العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ

لماذا يهاجم الأميركان مناهج التعليم في السعودية؟!

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

مناهج التعليم في السعودية ليست وحدها التي تتعرض لهجوم عنيف من سياسيين أميركان ومن مراكز متنوعة تحمل مسميات عدة، فالمناهج الأزهرية في مصر تتعرض هي الأخرى لهجوم آخر وان كان يقل عن مثيله في السعودية.

هذا الهجوم لم يتوقف عند التعليم، فقد شمل كل الجمعيات الخيرية سواء ما كان منها داخل البلاد أو خارجها بل شمل كذلك خطب الجمعة وكل الأنشطة الدعوية مهما كان توجهها.

هذا الهجوم الشرس بدا واضحاً بعد حوادث سبتمبر وبحجة مكافحة الإرهاب الذي اتخذه الأميركان ذريعة لكل اعتداءاتهم على الشعوب العربية والإسلامية مع أن معظم الناس يعرفون أن الأميركان من أكثر الدول ممارسة للإرهاب وبكل أنواعه... ونظرة سريعة لأفعالهم في العراق وأفغانستان تكفي للتدليل على بشاعة الأعمال الإرهابية التي يمارسونها كل يوم وتحت سمع وبصر حكومتهم التي تجيز لهم كل هذه الأفعال بل وتبرئهم في الغالب من كل جرائمهم مهما كانت كبيرة.

قبل بعضة أيام نشر مركز الحريات الدينية التابع إلى بيت الحرية الأميركي تقريراً عن التعليم الديني في السعودية سماه «مناهج التعصب في السعودية»، وأشرفت على هذا التقرير «نيناشاي» التي عرفت بعدائها للإسلام وللعرب، وتحدثت في هذا التقرير عن أشياء كثيرة إذ ادعت أن مناهج التعليم في السعودية تحويها وتعلمها لطلابها وأن تلك الموضوعات هي التي تعلم الطلبة السعوديين الإرهاب وكره الآخرين.

من أهم الأشياء التي تحدث عنها التقرير قوله: «إن المناهج الدينية السعودية تكرس العداء للغرب والأميركان، كما أنها كذلك تكرس العداء لليهود»، وقال التقرير إن تلك المناهج تحرض على العنف والإرهاب وقتل الآخرين، وتدعو إلى عدم التعايش مع الآخرين من أصحاب الديانات الأخرى.

ويمضي التقرير فيقول: إن المناهج تحث على الجهاد ونشر الإسلام بالقوة، هذه من أهم النقاط التي وردت في هذا التقرير وهي - كما أعرف - مرددة أكثر من مرة سواء من هذا المركز أو من سواه، كما أن هناك عدداً ممن يروجون للأفكار - الأميركية الصهيونية - يردد هذه الأقوال سواء من داخل المملكة أم من خارجها. أجزم بأن الذي اطلع على المناهج السعودية يعرف زيف هذا الكلام بحسب الرؤية الأميركية التي تريد الصاق تهمة الإرهاب بهذه المناهج، ولا يعني قولي هذا أن مناهجنا تدعو إلى محبة اليهود والأميركان بشكل مطلق... إن هذه المناهج التي تربينا عليها تفرق بوضوح بين حسن التعامل مع جميع الناس مهما كانت ديانتهم وبين حب عقائدهم. فالإسلام الذي بنيت عليه هذه المناهج يدعو إلى العدل مع كل الناس كما يدعو إلى حسن التعامل مع كل أصحاب الديانات الأخرى، لكنه يفرق في الوقت نفسه بين من يعتدي على المسلمين وبين من يعاملهم بصورة حسنة، ومن هنا فإن السعوديين عموماً - طلبة وغير طلبة - يكرهون السياسة الأميركية ومن يديرها لأن الأميركان يحتلون بلاد المسلمين ويقتلونهم يومياً، كما أنهم في الوقت نفسه يقدمون كل أنواع المساعدات إلى الصهاينة الذين يحتلون بلداً عربياً. وازاء هذا كله فهل يريد صانع التقرير أن يحمل السعوديون المحبة للأميركان وهم يعاملون كل المسلمين بصورة سيئة؟ ألم يسأل كاتبو التقرير أنفسهم عن مدى محبة الأميركان واليهود للسعوديين؟ بل وللعرب والمسلمين جميعاً؟ هل كل جرائمهم ضد المسلمين تجعل مكاناً لمحبتهم؟ أقول بوضوح تام: إن مناهجنا لا تكرس الكره للاميركان أو اليهود بصفتهم الدينية ولكن هذا الكره سببه وبوضوح الجرائم الكبيرة التي يرتكبها اليهود والأميركان ضد المسلمين، وأقول كذلك: لو أن مناهجنا وإعلامنا دعوا إلى محبة الأميركان واليهود فإنها ستفشل ما دام هؤلاء يعاملوننا بكل ذلك السوء الذي نراه، المشكلة إذاً ليست في المناهج بل في طريقة تعامل الأميركان واليهود معنا.

أما التعايش مع الآخرين فهو من سمات ديننا الذي نعلمه لطلابنا وتاريخنا يدل على ذلك وواقعنا يشهد به... ونحن - ومناهجنا كذلك - نحترم كل الناس بعيداً عن دياناتهم ولا نعلم طلابنا كره الآخرين كما تدعي تلك التقارير المزيفة. أما قضية العنف واكراه الآخرين على الدخول في الإسلام فلا يقول به أحد وليس موجوداً في أي منهج من مناهجنا لأن هذه المناهج تؤكد قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» (البقرة: ). وقوله «ولو شاء ربك لآمن من في الأرض كلهم جميعاً أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين» (يونس: ).

أجزم بأن المسألة برمتها تعود إلى رغبة الأميركان إلى إزالة كل ما يدعو إلى مقاومة العدوان وتعليم ابنائنا ليكونوا أدوات للاحتلال وازالة عزة النفس من نفوسهم كل ذلك ليسهل على اليهود والأميركان سبل فرض ما يريدونه على بلادنا. وإذا كنت أتفهم مقاصد الأميركان ومن كل هذه الضجة الكاذبة فإني أعجب من بعض السعوديين المقيمين خارج بلادهم الذين يروجون لهذه الأكاذيب وهم يعرفون زيفها كما يعرفون كذلك أن أكاذيبهم لا تحقق الوحدة الوطنية التي يتحدثون عنها بل إنها تهدمها وتبعد المسافة بين أبناء البلد الواحد.

على الأميركان أن يراجعوا مناهج الصهاينة ليعرفوا كم تروج هذه المناهج لقتل المسلمين واحتلال بلادهم وكيف أن هذه المناهج تكرس العنصرية ضد العرب والمسلمين، وكيف أنها تحتقر الإسلام واهله، ان كانوا منصفين وهم ليسوا كذلك فليتحدثوا عنها ولكنهم اعجز عن ذلك.

أخيراً أقول: «في مناهجنا ما يوجب إعادة النظر فيها ونحن نتحدث عن ذلك والوزارة جادة في إصلاح ما يستحق الإصلاح ولكن بحسب رؤيتنا وليس بحسب رؤية غيرنا»

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1370 - الثلثاء 06 يونيو 2006م الموافق 09 جمادى الأولى 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً