العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ

فلنضع حداً للعنف ضد المرأة

ندى الوادي nada.alwadi [at] alwasatnews.com

.

كقطع اللعب المتناثرة تتجمع لدينا أسباب ظاهرة العنف الأسري، لترسم لوحة كبيرة تشرح ولو جانباً قليلاً من الظاهرة. والحق أن تلك القطع المتناثرة لو ركِّبت إلى جانب بعضها بعضاً، ربما تعطينا تفسيراً ولو بسيطاً عن السبب الذي لايزال معه ضرب المرأة في المنزل «مشروعاً».

لعلنا لا نستطيع أن نهرب من تسمية القطعة الأولى من اللعبة بوضع المرأة في المحاكم الشرعية مهما حاولنا. وفي كثير من الموضوعات والقضايا التي تمس المرأة في المجتمع البحريني، لابد أن يطفو على السطح موضوع القضاء الشرعي ومشكلاته، وقانون أحكام الأسرة والنقاش الدائر حوله. «المرأة تعاني في المحاكم الشرعية»، لم تعد هذه الجملة «كليشيهاً» آخر من «الكليشيهات» التي يظن البعض أنها ترفع بإلحاح لمنح المرأة مطالب لم تتعود أن تمنح لها، بقدر ما أصبحت هذه الجملة حقيقة مرة تكررت حد الملل.

القطعة الثانية من قطع لعبتنا، هي المراكز الاجتماعية التابعة إلى وزارة التنمية الاجتماعية، التي يقول الكثيرون إنها غير مفعلة أو متخصصة، وانها لا تقدم علاجاً حقيقياً لمشكلات العنف الأسري. وهذه القطعة مرتبطة إلى حد كبير بالقطعة الأولى من اللعبة، فالمرأة المعنفة تتجه إلى المراكز الاجتماعية، أو إلى القضاء، وربما تضيع بين الاثنين. تعبت الجمعيات النسائية والناشطات في مجال العنف الأسري من اقتراح إنشاء «محكمة أسرية» أو «مراكز اجتماعية أسرية» مفعلة ومنتشرة بقوة لحل الخلافات الزوجية، والوزارة لاتزال تعد بإنشاء دار للعنف الاسري، أو مراكز أسرية في المحافظات الخمس، ولا يعلم أحد متى تظهر إلى أرض الواقع.

القطعة الثالثة هي المرأة نفسها، بخضوعها، واستكانتها، وصمتها أيضاً، كثير من المتضررات من العنف الأسري يصمتن طويلاً، خوفاً أو خجلاً أو خنوعاً. وتمتزج هذه القطعة بقوة مع القطعة الرابعة وهي المجتمع بكامله، المجتمع الذي تعود، وعوّد أفراده على استخدام العنف كممارسة مشروعة، فذهنية المجتمع انعكست على كل من المرأة والرجل معاً، المرأة تشعر باستكانة وضعة، والرجل يشعر بقوة وجبروت.

الرجل، قطعتنا الكبرى في اللعبة، والعامل المؤثر والمسيطر والفاعل فيها. يعيب البعض كثيراً هذا التحامل على الرجل، وخصوصاً أن هناك أنواعاً مختلفة للعنف الأسري، يقع الرجل ضحيتها في بعض الأحيان، ويعيب البعض أيضاً تحميل الموضوع أكثر مما يحتمل، بإيجاد مبررات «منطقية» لعنف الرجل في المنزل، فهو يعاني من ضغوط كبيرة في العمل والمجتمع، تدفعه إلى رفع يده، في مجتمع تعوَّد أن يعترف برفع اليد كعمل «مشروع».

مهما ذكر من حالات عنف المرأة نفسها، لا يمكن بأي حال أن نتجاهل أن المرأة هي الضحية الأولى في موضوع العنف الأسري، ولا يمكن أن نتجاهل أيضاً أن الرجل هو الجاني الأول في هذا الموضوع.

ومهما تكن المبررات، والظروف المحيطة التي دفعت بالرجل إلى ارتكاب «العنف»، لا يمكن بأي حال أن ندفن رؤوسنا في الرمال وألا نستهجنه كفعل، يبتعد عن أية قيمة أو خلق أو عقيدة

إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"

العدد 1346 - السبت 13 مايو 2006م الموافق 14 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً