العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ

«التنمية الاجتماعية»... ومعاقبة الصناديق

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

تحدثنا أمس عن الكارثة التي تهدّد بها وزارة التنمية الاجتماعية الصناديق الخيرية، بفعل تعميمها بخصوص تعديل أوضاعها بالسرعة الممكنة، وإلاّ «فإنها تعتذر عن التصديق على اعتماد توقيع الأعضاء من خارج المؤسسين على حسابات الصندوق».

مثل هذا الطلب تعجيزي، وغير عملي، وفيه معاقبة لعشرات الآلاف من المواطنين الفقراء على ذنبٍ لم يرتكبوه. فهو يعاقبهم لأن الوزارة نفسها لم تحسن التصرف أو التدبير. والمشكلة أن العاملين في الصناديق الخيرية الذين أخذتهم الرسالة الغريبة على حين غرة، حاولوا مراجعة الوزارة للاستفسار، فلم يجدوا غير لغة التهديد مرةً أخرى!

القرار غير المدروس، يستلزم تدخل الوزيرة فاطمة البلوشي لتصحيح هذا التعامل الفوقي، وعدم تركه لصغار الموظفين والموظفات ليتلاعبوا بمصير الصناديق. فعبارةٌ من تسع كلماتٍ في رسالة إحدى المديرات بالوزارة: «عدم التصديق على اعتماد تواقيع الأعضاء من خارج المؤسسين»، يمكن أن تعطل مصالح عشرات الآلاف من الفقراء والمحتاجين، الذين يتلقون معونات شهرية تنتفع بها آلاف العوائل العاجزة عن تحصيل قوت يومها لعجز أو ترمل أو بطالة أو يتم.

وبالمناسبة، إدارات الصناديق الخيرية من النوع المسالم جداً، إذا ضربتها على الخد الأيمن أدارت لك الخد الأيسر، وهي لا تعتبر وزارة التنمية نداً لها، وإنما تعمل بجدٍ وإخلاصٍ لمساعدتها أصلاً في تحقيق أهداف «التنمية الاجتماعية». من هنا يُفترض بالوزارة ألاّ تعتبر هذه المؤسسات الخيرية عدواً لها فتسعى في شلّ حركتها. وإذا كان ثمة خللٌ قانوني، فمن واجب الوزارة البحث عن حلول عملية وقانونية وليس التهديد بتعطيل أعمالها!

وربما من المهم للرأي العام معرفة أن الصناديق الخيرية، لم يتم إشهارُ أيٍّ منها، إلاّ بعد موافقة الوزارة المعنية، وبعد توثيق عقد الـتأسيس رسمياً في المحكمة بمبنى وزارة العدل والشئون الإسلامية. والصناديق التي بدأت قبل عشرين عاماً (29 صندوقا)، تضاعف عددها ثلاث مرات الآن، والثغرة التي تتذرع بها الوزارة، هي أحد البنود في القانون الأساسي، الذي يتحدث عن «انتخاب مجلس أمناء الصندوق من بين المؤسسين». وهو شرطٌ يمكن قبوله في الإدارة الأولى، ويسقط منطقياً في الإدارات التالية، فالصناديق التي مضى عليها عشرون عاماً، من غير المعقول المطالبة بالإتيان بإدارتها الأولى. فالمؤسسون الأوائل بعضهم انتقل إلى منطقةٍ سكنيةٍ أخرى، وبعضهم انتقل إلى رحمة ربه، وبعضهم اعتزل العمل التطوعي أو دخل البرلمان، فلم يعد بالإمكان إجباره على العودة إلى «حظيرة» العمل التطوعي الذي بدأ به حياته، وهناك جيلٌ جديدٌ يقوم بواجب الخدمة الاجتماعية. من هنا، من غير العملي إن لم يكن مستحيلاً، الإتيان بالإدارة الأولى وإلاّ «لن نعتمد توقيعاتكم»!

ثم إن الصناديق الخيرية دأبت على إجراء انتخابات حرة منذ تأسيسها، قد يحدث فيها تزكيةٌ للإدارة في حال عدم ترشح أحد، لكن لم يحدث فراغٌ تنظيميٌ قط في هذه التجربة الشعبية الرائدة. وعليه من الخطأ التشكيك في مؤسسات مدنية شرعية منظمة جيداً، ومنتخبة شعبياً، لمجرد وجود ثغرةٍ في القانون التأسيسي يمكن تلافيها بالتشاور والعقل، أو إضافة كلمتي «أو الإدارة المنتخبة» على الفقرة المذكورة أعلاه... أما هدم المعبد على رؤوس الفقراء والمساكين فليس بالسياسة التنموية الحكيمة ولا المقبولة على الإطلاق

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1343 - الأربعاء 10 مايو 2006م الموافق 11 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً