على رغم خروجه من قيادة جمعية الأصالة الإسلامية لأسباب لم تتجل صورتها الحقيقية بعد، فإنه ظلّ رقما صعبا في المعادلة السياسية البحرينية، وهو شخصية مثيرة للجدل لا لذاتها فقط وإنما لارتباطها العضوي بواقع ومستقبل الحركة السلفية البحرينية في خضم التحديات التي تواجهها المنطقة.
ضيف «الوسط» الأول في ورشة «جاهزية الانتخابات» كان النائب الثاني لرئيس مجلس النواب والمرشد الروحي للسّلفيين في البحرين الشيخ عادل المعاودة مع ضيف آخر اعتبره كثيرون مثيرا للجدل أيضاً وهو نائب الكتلة الإسلامية في مجلس النواب الشيخ عبدالله العالي، وكلاهما تحدثا بصراحة عن الأداء البرلماني وتجاذبات المشهد السياسي. وهذا نص حوار ساخن...
* بداية... ما تقييمكم للتجربة البرلمانية الحالية؟
- المعاودة: نستطيع القول إن التجربة البرلمانية لمجلس النواب أكثر من ممتازة وذلك إذا ما قسنا الوضع الذي نعيش فيه بالنسبة الى اللائحة الداخلية وطبيعة تعامل الحكومة، فإننا نعتبر البرلمان الحالي نتاجا طيبا ويكفي أن الجمعيات المقاطعة وصلت إلى قناعة بالمشاركة، وهذه القناعة لم تأت من فراغ.
- العالي: المجلس النيابي الحالي وفّق في الجانب الخدماتي، ولكن على المستوى التشريعي فإن البرلمان لم يقدم شيئاً أبدا، كما أن المجلس الحالي فاشل على المستوى الرقابي. ولكن أعتقد بأن الجانب التشريعي يحتاج الى وقت وقد تعترضه أمور كثيرة.
* البعض يقول إن قرار الجمعيات المقاطعة دخول البرلمان أتى بعد فشل النواب الحاليين وما أقدمت عليه الحكومة من إقرارها لمواد وقوانين مكبلة للحريات مرت عن طريق البرلمان؟
- المعاودة: الجمعيات المقاطعة قررت المشاركة نتيجة نجاح التجربة البرلمانية الحالية، لا فشلها. وهناك أمور ستفرح جميع المواطنين في الفترة المقبلة. وخيار المقاطعة في بادئ الأمر للمجلس الحالي ربما كان خيارا سليما بالنسبة إليهم، ولكن إذا جلس المقاطعون خارج المجلس سيزيد الفشل، وإذا ظلوا خارج قبة البرلمان ستزيد خسائرهم... فالخيار الأسلم هو المشاركة.
- العالي: بدأت المقاطعة تدرك بأن هناك تململا من مطالبات لا يمكن تحقيقها، إذ بدت الناس لا تتفاعل مع هذه الأطروحات، وهنا بدأت أضواء النواب تتصاعد والصحافة ساعدت على ذلك، وبدأت تلك الجمعيات تعدل عن المقاطعة، وأعلنت مشاركتها على رغم أن الدوائر الانتخابية لا تخدمها.
* لماذا لم يوفق المجلس الحالي في إجراء أي تعديل دستوري؟
- المعاودة: نعرف أن هناك مطالبات دستورية، وبعض تلك المطالبات صحيحة وأقررنا بها، وكان الإقرار لبعضها جهرا والبعض الآخر سرا، ولكن الجانب المعيشي هو الأهم بالنسبة إلى المواطن، وهو الأزمة الحقيقية التي يعيشها، مثل رفع الأجر وحل مشكلة السكن والبطالة، والضمان الاجتماعي وما شابه، أما المشكلات الدستورية يمكن حلها فيما بعد.
* شيخ عادل... ماذا استفاد السلف من الحملة التي شنت على تيار الإخوان المسلمين المتمثل في جمعية المنبر الوطني الإسلامي غريمكم في الشارع السياسي السني؟
- المعاودة: لم نستفد شيئاً، فقد تم التسليط على ما كان يجب أن ينتقد في المنبر وهو في بعض جوانبه أمر واقع وصحيح، تنتقد نعم وتظهر الأخطاء نعم، ولكن لا أعتقد أن ذلك يصب في صالحنا على رغم أن الخلاف بيننا وبينهم ليس بالهين ولكن التنسيق والتعاون أفضل من التنافر.
* هل تأثر التيار السلفي في البحرين من حملة مكافحة الإرهاب خليجيا، وما حقيقة أموال «التربية الإسلامية» التي تحولها شبهات بخصوص صلتها بالارهاب؟
- المعاودة: في الكويت، نعم أثرت هذه الحملة على التيار الديني بسبب انجراف السلطة الكويتية مع الولايات المتحدة الأميركية، وفي السعودية تأثر عملهم الخارجي كثيراً، وفي الإمارات الفكر الصوفي هو المهيمن على المؤسسة الرسمية، وفي الحقيقة أن الترف هو الصاد الرئيسي للدعوة في الإمارات، ولكن في البحرين لم نتضرر، وأموال جمعية التربية الإسلامية لم يحجر عليها، وهي ليست موضوعة على قائمة الإرهاب من أية جهة رسمية محلية أو أجنبية، ولكن اللغط الذي أثير يتعلق بقائمة نشرها أحد المواقع الالكترونية وذكر أسماء بعض الجمعيات الإسلامية التي يتوقع أن تتضرر من هذه الحملة.
* ما سر تحالف الكثير من السلفيين مع حركة العدالة الوطنية التي يرأسها عبدالله هاشم المخالف لكم في التوجه الفكري والسياسي؟
- المعاودة: هم لم يكونوا في جمعية الأصالة أصلا، بل بعضهم ضد الميثاق والبرلمان، هناك من التيار السلفي من يرى أن الدخول في الديمقراطية غير صحيح، بل إن هناك من يحاربها ويأمر بعدم الترشيح والانتخاب ويأمرهم بالإخلاص، وبعضهم لديه بعض المآخذ على التيار السلفي وبعضهم لا نستطيع أن نلبي رغباته.
* شيخ عبدالله... هل ستدعمك جمعية الرابطة من جديد لدخول الانتخابات في مقابل الوفاق؟ وما سبب تحولك من تيار السيد محمد الشيرازي إلى تيار المرحوم الشيخ سليمان المدني؟
- العالي: القول إن هناك جهات تدعم مرشحا في الانتخابات ليس أمرا غريبا، بمعنى أن جهات تدعم خدمة الدين والدفاع عن الدين من هذا المنطلق لا أنكر أن جمعية الرابطة دعمتني على المستويين المادي والمعنوي، وأي دعم احصله من أية مؤسسة دينية اشترط ألا يخل بخدمة توجهاتي وأن أقوم بمهماتي الحقيقية من منطلقات إيماني وبحسب تكليفي الشرعي وبرنامجي الانتخابي، واعتقد أن لدي قدرة على إعداد البرنامج الانتخابي الملائم ولا يوجد لدي استعداد لتقبل أية املاءات من مؤسسة دينية أو غيرها، إذا جاء دعم الرابطة لتمكين الدين، وأما بخصوص انتمائي الفكري فأنا من مقلدي مدرسة السيد محمد الشيرازي من الناحية الدينية ولكنني لا أنتمي إلى مؤسسات التيار سياسيا. وبكل فخر أقول إنني انتمي لهذه المدرسة الفكرية.
* لماذا انضممت إلى كادر الأئمة والمؤذنين، ألا تعتقد أن ذلك من شأنه أن يفقد استقلالية أهم مؤسسة دينية وهي المسجد؟
- العالي: كادر الأئمة حق شرعي وديني ووطني، وموازنة الحكومة ملك للوطن برمته، وأنا أتحدى من يقول إنني عضو في هذا الكادر، ولكن أقول إن اضطرار بعض رجال الدين الى دخول هذا الكادر جاء بسبب التوزيع غير العادل للحقوق الشرعية التي تكفل الرزق لطالب العلم.
* يقال انك كنت كثير التردد على ديوان رئيس الوزراء حتى قبل انتخابك عضوا في مجلس النواب، هل سيشفع لك ذلك في تعيينك عضوا في مجلس الشورى المقبل؟
- العالي: في الحقيقة لا يجب مقاطعة أية جهة من الجهات، ووصولي لأي موقع من المواقع يمثل واجبا دينيا وشرعيا ولا يخلو من التوجيه والنصيحة، ولكوني رجل دين فيجب ألا امتنع عن الوصول لأي موقع من المواقع أستطيع فيه خدمة الدين والناس وكذلك هي وظيفتي كرجل سياسة، وبالنسبة إلى خيار تعييني في مجلس الشورى فأود أن أوضح أن تعيين أعضاء مجلس الشورى وتقييم الأشخاص ومدى قدرتهم هو بيد جلالة الملك، وإذا ما استحسن جلالة الملك اختياري فلن أتردد في خدمة الناس.
* الشيخ عبدالله، أنت نائب متناقض، تتغيب عن اجتماعات لجنة الشئون التشريعية والقانونية، وفي الوقت ذاته تعارض توصياتها في جلسات المجلس!
- العالي: هذا كلام سليم، إذ إن محاولة التغيير في توصيات وقناعات اللجنة أمر صعب، وفي كثير من الأحيان نتبنى قضايا تصب في العمل الديمقراطي، بالإضافة إلى المشروعات التي تسعى إلى الوفاء بالعهود التي قطعناها للناخبين، ولكن نصطدم في نهاية الأمر بالغالبية في اللجنة التي تجهض مثل هذه الاقتراحات، ونتيجة لذلك فإن غيابي جاء نتيجة عدم قدرتي على التأثير في قرارات اللجنة، وهذا أحد الأسباب، وقد يكون الغياب بسبب قضاء حوائج الناس.
* الشيخ عادل، أنت كثير التغيب عن جلسات المجلس بسبب السفر إلى الخارج، والبعض يتهم المعاودة بأنه يسافر من أجل جباية الأموال لجمعية الأصالة لإعانتها في حملاتها الانتخابية، ما صحة هذا الكلام؟
- المعاودة: مشكلتي أن موقع جلوسي في الجلسات يكون في الواجهة، وبالتالي فإن غيابي عن الجلسة يكون لافتاً، في حين أن هناك كثيرا من النواب يتغيبون عن الجلسات، وأما بخصوص السفر للخارج من أجل جباية الأموال إلى الجمعية، فماذا سنحصل من أموال من الخرطوم ونيروبي؟! وأؤكد أننا لم نحصل على أية أموال من الخارج، كما أن غيابي عن جلسات المجلس هو بسبب المرض الذي أعاني منه في الظهر والذي يمنعني من الجلوس لفترة طويلة، وفي الفترات المقبلة سيكون تغيبي أكثر.
* الشيخ عادل... أثناء حوادث التسعينات كان ينادي بحرمة البرلمان، واليوم هو النائب الثاني للبرلمان البحريني، هل تغيرت فتواه لتتناسب مع أجندة الحكومة؟
- المعاودة: إلى اليوم الحكم لم يتغير فالبرلمان حرام، والفتوى تتغير بينما يبقى الحكم ثابتاً، فالفتوى تتغير بظرف الزمان والمكان، والحرمة هنا تعتمد على أساس أن البرلمان هو حكم الشعب للشعب والحكم لا يكون إلا لله، ولكن عندما يكون ذلك أمرا واقعا فندخل بدلاً من دخول الآخرين المفسدين على قاعدة درء مفسدة كبرى بمفسدة صغرى. وبدخولنا لم يتغير الحكم.
* الشيخ عبدالله... أنت متهم مع الكتلة الإسلامية بطلب الذهاب إلى القصر للتمديد للمجلس الحالي؟
- العالي: لم نذهب للرفاع من أجل التمديد، نعم نحن نتواصل مع القيادة ونطلب دعمها في بعض المواقف وقد طلبنا دعمها في مقترح إجراء تعديلات دستورية.
* وماذا عن غيابك لأكثر من ستة أشهر عن البلاد القديم وهي إحدى مناطق دائرتك؟
- العالي: أنا لست غائبا عن البلاد القديم وأنا أتفاعل مع قضاياهم والمشكلة في المنطقة أنها إحدى مناطق المقاطعة، فقطار المقاطعة ألقى بظلاله على الناس ما جعلها لا تتفاعل مع النواب.
* لقد قلت ان مقترح البيوت الآيلة للسقوط هو مقترحك، بينما جمعية الوفاق الوطني الإسلامية تقول انها أول من أعد ملفا متكاملا عن البيوت الآيلة للسقوط؟
- العالي: في الحقيقة لقد تسلمت تقريرا من صندوق البلاد القديم وأرفقته بمقترحي وتم تقديمه إلى مجلس النواب، وحاز توافق الكتل النيابية.
* سؤال للنائبين العالي والمعاودة... كم عدد المقاعد التي تطمح كتلتا الإسلامية و«الأصالة» الحصول عليها في المجلس المقبل؟
- العالي: نحن لسنا تنظيما أو حزبا محددا إنما نحن كتلة فقط، حاولنا التعاون فيما بيننا كأفراد لتنسيق مواقفنا في المجلس، وحتى في هذه المسألة لم نحقق تقدما ملموسا، وحاولنا الاجتماع عدة مرات لإيجاد برنامج موحد ودعم من جهات مختلفة، وبانتهاء دور الانعقاد الرابع ستنتهي الكتلة.
- المعاودة: نحن نطمح في الحصول على مقاعد، وهذا لا يمنع من أن ندعم آخرين طمعا في تعاونهم معنا بعد الوصول إلى المجلس كما فعلنا في المرات السابقة
العدد 1392 - الأربعاء 28 يونيو 2006م الموافق 01 جمادى الآخرة 1427هـ