العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ

المواطن الخليجي والقمم التشاورية

محمد علي الهرفي comments [at] alwasatnews.com

كاتب سعودي

أعتقد أن المواطن الخليجي شأنه شأن كل مواطن عربي يسمع عن اجتماعات لا أول لها ولا آخر - كما يبدو - وعلى كل المستويات ولكنه لا يكاد يرى أثراً لهذه الاجتماعات في واقع حياته، ومن أجل ذلك أصبح تفاعله معها محدوداً في بعض الأحيان ومنعدماً في أحيانٍ أخرى.

في خليجنا عقدت قمم كثيرة للرؤساء أحياناً ولوزراء خارجيتهم أو داخليتهم أحياناً أخرى أو لغيرهم من مسئولي دول الخليج، وعلى مدار ربع قرن تقريباً تبدو النتائج ضئيلة قياساً إلى طول المدة وكثرة اللقاءات والحديث عن الحرص الشديد على إيجاد آليات سريعة تربط بين مواطني هذه الدول وتقرب المسافات بينهم.

الكل يعرف أن عوامل اللقاء والوحدة بين دول المنطقة كثيرة جداً، والكل يعرف أن عملاً بسيطاً يمكنه أن يجمع شتات هذه الدول ويقويها كوحدة واحدة، والكل يعرف أيضاً أنه لا شيء يحدث لجمع هذا الشتات وإنما حديث وحديث ثم يهدأ كل شيء إلا من صوت هنا أو صوت من هناك.

القمة التشاورية التي عقدت في الرياض يوم السبت 18 ربيع الثاني 1427هـ (6 مايو/ أيار 2006) كان هدفها - كما أُعلن - متابعة ما تم عمله بعد القمة التي عُقدت في أبوظبي في شهر ديسمبر/ كانون الأول 2005م والتي أطلق عليها «قمة الملك فهد» وكذلك بحث بعض المستجدات على الصعيد العربي أو الدولي.

هذه القمة أكدت أهمية إنشاء مقر لمكافحة الإرهاب، واتفق على أن يكون هذا المقر في دولة البحرين... وقد جاءت هذه التوصية استجابة لاقتراح كان خادم الحرمين قد دعا إليه وأكد أهميته في القمة السابقة. والواقع أن الإرهاب ودواعيه يستدعي دراسة علمية وعملية جادة لمعرفة أسبابه وطرق معالجته، والمقر وحده لا يكفي بطبيعة الحال وإنما الأهم منه معرفة ماذا سيقوم به.

دول الخليج تعاني من الإرهاب - مع تفاوت بينها - والعالم يعاني منه أيضاً، ومن مصلحة دولنا أن تعمل على التخلص منه أو تقليله. أعتقد أن معرفة ماهية الإرهاب وتحديد معنى هذا المصطلح مهم جداً عند وضع أية خطة لمحاربته وإلا فسيكون ذلك المقر قليل الجدوى أو عديمها.

سأبتعد قليلاً عن التفسير الأميركي واليهودي للإرهاب، فالأميركان والصهاينة لهما مفهوم يتفق مع مصالحهما ولا شيء آخر، وهذا المفهوم يتصادم مع العقل والمنطق والدين، لكنني سأبقى في المفاهيم التي تدور في منطقتنا لأنها الأكثر أهمية بالنسبة إلينا.

القتل والتدمير - بكل أنواعه - إرهاب متفق عليه عند العقلاء، لكنه لا يمثل كل أنواع الإرهاب وإنْ كان معظم الحديث يدور حوله، وينسى الكثيرون أن هناك أنواعاً أخرى من الإرهاب وأن بعضها قد يقود إلى القتل والتدمير.

الإرهاب الفكري بكل اتجاهاته، وكذلك الإرهاب الاجتماعي، الفقر والبطالة، الفساد بكل أنواعه، كل هذا من الإرهاب الذي يقع على بعض الناس وهو من دوافع الإرهاب... ومن هنا، فإن من مسئوليات مركز الإرهاب المقترح أن يعي هذه الحقائق - وسواها - ويجعلها في دائرة اهتماماته إن أراد لفكرته أن تنجح.

القمة التشاورية بحثت موضوع السلاح النووي الإيراني ورأت أن على إيران أن تعمل على تطمين المنطقة وأن تؤمّن سلامة البيئة، كما أن عليها ألا تشق القرارات الدولية.

السلاح النووي الإيراني أصبح قضية دولية، وأعتقد أن مصلحة منطقتنا ألا ننساق وراء المطالب الأميركية والرغبات الصهيونية. صحيح أن كل سلاح نووي قد يكون خطراً على البشرية، وصحيح أيضاً أنه قد يدمر البيئة التي حوله كما يدمر الإنسان معها، وما حصل في تشيرنوبل ليس بعيداً عن أذهاننا. ولكن هذا كله لا يجعل المنطقة تطالب بنزع سلاح إيران النووي، في الوقت الذي تحتفظ فيه «إسرائيل» بكميات هائلة من هذا السلاح وهي عدوة للعرب كلهم... المطالبة الخليجية يجب أن تكون متلازمة ما بين إيران و«إسرائيل» - على أقل تقدير - فمادامت «إسرائيل» تملك سلاحاً نووياً فلماذا نطالب إيران بالامتناع عن امتلاك هذا السلاح، في الوقت الذي تعلن فيه أنها تنتجه لأغراض سلمية؟

أما التكامل بين الدول الخليجية فهو أمر مطلوب، لكنه يبدو كالسراب ولست أدري لماذا؟

تحدثنا كثيراً عن العملة الخليجية الموحدة وعن التكامل الاقتصادي والربط المائي والكهربائي، كما تحدثنا عن البطاقة الموحدة للسفر وعن الجمارك وعن أشياء كثيرة أخرى، لكن المواطن الخليجي لم يرَ شيئاً ممّا تم الحديث عنه، مع أن إيجاده في غاية الأهمية وفي غاية السهولة كذلك - هكذا أظن.

الكل يعرف كيف توحدت أوروبا على رغم الخلافات الهائلة بينها، والكل يعرف كم استفادت من هذه الوحدة، لكننا عجزنا أن نكون مثلها أو حتى قريباً منها.

أليس من المؤسف أن يقف السعوديون والبحرينيون في طوابير هائلة - أحياناً - حتى يتمكن أحدهما من دخول بلد الآخر بسبب الجوازات أو الجمارك؟ ألم يكن بالإمكان إلغاء هذه الإجراءات منذ سنوات طويلة؟ أهذه تحتاج إلى عشرات السنين لدراستها؟ لست أدري! وما قلته عن البحرين ينطبق على بقية دول المنطقة.

أليس بالإمكان أن يعمل المواطن الخليجي في أي بلد يريده من دوله الخليجية وكأنه واحد من أبناء هذه الدولة بدلاً من استقدام أفراد من هنا وهناك؟ أهذه المسألة تحتاج إلى دراسة عميقة لسنوات طويلة؟

الوحدة - بكل أشكالها - مطلب حيوي لكل دولة وخصوصاً دولنا الخليجية، لأن هذه الوحدة ستجعلها قوية لها شأن، ومن دون ذلك فستبقى ضعيفة يطمع فيها أعداؤها.

الحديث وحده لا يكفي والعمل وحده هو الذي يحقق طموحات أبناء المنطقة، فمتى نراه؟

إقرأ أيضا لـ "محمد علي الهرفي"

العدد 1341 - الإثنين 08 مايو 2006م الموافق 09 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً