العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ

كشكول رسائل ومشاركات القراء

اللقاء الأخير قبل الرحيل

منذ مدة ونحن في اللجنة الثقافية بمسجد أبي رمانة نخطط لزيارة ودية نرد فيها بعض ما أفاض به الشيخ أحمد مال الله علينا نحن أهل دمستان حين عاش بيننا طوال عقد تقريباً من الزمن، إذ استقر به المقام منذ 1986م إلى 1995م على ما أتذكر، وكان حينذاك كأنه أحد أفراد هذه القرية، فمن عادته البساطة، والقدرة على التعامل مع مختلف الشرائح والأعمار، وتودده للكبير والصغير، وليس خافياً طبعاً ما قام به من مسئوليات كبيرة غيرت كثيراً من واقع القرية الثقافي والاجتماعي وحتى الاقتصادي والسياسي.

كنا على موعد مع الشيخ في تمام العاشرة من صباح يوم الجمعة 28 ابريل/ نيسان الماضي، وحين دخلنا عليه في مجلسه وجدناه يتصفح كتاب الغدير (الجزء السابع)، فقام مرحباً بانشراحه المعهود، وغالباً ما كان يقول لي حين يلقاني (حبيبي جاري) على رغم أن الجيرة انقطعت منذ أمد، إلا أن لغة الترحيب التي حكمتها الجيرة واستقرت في داخل النفس بهكذا صفة لم تفارق قلبه ولسانه طوال سنين.

رحب بنا وبدأ يصب الشاي لنا بيده ثم بسط الحديث سريعاً بلا تكلف أو حتى تشاغل، وما لفتني أكثر أنه لا يتصنع حين يستقبل الآخرين، إذ كان لابساً ثوباً وغترة لفها على رأسه كعادة آبائنا بتلك الهيئة البسيطة على خلاف الكثيرين من بني صنعته. ثم استرسل في عبارات الترحيب عائداً بذاكرته وذاكرتنا إلى تلك الكلمات والقصص التي لا تزال تستوقفه أيام دراسته في النجف الأشرف، إذ أفاض في إيضاح تلك الصيغ الترحيبية التي كان يستخدمها العراقيون، وتمنى أن تكون لدينا مثل هذه المفردات في تعاملنا، منها ما يتعلق بالزيارة من غير دعوة، ومنها ما يرتبط بآداب الطعام وفنون المعاملة، وأطايب العشرة والمجاملة، وكان في كل ذلك يسوقها بطريقته الخاصة التي جعلت الحضور يقهقون من الضحك. ثم أشار إلى أن هناك عزماً من قبل الخطباء على إنشاء تجمع للخطباء يحفظ حقوقهم ويشد من أزر ضعيفهم... الخ... من أهداف هي محل نظر وتباحث بين المعنيين. بعد ذلك تطرق إلى ما عليه بعض خطباء اليوم من لحن في كثير من المواضع، إذ أشار إلى ضرورة حفظ متن الأجرومية قبل ارتقاء المنبر فالزمان تغير والمستمعون هم غير أولئك في ذلك الزمان.

استأذنت سماحته وقلت له: سماحة الشيخ تعرف منزلتك عندنا، وهذه الزيارة تأخرت كثيراً فأفضالك وأياديك البيضاء لا تعد ولا تحصى، وهذه الزيارة جاءت لتقديم الشكر والعرفان اليكم على ما أسديتموه من معروف خاص لأهل هذه القرية. فأجاب: ربما تجاوز التلميذ مبتغى أستاذه، أنتم الخير والبركة. أنتم أرض خصبة ينبت فيها الخير. ثم تحدث الاخوة بإطراء بالغ على تلك المشروعات الكبيرة التي تبدأ من تأسيس الشيخ بدعوته المتكررة لصندوق دمستان الخيري، ووضعه اللبنة الأولى لإحياء ليلة القدر، وإقامة صلاة الصبح يومياً، مع تأسيس صلاة الجماعة ظهر الجمعة، ولا تنتهي طبعاً بسعي الشيخ الدؤوب إلى لملمة تلك الجروح والخلافات التي كانت تنشب بين الفينة والأخرى، بمنطقه الحصيف في إقناع المتخاصمين، مع ما يبذله في سبيل ذلك من وقت وجهود كبيرة واضحة للعيان. ثم طرح أحد الاخوان على الشيخ فكرة خامرت أذهاننا منذ فترة ألا وهي تكريم جنابه رداً للجميل واعترافاً بالفضل، مع دعوة الشيخ للصلاة جماعة ليلة السبت من كل أسبوع، فقال الشيخ: أما التكريم فهذا من فضلكم ولم أفعل شيئاً أستحقه، وأما الصلاة فأنا ملتزم بالصلاة ست ليال منها ثلاث ليال في الزنج لم أقطعها منذ خمس وعشرين سنة، ولا فراغ عندي إلا ليلة الثلثاء، ولم أكن لأصلي في مكان لحاجتي إلى بعض الراحة. أما أنكم قد طلبتموها فهي لكم لما أحمله لهذه القرية من حب ومعزة. وبخصوص ليلة القدر فلم تعد قوتي تسمح بذلك، فقد ولى ذلك الزمان الذي كنت أحيي فيه ليلة القدر في المحرق ثم أعود إلى دمستان لأواصل ذلك إلى حد صلاة الصبح، لقد كبرت، عمري الآن 67 سنة وحيويتي لم تعد كما كانت... بعد ذلك تم الاتفاق على أن يجرى التكريم ليلة الجمعة 4 مايو/ أيار الجاري على أن تكون الصلاة بإمامته ثم يبدأ حفل التكريم... وقد رحب سماحته بذلك مقدراً بلطف بالغ...

انتهى الكلام فيما جئنا من أجله ثم جرى الحديث في أمور شتى فكان منها أن التفتُّ إلى ذلك الكتاب الذي خلا من أي اسم بسبب تجليده مستأذنا منه تصفحه، وبادرته مازحاً: ألا تزال يا شيخ تقرأ هذه الكتب الصفراء؟ فرد علي بابتسامة ودودة: «ويش نسوي بعد...» ثم أردف: لا ينبغي أن يخلو بيت من كتابين: الغدير وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد.

التفت الشيخ إلى تلك المائدة الممدودة التي حوت صنوف الطعام، وقال: «إذا ما بتاكلون تدفعون قيمته». وهو يسترسل في دعابته التي تموج بها شخصيته كان يصب الشاي بيده للحضور بين الفينة والأخرى في تواضع قل نظيره على رغم وجود أبنائه بين يديه. وحينذاك سأله الشيخ علي الطيار: من أين جاءت كلمة ضيف وما تعني؟ فرد الشيخ ببداهة - لما عرف عنه من قوة في النحو والبلاغة -: الضيف من الإضافة وواضح معنى ذلك لا يحتاج إلى شرح، فقال الشيخ الطيار: أنت الضيف يا شيخ، أما سمعت ما يقول الشاعر:

يا ضيفنا لو جئتنا لوجدتنا

نحن الضيوف وأنت رب المنزل

ثم تفرع الحديث وتشتت في كل ناحية... وتصعب لملمته... اللهم إلا نزراً تلقفته ذاكرتي.

ماذا أقول: كنا على موعد معه كل ليلة ثلثاء لنصلي جماعة بإمامته، وقبل ذلك كنا على موعد معه لنرد له ولو بشكل رمزي بعض جمائله وكان هو على موعد آخر... خرجنا من بيته وودعناه بالأحضان كما استقبلنا بقبلات وأحضان دافئة ملؤها الأبوة والمحبة... ونحن ببابه في الخارج نتحدث عن تصميم الإعلان وبعض فقرات الحفل... ثم مضينا لنصبح صباح السبت وقد ارتفعت روحه إلى بارئها، وغادرنا قبل أن نأنس به من جديد بعد سنوات.

رحمك الله يا أبا عبدالأمير فقد والله أفجعت قلوبنا، ورزئنا بك حقاً... لكن لا نقول إلا انك مضيت على هدى من دينك، فحشرك الله مع من تتولى من أهل بيت النبوة وفي مستقرِ دارٍ دعواهم فيها سبحانك اللهمّ وتحيتهم فيها سلام.

إبراهيم الماجد


مستقبل الطاقة في الوطن العربي

على رغم أن الطاقة تعد من الأوليات والقضايا الحساسة والمهمة في واقعنا الحاضر؛ نظرا إلى ما تشكله من أهمية استراتيجية وملحة لدى جميع دول وشعوب العالم، فإننا في وطننا العربي لا نرى لهذا الأمر وجودا على أرضية الواقع. فلم نر سوى الكلمات الرنانة، والمقالات الصحافية والدراسات الجامعية التي ربما بليت بسبب حشرها في أدراج الجامعات والمعاهد.

إذ كل هذه الأطراف قد تشير إلى أهمية الطاقة ودورها في حاضر ومستقبل البشرية، وتنذر وتتوعد العالم بمستقبل أسود فيما لو لم تبادر إلى وسائل جادة وحيوية كبديل للنفط، الذي قد ينفد في المستقبل، ولكنها واقعاً لم تجد لها تفعيلا على أرضية الواقع، فربما يكون ذلك بسبب عدم وجود بديل فعلي وناجع للنفط، أو عدم فعالية الوسائل الأخرى ومضاهاتها في المستوى والجدوى للنفط.

فتلك أمور قد تؤخذ في الحسبان حينما نفكر بخلق بديل للنفط، ولكن هذا الرأي لا يعد مبررا كافيا، يدفع دولنا إلى التكاسل والتواني في التفكير جديا في بديل للطاقة النفطية، أو على الأقل خلق مناخ لمصادر من الطاقة تخفف من الضغط المتزايد على استخدام النفط، وخصوصاً أن مشكلة الطاقة ليست حديثة العهد في دولنا، فهي أثيرت منذ القرن العشرين، ومازالت قائمة حتى القرن الحالي.

فقد تكون المصادر الأخرى للطاقة غير فاعلة بصورة كبيرة بالنسبة إلى دولنا، كالطاقة الهوائية والشمسية والكهرومائية والحرارية - وإن كان هناك من الدول الأوروبية من استفادت منها بصورة كبيرة في خلق مخزون لا بأس به من الطاقة - إلا أن هذا لا يعني أن جميع مصادر الطاقة غير فاعلة.

ويمكن في هذا الجانب أن نذكر مثالاً لأحد مصادر الطاقة، وهو الطاقة النووية، التي باتت حديث الساعة في عصرنا الحاضر، والشغل الشاغل لدى كل الدول الغربية والشرقية.

فالطاقة النووية تعد من مصادر الطاقة الفعالة في عصرنا الحاضر، والتي يمكن من خلالها توليد طاقة هائلة وكبيرة، يمكن الاستفادة منها في جوانب إنسانية كبيرة، كتوليد الكهرباء، التي تحتاج إليها جميع دول العالم. وهذا الأمر هو ما دفع إيران إلى إصرارها بقوة - في مواجهة الغرب - على حقها في امتلاك الطاقة النووية السلمية.

فهذا الموقف الإيراني ينبغي ألا يمر على عالمنا العربي مرور الكرام، وكأن أمر الطاقة وموقف إيران لا يعنيه، إذ لابد من خلق موقف عربي قوي، يؤسس لقرار موحد، يتم التأكيد فيه على أحقية دولنا العربية والإسلامية، بل وجميع شعوب العالم، في امتلاك الطاقة النووية السلمية وغيرها من مصادر الطاقة التي تود أوروبا وأميركا أن تستأثرا بها.

وقد تعد كلمة الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى من المواقف العربية الجريئة والشجاعة والصريحة، وذلك حينما أعلن للدول العربية، قائلا له: «أطالب الدول العربية بالدخول بكل سرعة في مجال الاستخدام السلمي للطاقة النووية؛ لأن من حق كل الدول الأعضاء في معاهدة منع الانتشار النووي الحصول على هذه الطاقة».

فمثل تلك الكلمة، تعد نبراساً يحتدى لتشجيع عالمنا العربي؛ لأخذ زمام الموقف نحو قرن جديد للطاقة، يضمن استمرار عملية البناء والتحديث والتطوير في دولنا.

علي خليل إبراهيم


لا تيأس... ستنجح

مررنا بلحظات رغبنا فيها في أن نترك كل شيء وأطلقنا على أنفسنا «الفاشلين»، فإننا عندما أردنا الصعود إلى قمة جبل تعثرنا وسقطنا، فمنا من قام وحاول الصعود مرة ومرتين و... و... ومنا من أخفق في الوصول وانسحب لأنه يظن أن النجاح كلمة مستحيلة من دون العلم بأن الفشل هو طريق النجاح.

نعم، إن الإنسان لا يصل إلى النجاح إلا بعبء عليه أن يتحمل لفترة من الزمن التعثر والوقوع متجاوزاً كل طرق الفشل، فإن كل عقبة وهزيمة هي فائدة. ومن الطبيعي أن يفشل الإنسان عدة مرات وليس الفشل هو الذي يجعل منا فاشلين، لكن إذا توقفنا عن المحاولات وقبلنا بهذا نكون فاشلين.

فنحن نتعلم دروساً في هذه الحياة وتمر علينا الكثير من التجارب الناجحة والفاشلة ونتعلم منها الكثير، إذ إن التجارب هي طريق للتعلم وكسب الخبرات وكيفية الاستفادة منها، بذلك تصبح لدينا ثقة بأن الفشل يكشف لنا طريق النجاح ولا يهم كم مرة فشلنا، المهم أن نستفيد من فشل الماضي.

والنجاح هو مطلب يسعى إليه كل إنسان، ويتمنى الوصول إليه الجميع، ومن المقومات الأساسية للنجاح هو الصبر على كل ما يعترض طريقنا من مصاعب وعقبات والمحاولة لإزالتها، كذلك لابد من الثقة بالنفس وثقة بالقدرات والمواهب، وأيضا الطموح يمدنا بالقوة والعزم ويساعدنا على المثابرة والسعي والإصرار على ذلك يزيد فرص النجاح والتفوق ويفتح أمامنا خيارات أكثر وأفضل وينقلنا من نجاح إلى نجاح آخر.

إخواني... إن الشعور بالإحباط واليأس... هذه المشاعر لا يمكن أن ننكرها عند المرور بتجربة فاشلة، لكن المهم هنا هو ألا نبقى على الحال نفسها ونتخذ من التجربة الفاشلة هذه نبراساً نمشي به ونهتدي به في هذه الحياة، وأن نسير بخطى مدروسة نحو هدف معلوم، ونعلم أن الحياة مليئة بالتجارب يجب أن نستفيد منها.

نورة عاشور هلال


نَمْ هانئاً في رحابِ الله

يا شيخ أحمد مال الله رحت إلى

نحو الخلودِ وقد خلّفت أشبالا

يا راحلاً وإلى نحو السماء علا

وفقدُهُ زلزل الأطوادَ زلزالا

يا خادم السبط أبكيت العيون دماً

أرسلت دمعي من العينين إرسالا

هلا مكثت إلى الأولاد تحضنهم

صاروا خلافك في حزنٍ وإعوالا

نادوك من ألمٍ يا والداهُ أَلا

مَنْ للعيالِ ويرعى اليومَ أطفالا

مَنْ للمنابرِ والأعوادِ يصعدها

يُلقي اللآلئَ مِنْ فِيهِ أشكالا

يحاربُ الظلمَ لا يخشى عواقبَهُ

في الحقِ جرد، للطاغوتِ نصّالا

إذ الصراحة قد أضحت سجيّتهُ

يُطبِّق القول بالأفعالِ إنْ قالا

ولا يخافُ بجنبِ اللّهِ لائمةً

عن منطقِ الحقِ لا واللّهِ ما مالا

أسلوبه الفذ قد قلّت نظائرُهُ

مميّز وله في الناسِ إقبالا

إن غاب عنا وهذا التربُ غيّبهُ

فصوتُ أحمد في الآذانِ مازالا

كم مِنْ خطيبٍ بدا من تحت رايتهِ

لهُ عليهِ كرامات وأفضالا

فتلك أبناؤه صاروا خلائفه

والليثُ ينجبُ للساحاتِ أبطالا

عبدالأمير ويا نعماً بإخوتهِ

أمامهم للواءِ الشيخِ قد شالا

عبدالأمير عزائي اليوم أُرسِلُهُ

إذ جئتُ من ديرتي للحزنِ حَمّالا

أبوك أثّر في نفسي وخلّف في

قلبي جراحاً من الأحزانِ قتالا

وإنما سلوتي مُذْ راح نحو عُلاً

في ذمةِ اللّهِ للنعماءِ قد نالا

فخادمُ السبطِ يرقى في سفينتهِ

سفينة السبطِ تكفي المرءَ أهوالا

يا راحلاً للمعالي لم يُودِّعنا

خلّفتَ دمعيَ من عينيَ همّالا

هذي الأنامُ أتت تبكي أسىً ولها

مثلي يُقطِّعُ منها الحزنُ أوصالا

من للكتابِ وللمحرابِ مُبتهلاً

في ظلمةِ الليلِ للرحمنِ نفالا

نَمْ هانئاً في رحابِ الله خالقنا

فضلُ الإلهِ على الإنسانِ مازالا

عند الإلهِ ستلقى كُلَّ مَكرمةٍ

وسوف تلقى رسول اللهِ والآلا

يُسقيكَ حيدرةٌ في الحوضِ من يدهِ

ما خابَ من لعلّيِ الطُهّرِ قد والا

وفي الجنانِ ستلقى الحورَ ناعمة

منها تُلاقي في الجناتِ إقبالا

إبراهيم جاسم إسماعيل

العدد 1337 - الخميس 04 مايو 2006م الموافق 05 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً