العدد 1334 - الإثنين 01 مايو 2006م الموافق 02 ربيع الثاني 1427هـ

هل تقتدي البحرين بتجربة بريطانيا في اللجنة «المستقلة» للانتخابات

فريدة غلام إسماعيل comments [at] alwasatnews.com

تقدم التجربة البريطانية الانتخابية مثالا متقدما وفق مبادئ الديمقراطية الحقة المؤمنة بالمشاركة السياسية والجماهيرية بشكل إجرائي لا شعاراتي، وتعكس مدى احترامها للناخبين وحرصها على التعامل معهم بكرامة. الانتخابات المحلية والعامة في بريطانيا تجرى تحت مسئولية وإدارة اللجنة العليا المستقلة للانتخابات البريطانية، نعم لجنة مستقلة لا حكومية، بل مستقلة عن الحكومة وعن الأحزاب، شكلها البرلمان البريطاني في 30 نوفمبر/ تشرين الثاني 2000 م، مع تفعيل قانون الأحزاب السياسية والانتخابات والاستفتاء الصادر في العام نفسه، واللجنة مسئولة مباشرة أمام البرلمان عبر لجنة يرأسها رئيس مجلس العموم البريطاني. أما مهمات اللجنة المستقلة فهي تسجيل الأحزاب السياسية، مراقبة التبرعات للأحزاب ودعمها، تنظيم أوجه صرف الأحزاب السياسية في الحملات الانتخابية، إعداد ونشر التقارير عن الانتخابات والاستفتاءات الأساسية، مراجعة قانون الانتخاب وإجراءات التنفيذ المتعلقة به، تقديم النصح والمشورة للحكومة ولسائر المعنيين في عمليات الانتخابات والاستفتاءات بشأن التغييرات المطلوبة، رفع الوعي الجماهيري بشأن نظم الانتخاب في بريطانيا، ومراجعة حدود الدوائر الانتخابية، نعم مراجعة رسم حدود الدوائر الانتخابية، ومهام اللجنة قابلة للزيادة حسب نتائج التقويم الشفافة والدورية. وقد تبدو هذه التجربة للقارئ في البحرين اليوم من ضرب الخيال، إذ نسير نحن في الاتجاه المعاكس، تقليل المشاركة الشعبية الحقيقية، تقليل الشفافية المعلوماتية، تقليل أعداد المقترعين غير المرغوب فيهم حكوميا لتاريخ نضالي سابق، عبر مقترحات بتعديل قوانين، وأخذ بزمام الأمور من طرف واحد.

وتعرف لجنة الانتخابات المستقلة نفسها بالعبارات التالية: نحن هيئة مستقلة شكلت من قبل البرلمان البريطاني، ومهمتنا هي رعاية ثقة ومشاركة الناس عبر تطوير النزاهة والحراك والفاعلية في العملية الديمقراطية. ونحرص على أن نعكس هذه الأهداف في خططنا وبرنامج عملنا، وغايتنا هي وضع اهتمامات الناخبين محورا لجميع أعمالنا، ولكننا أيضا نراعي الأحزاب السياسية والمرشحين والعاملين في إدارة العملية الانتخابية. ومن أجل مصلحة الناخبين نؤمن أن التدابير الانتخابية لابد أن تنفذ بكفاءة وفاعلية، وكذلك يجب أن توفر الفرص الصحيحة والحقيقية للأحزاب السياسية والمرشحين للتعاطي مع الناخبين. إننا فخورون باستقلاليتنا ومتحمسون تجاه نوعية عملنا، أمناء وشفافون بشأن ما نفعل، نحترم الشركاء وبعضنا بعضاً، ونثمن المساواة والتنوع في كل ما نعمل، ونؤمن بأنه من المهم أن نستمع إلى الآخرين ونعمل معهم.

وتمتلك اللجنة هيكلا تنظيميا واضح الصلاحيات، وخطط عمل استراتيجية خماسية وسنوية بأهداف محددة تفصيليا وموازنات مرصودة بدقة، كذلك تصدر اللجنة تقريرا سنويا عن نشاطاتها وفعالياتها طوال العام.

وتعد نسبة المشاركة الشعبية وآليات زيادتها وسط فئات المجتمع كافة، من الموضوعات الأساسية التي تدرسها لجنة الانتخابات وتصمم عليها الحلول، ووفق تقرير لجنة الانتخابات بشأن نتائج الانتخابات البرلمانية الأخيرة التي أجريت يوم 5 مايو/ أيار 2005م، بلغت نسبة المقترعين 61,4 في المئة من عموم البريطانيين الذين يحق لهم التصويت، وأعزت اللجنة تدني النتيجة إلى تردد الفئة الشبابية من الناخبين في المشاركة، أما أدنى نسبة للمشاركة في التصويت فكانت في العام 2001 وبلغت 59,4 في المئة ممثلة النسبة الأدنى للمشاركة الشعبية منذ العام 1918.

وخوفا من أن يترسخ هذا السلوك لدى الشباب ويتأصل فيهم وهم يكبرون ويخلقون لاحقا مزيدا من الأفراد غير المصوتين، تنفذ لجنة الانتخابات الكثير من البرامج الابتكارية التحفيزية للشباب بطرق جذابة مثل الانتخابات التدريبية . فقبيل الانتخابات الأخيرة نظمت اللجنة عبر هيئة خاصة بالتوعية الانتخابية، برامج محاكاة لحملات انتخابية تشجيعا للشباب، بغرض الاستعداد الجاد للانتخابات الحقيقية، وشارك في الانتخابات الوهمية هذه 800 ألف طالب من أكثر من 2100 مدرسة وتعلموا كثيرا من المفاهيم والعمليات الخاصة بالانتخابات، ومع ذلك لم تتجاوز نسبة الشباب المقترعين في الفئة العمرية (18 - 24) الـ 37 في المئة في انتخابات 2005م من شباب تلك الفئة. كذلك تتاح فرصة مراقبة الانتخابات للمنظمات الشبابية، ففي العام 2003م قامت شبكة من المنظمات الشبابية المشتغلة في الديمقراطية والمشاركة السياسية للشباب بمراقبة الانتخابات القائمة مستلهمين حركتهم من وثيقة «أجندة الشباب للديمقراطية» التي صدرت في العام 2002م والتي تحوي مقترحات خاصة من الأطفال والشباب إلى السياسيين والحكومة ولجنة الانتخابات.

وما يتميز به عمل اللجنة هو حرصها على حق المواطن في الحصول على المعلومة وهذا ينعكس على محتويات الموقع الالكتروني الضخم والشامل للجنة فكل المعلومات والوثائق والتقارير المتنوعة متوافرة لتثقيف الناخبين وضمان حصولهم على المعلومة، كذلك يستقبل الموقع الأسئلة أيا كان نوعها، وترسل اللجنة الإجابة إلى السائل في فترة زمنية محددة، وبالطرق التي يفضلها، حتى إذا كانت زيارة منزلية في البيت، خدمة بحرينية ولا في الأحلام.

وهناك كل القوانين المتعلقة بالانتخابات وما يتعلق بها، وأيضا الأدلة الإرشادية المتنوعة للقائمين على إدارة العملية الانتخابية، نتائج الانتخابات السابقة، التجارب التطويرية في طرق التصويت والتجارب التقنية في مناطق انتخابية أو مدن محددة إذ حددت اللجنة 15 موقعا تجريبيا على مستوى بريطانيا لملاحظة إجراءات محددة مثل التصويت المبكر والتصويت بالبريد وتطوير عملية التسجيل وعد الأوراق الكترونيا. وتتوافر أيضا التقارير والوثائق بشأن العمليات الإدارية، ومراجعة السياسات ومقترحات تعديل وتقويم الإجراءات الانتخابية الجديدة والإرشاد حول التسجيل والضبط المالي وغيرها من موضوعات متشعبة .

لقد جربنا الانتخابات العام 2002م حكومة وشعبا، ومن المفترض أن نكافئ أنفسنا حضاريا بخطة تطويرية على غرار التجربة الانتخابية البريطانية وغيرها من التجارب الصديقة لشعوبها لا أن ننشغل بالمسامير التنفيذية المنثورة يوميا لتمزيق عجلات الديمقراطية أو ما تبقى منها . وبات المواطن يطرح يوميا تساؤلات جمة عن واقع التعامل الحكومي في الانتخابات القادمة، ولماذا لا تطبق الدولة وأجهزتها إجراءات التصحيح وكسب الثقة والصدقية لدى الناس، هل لأن حكوماتنا في زمن القمع وأمن الدولة تشبعت بخبرات طمس المشاركة البحرينية لدرجة أنه يصعب عليها تعلم شيء ايجابي لزيادة المشاركة الشعبية، ألا يستحق البحرينيون تعاملا حضاريا أفضل من هذا

إقرأ أيضا لـ "فريدة غلام إسماعيل"

العدد 1334 - الإثنين 01 مايو 2006م الموافق 02 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً