالح المواطنين وحماية القليل مما تحقق لهم من مكتسبات، كان للمواطن دور ريادي وشقاء مؤرخ حتى تحقق له بعض ما أراد، وبمقدور الشركة أن تضيف الى اسمها رونقاً جديداً بالانفتاح محلياً أو التوسع إقليمياً بحسب القدرات التنافسية المتاحة في المنطقة.

عندما نقارن مستويات الجودة بين ما يتمتع به المستهلك المحلي في مجال الاتصالات، وبين ما يتوافر للمستهلك في الدول العربية المتأخرة تقنياً، فإننا نلحظ الفرق الشاسع لصالح جودة الخدمات المقدمة في البحرين، أما المقارنة بين رسوم الخدمات فقط على المستوى الخليجي فإن المؤشر يؤكد انفراد مزودي الخدمة في البحرين واعتمادهم على قصور التشريعات المحلية في مجال الاتصالات وتضارب بعض نصوصها لصالح هيمنة الطرف الأقوى في المعادلة، ومحاولة ترويض تساؤل المستهلك وامتعاضه من جراء القوانين والقرارات المستحدثة. على الجهات المعنية أن تدرك أن مستوى الخلاف لا يستطيع المواطن استيعابه وهضم نتائجه، ولا يتمكن من بيان حقه الدستوري إلا من خلال القنوات التي أقرها المشرع وتعارفت عليها الاتفاقات الدولية، فإن كان المشروع في البحرين إصلاحيا، فلابد من وجود فساد يجب الاعتراف به، وبحق الناس في كشفه والسعي إلى إصلاحه من خلال القنوات الإعلامية الرسمية والشعبية المتاحة. أما إذا كانت إحدى الجهات تسعى إلى مساومات ومقايضات شخصية، فقد تسرعت وأخطأت الهدف، وسأكتب ما يمليه علي ضميري وقناعتي لمنفعة الناس، حتى لو تضاعف الضرر، فقد فات وقت المساومات

إقرأ أيضا لـ "معاذ المشاري"

العدد 1367 - السبت 03 يونيو 2006م الموافق 06 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً