العدد 3266 - الثلثاء 16 أغسطس 2011م الموافق 16 رمضان 1432هـ

الوحدة الوطنية والاستقرار الموهوم (2)

محمود القصاب comments [at] alwasatnews.com

.

لا أحد يجادل بأن «الوحدة الوطنية» إلى جانب عناصر أخرى مهمة من قبيل «السيادة» و «الاستقرار» تمثـِّل مكوناً أساسياً وجوهرياً لكل المجتمعات والدول، لذلك هي تحتل مساحة مهمة في فكر وأدبيات وفعاليات كل القوى السياسية على اختلاف توجهاتها السياسية ومشاربها الفكرية. ولعل التركيز في المقالة على هذه القضية نابعٌ من أهميتها ومحوريتها في هذا الظرف الصعب.

لا أحد يجادل في شكل العلاقة الطردية بين قوة وصمود المجتمعات والدول في مواجهة الأخطار الداخلية والخارجية، وقوة وصلابة الوحدة الوطنية، ذلك لأن أي مؤامرة خارجية (كثر الحديث عنها في الأزمة الأخيرة) لا يمكن أن تمر دون إحداث شرخ في جدار الوحدة الوطنية واختراقها.

وبقدر تعلق الأمر بحالتنا الوطنية الراهنة، كيف يمكن لنا أن نحدد مفهوم وآليات هذه الوحدة الوطنية التي ينشدها ويتغنى بها الجميع، بعد تواريها خلف جدران الاستقطابات الطائفية؟ وكيف السبيل إلى استرجاعها بعد كل ما جرى، وبعد هذا الشرخ الغائر الذي قسم المجتمع البحريني؟

هناك الكثير من الآراء ووجهات النظر المتباينة بشأن مفهوم المواطنة، إلا أن هناك اتفاقاً عاماً على اعتبار الوحدة الوطنية ركيزة أساسية من ركائز الوطن، ومسلمة من مسلمات تطوره، كذلك يتفق الجميع على أن أساس أي وحدة وطنية هو الإنسان (المواطن) الذي يعيش في هذا الوطن وقد ارتبط به تاريخياً واجتماعياً، ووجوداً كلياً.

كما أن هناك اتفاقاً أيضاً على ضرورة أن تحمل أو تستبطن الوحدة الوطنية أسباب ترابط الشعب بعضه ببعض، وأن هذا الترابط هو الذي يمنع أية انقسامات أو صراعات عنيفة قد تقود إلى دعوات انفصالية أو إقصائية، ومن أجل ضمان استقرار ودوام هذه الوحدة لابد من الوقوف على الأسباب التي تؤدي إلى ضرب أو تدمير هذه الوحدة. لذا فإن أكثر علماء الفكر والسياسة يتفقون على أن أهم تلك الأسباب هي غياب الحرية وانعدام العدل والمساواة، بالإضافة إلى غياب الأمن والاستقرار وكذلك شيوع حالات من التمييز بين المواطنين على أساس الانتماء السياسي أو الديني أو العرقي.

بعض أولئك المفكرين يضع الوحدة الوطنية في صورة عقد اجتماعي (جان جاك رسو) بين الشعب أو السلطة السياسية، بحيث يتوحد الشعب في وحدة مصيرية، وفي إطار من المسئولية المشتركة، يخضع فيها المواطن للحكومة أو السلطة القائمة، كونها حكومة عقد اجتماعي جاءت نتيجة رضا وقبول، وتمت بطوعية واختيار.

وبذلك تكون هذه الوحدة حصيلة «إرادات» كل المواطنين وكل مكونات المجتمع، وخصوصاً عندما تقترن هذه الوحدة بالديمقراطية من خلال حكومة ديمقراطية.

ومفكر آخر (هيجل) يرى الوحدة الوطنية في طاعة واحترام القانون، في إطار الحرية المنبثقة عنه، على أن يتوافق القانون مع منطق العدل الذي هو منطق التاريخ.

ورأي ثالث (أبوحامد الغزالي) يرى أن «الوحدة الوطنية تتحقق من خلال (الحاكم) الذي يمثل الشعب وأساس وحدته، وكونه محور اتفاق الإرادات المتناقضة، وتأييد الشعب له من خلال تعاقد سياسي بينهم وبينه، على شرط أن يقوم هذا التعاقد على الرضا لا على الإكراه»... وللحديث صلة

إقرأ أيضا لـ "محمود القصاب"

العدد 3266 - الثلثاء 16 أغسطس 2011م الموافق 16 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 3 | 9:24 ص

      وحدة وطنية..

      كيف لاصوات تعلو بوحدة وطنية وهي تسعى بتهميش طائفة معينة-يا ترى في أي خانة تصب هكذا وحدة!!!

    • زائر 2 | 3:58 ص

      أخبروا الدكتور منصور الجمري أنني أحبه....

      أتمنى من الدكتور منصور الجمري أن يضع مقاله الجميل الراقي المختصر المفيد للوطن والمواطن في أولى صفحات جريدة الوسط حتى يتسنى للغالبية من المواطنين قراءة مقالاتكم بصورة أقرب.

اقرأ ايضاً