لاحظ فريق الجمعية البحرينية لحقوق الإنسان الذي زار سجن جو وخرج بتقرير كامل عن وضع السجون في البحرين وجود باب خارجي في مبنى رقم (2) في سجن جو. وعند سؤال أحد الحراس عما يوجد خلف الباب ذكر أن هناك مكاناً يستعمل لنشر الغسيل، إلا أن الفريق أصر على فتح الباب لرؤية ما خلفه، وتم اكتشاف منفذ غير واضح المعالم يؤدي إلى ست زنزانات انفرادية لا تتعدى مساحة الواحدة منها 1,53 متر ما يساوي أربعة أمتار مربعة ونصف.
وأشار تقرير السجون إلى أن تلك الزنزانات يشغلها وقت الزيارة مراهق في السادسة عشرة من العمر لم يمض على وجوده بالمركز إلا خمسة أيام وبحسب قوله فهو محكوم بثلاثة أشهر فقط. وسبب وجوده في الحبس الانفرادي هو مشاجرة مع زملائه، ما يؤكد شكوى النزلاء من الاستخدام التعسفي لعقاب السجن الانفرادي لأي سبب.
وقال التقرير إن الزنزانات الانفرادية توجد بها فتحة للتهوية لا تتعدى قدماً مربعاً تقريباً وتقع في أعلى الغرفة بالقرب من السقف. ويوجد في الزنزانة حمام مفتوح مباشرة على الزنزانة وليس له باب. وهي كسابقتها تنبعث منها روائح كريهة؛ ولها باب حديدي، وتفصلها عن المبنى الرئيسي حوائط متعددة وثلاث ممرات بحيث يكون من الصعب سماع النزيل عند طلب النجدة أو الطبيب الأمر الذي قد يهدد حياة السجين في حال تعرضه لطارئ صحي.
وتساءلت الجمعية عما إذا لم يكن هناك وسيلة أخرى للتعامل مع مراهق لم يمض في السجن سوى أيام معدودة ومدى تأثير الحبس الانفرادي على نفسيته في المستقبل؟
ويضم المبنى رقم (2) والذي أكتشف فيه السجن الانفرادي ثلاثة عنابر: رقم 1 تحت الصيانة وعنبر رقم 2 و3 مأهولان. وينقسم عنبر رقم 2 إلى ثلاثة أقسام (أ، ب، ج)، ويتكون من 18 زنزانة. ثلاث منها غير مشغولة في يوم زيارة الفريق. تبلغ مساحة الغرف 1216,8 قدماً وتبلغ الطاقة الاستيعابية لكل منها ستة نزلاء. وتحتوي كل زنزانة على 8 أسرة ذات الطابقين.
وأشار تقرير الجمعية إلى أن الزنازين أعدت لإيواء ثمانية نزلاء وليس ستة بحسب الطاقة الاستيعابية للزنزانات. إذ بلغ عدد النزلاء في ست منها بين سبعة وثمانية نزلاء، في الوقت الذي كان يشغل البعض الآخر أربعة نزلاء. ويوجد بالعنبر أربعة حمامات للاستحمام وأربعة مراحيض. ومستوى النظافة مقبول عموما.
وأوضح التقرير إلى أن عدد زنزانات العنبر رقم 3 تبلغ ثلاثون زنزانة مساحة كل منها 9,88,2 قدم مربع ويسكن بها 53 نزيلاً موزعين على 29 زنزانة بمعدل نزيلين في كل غرفة. وخصصت الزنزانات من رقم 14 إلى 30 للنزلاء المرضى إلا أن إدارة السجون لم توضح نوع مرضهم للجمعية.
وأكد تقرير الجمعية أن زنزانات الحبس الانفرادي في سجن جو لا تتوافر فيها الشروط الصحية من حيث الإضاءة والتهوية والنظافة ومراعاة الظروف المناخية ما يتعارض مع المادة 10 من القواعد النموذجية الدنيا للسجون.
أنواع العقاب في جو
وقال تقرير الجمعية: «تعددت أنواع العقوبات التي يخضع لها النزلاء ما بين الحبس الانفرادي والحرمان من الأكل والحرمان من زيارة الأسرة واستعمال الهاتف والفسحة وغيرها».
ودعت الجمعية إلى ضرورة الحد من التعسف في العقوبات وإدخال إصلاحات جوهرية على كل أماكن الاحتجاز في المملكة، وضرورة عدم حرمان النزيل من زيارة أسرته له لأن في ذلك تعدياً على حقوق أفراد الأسرة في رؤية ابنهم. كما أن أي حرمان من الأكل يعتبر تعدياً على صحة الفرد وسلامة بدنه. وبحسب إفادة النزلاء الذين تمت مقابلتهم فإن العقوبات التي سترد في الجدول الآتي ينفذ معظمها بشكل شخصي سواء من قبل الحراس أو المسئولين المباشرين من دون إجراء تحقيق بحسب القانون.
غالبية السجناء حبسوا انفرادياً
ونقلت الجمعية إفادات غالبية النزلاء أنهم تعرضوا للحبس الانفرادي لمرة واحدة على الأقل طوال وجودهم في سجن جو. وكانت أقصر مدة هي يوم واحد، أما أطول مدة قضاها نزيل في سجن انفرادي فكانت ثلاثة أشهر. الأمر الذي يتعارض مع القانون المحلي والدولي. وذكر نزيل واحد أنه أمضى أسبوعاً واحداً في السجن الانفرادي وهو مقيد اليدين طوال الوقت حتى عند الأكل أو النوم أو الذهاب إلى دورة المياه.
التمرد والمخالفات والجزاءات
وأكدت الجمعية أن المخالفات وحالات التمرد بين النزلاء تتراوح من المخالفة البسيطة كسرقة علبة مشروبات غازية إلى الاعتداء اللفظي والجسدي على الزملاء أو الحراس. وقد وصلت في مرات قليلة إلى الإضراب عن الطعام والاعتصام.
وقالت الجمعية على رغم الفراغ القانوني الذي أشرنا إليه سابقاً يمكن تلخيص الإجراءات العقابية في التنبيه والإنذار في حضور الحرس والنزلاء، والحرمان من النشاط الترفيهي لمدة لا تزيد على أسبوع، ومن ساعة التنزه في الهواء الطلق لمدة لا تزيد على سبعة أيام، ومن المكافأة المالية المقررة وأجر العمل أو احدهما لمدة لا تزيد على عشرة أيام، ومن الاتصال الهاتفي لمدة لا تزيد على أسبوعين، والسجن الانفرادي لمدة لا تزيد على أسبوع.
وأكدت الجمعية أن المدير يتخذ قرار العقوبة بشكل فردي في حال المخالفات البسيطة، وفي حال المخالفات الجسيمة تعقد لجنة تحقيق برئاسة مدير المركز وعضوية رئيس قسم شئون النزلاء واختصاصي اجتماعي وممثل لمكتب الشئون القانونية، وفي بعض الحالات يحول ملف النزيل المخالف الى النيابة العامة. ولاحظت الجمعية أنه لم يتم تحديد تعريف للمخالفات الجسيمة والبسيطة الأمر الذي يعطي إدارة المركز صلاحيات واسعة في إصدار العقوبات بشكل فردي. واشتكى بعض النزلاء ممن تمت مقابلتهم بأنهم معرضون للسجن الانفرادي والعقاب الجماعي مع كل هفوة أو مخالفة بسيطة. وقالت الجمعية أنه على رغم إتاحة الفرصة للنزيل للتظلم؛ إلا أن حصر تلك الآلية في إدارة الشئون القانونية بوزارة الداخلية؛ وعدم وجود جهة محايدة كاللجنة الوطنية لحقوق الإنسان التي يمكنها من التعامل مع تظلمات النزلاء والتحقق منها بشكل موضوعي كل ذلك يجعل النزيل عرضة لانتهاك حقوقه الإنسانية. وعلى رغم قلة المرات التي استعملت بها القيود الحديدية كوسيلة للتأديب فإنه لم يعرف على وجه الدقة شكل هذه القيود وما إذا كانت تشمل قيود الرجل أيضاً
العدد 1340 - الأحد 07 مايو 2006م الموافق 08 ربيع الثاني 1427هـ