العدد 1358 - الخميس 25 مايو 2006م الموافق 26 ربيع الثاني 1427هـ

بين الإنترنت والويب... 1 - الإنترنت

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الفترة بين 23 - 26 مايو/ أيار احتضن المركز الدولي للمعارض في مدينة أدنبره باسكوتلندا المؤتمر السنوي للشبكة العنكبوتية العالمية (W3C) لهذا العام، الذي ستشارك فيه شركات تقنيات الويب من تلك التي في مرحلة الانطلاقة إلى تلك التي تتبوأ مكانة الصدارة مثل أمازون وأوراكل ومايكروسوفت وأسماء أخرى كثيرة من الشرق الأقصى. وكان مؤتمر الويب للعام 2005 قد انعقد في مركز نيبون في مدينة شيبا اليابانية.

ويعتبر هذا المؤتمر أهم مناسبة تتناول قضايا متنوعة ومتشعبة حول الويب والإنترنت يقودها المتحدث الرئيسي للمؤتمر السير تيم - لي بيرنر وهو من اخترع تكنولوجيا الويب وآلية بناء ملفاته. وركز المؤتمر هذا العام، إلى جانب القضايا التقنية، على الجوانب الاجتماعية والحضارية في علاقتها مع صناعة الويب.

والرسالة التي يبشر لها المؤتمر هي الترويج للأبحاث المتطورة حول البنية التحتية للشبكة العنكبوتية العالمية والبرمجيات والتطبيقات ذات العلاقة بها، والمساعدة في بث أنشطة ودراسات العلماء مع القطاعات الأخرى الضالعة في صناعة الويب.

وتسعى هذه الرسالة إلى تحقيق الأهداف الآتية:

- نقل المعرفة حول الويب من خلال المؤتمر وورش العمل.

- التشجيع على القيام بأبحاث ذات جودة عالية من خلال تناول موضوعات حية واستراتيجية من جهة وإشراك الباحثين الجادين فيها من جهة ثانية.

- تشجيع التفاعل والتعاون بين جهات البحث وبيوت تطوير البرمجيات التجارية ومؤسسات التقييس.

وفي لقاء خاص مع هيئة الإذاعة البريطانية يشير بيرنر إلى هذه المسألة بقوله »أريد أن يفتح الويب آفاقا جديدة وجريئة ومبدعة أمام الأعمال الإنسانية... على سبيل المثال بوسع تقنيات الويب أن تنسج عملا موحدا يشارك فيه كاتب النص سوية مع من يريد أن يحول النص إلى عمل مسرحي أو شريط سينما«.

ومن الأمور التي وضعها المؤتمر على بساط البحث هو أهمية التمييز بين الإنترنت والويب لوضع حد للبس الذي بات يسود تفكير الكثير من مستخدمي المنصتين، ويسيطر على المفردات التي يستعملونها عند الحديث أو الكتابة عن أي منهما.

ولا يستثنى العالم العربي من هذا الخلط الأمر الذي يدفعنا للكتابة عن الاثنين للتمييز بينهما. وهذا الأمر يتطلب إلقاء المزيد من الأضواء على كلا المفردين للمساهمة في إزالة أي مجال للبس

الإنترنت

منذ نحو ثلاثين سنة، وبعد غزو روسيا للفضاء، وبدء سباق التسلح النووي في عهد الحرب الباردة، طرح في أميركا بقوة السؤال الآتي: كيف يمكن ضمان استمرارية الاتصالات بين السلطات الأميركية في حال نشوب حرب نووية؟

وللإجابة عن هذا السؤال، كلفت شركة حكومية أميركية تدعى راند RAND(هي المؤسسة التي تلعب اليوم دورا مهما في تطوير برامج التعليم في دولة قطر، ولديها مكتب تمثيلي في الدوحة) بدراسة هذه المسألة الاستراتيجية، ومحاولة إيجاد الحلــــول المناسبة لها. وتمخضت الدراسة التي تمت بالتعاون مع مجموعة من الجامعات الأميركية الرائدة، عن وجـوب بناء شبكة بث إلكترونية لا مركزية تعتمد على تكنولوجيا الاتصالات (distributed communications network) تعــــتمد مبدأ تحويل الرسائل إلى حزم (Packet Switching)، وهو مبدأ ينص على تقسيم الرسائل الإلكترونية إلى وحدات تدعى الحزم (packets) يمكن للمرسل إرسالها عبر مجموعة من العقد (nodes)، ثم تجمع هذه الحزم لدى المستقبل لتشكل الرسالة .

وفي نهاية الستينات، نجحت وزارة الدفــــــــــــــــاع الأميركية في الانتهاء من مشروع هذه الشبكة عملياً وأطلقت عليها اسم أربانت (Advanced Research Project Agency- ARPANET)، إذ ربطت هذه الشبكة مجموعة من الجامعات الأميركية عبر أربع عقد مكونة من أجهزة كمبيوتر عملاقة (supercomputer). وتجلت فائدة هذه الشبكة في نقل المعلومات بسرعة هائلة بين تلك الأجهزة، كما أتاحت للعلماء والباحثين إمكان الاستفادة المشتركة من موارد أنظمة الكمبيوتر لديهم على رغم تباعد المسافات.

بعد ذلك، وعلى وجه التحديد، في العام 1972، ظهرت خدمة البريد الالكتروني (Email) التي ابتكرتها شركة BBN إذ قدم أحد مبرمجيها - وهو راي توملينسون- أول برنامج للبريد الإلكتروني. وتعتمد هذه الخدمة على برنامج لإرسال الرسائل الإلكترونية بين الناس عبر شبكة لا مركزية. وأصبح البريد الإلكتروني الذي لاقى رواجا سريعا، أحد أهم وسائل الاتصالات عبر الإنترنت. وبدأت »أربانت« في مطلع السبعينات طرح أول استخداماتها التجارية، ويدعى تل نت Telnet، ثم تلى ذلك دخولها مرحلة العالمية إثر ربطها ببعض الجامعات ومراكز الأبحاث في أوروبا. وفي نهاية السبعينات، كان بإمكان الناس حول العالم الدخول - عبر الشبكة - في نقاشات عن موضوعات متفرقة، عبر ما يعرف باسم المجموعات الإخبارية (newsgroup) مثل USENET . ومع ظهور شبكات أخرى تقدم خدمات البريد الإلكتروني ونقل الملفات (FTP) مثل شبكة (Because its Time Network)BITNET ، وشبكة (Computer Science NETwork)CSNET ، إضافة إلى NSFnet التي طورتها (National Science Foundation)NSF ، بدأ انتشار استخدام مصطلح الإنترنت - في مطلع الثمانينات - على أنه مجموعة من الشبكات المختلفة التي ترتبط فيما بينها بوساطة مجموعة بروتوكولات التحكم بالإرسال/ بروتوكول الإنترنت

(Transmission Control Protocol/Internet Protocol- TCP/IP)، وهي مجموعة بروتوكولات طورتها وزارة الدفاع الأميركية، لإتاحة الاتصالات عبر الشبكات المختلفة الأنواع.

ومع بداية التسعينات، ظهرت واجهة تستخدم النصوص وتعتمد القوائم (menus) للوصول إلى المعلومات عبر العالم، وتدعى هذه الواجهة، Gopher ولكن الثورة الحقيقية في عالم الإنترنت كانت ظهور شبكة الويب العالمية (World Wide Web- WWW)، وهي خدمة سهلة الاستخدام تعتمد في عرض المعلومات على النصوص والصور والصوت والفيديو، وما ساعدها على الانتشار مضاعفة سرعة خطوط الاتصال.

وظهرت في هذه الفترة الشركات المزودة لخدمة الإنترنت (Internet Service Providers-ISPs)، وذلك لتزويد الناس باشتراك بخدمة الإنترنت عبر شبكة الاتصال الهاتفي. وبعد ذلك، ظهرت مجموعة أخرى من الشركات المتخصصة بالإنترنت، منها من يقدم مستعرضات (browsers)، ومنها من يقدم محركات بحث (search engines) للموضوعات المختلفة على الشبكة، ومنها من يقدم لغات لبرمجة وتطوير المواقع. ويوجد حالياً على الإنترنت ملايين المواقع التي تغطي مختلف المواضيع من ثقافية، وسياسية، وعلمية، وصناعية، إضافة إلى التجارة الإلكترونية (E-commerce) والتعاملات المالية عبر الشبكة.


وماذا عن مستقبل الإنترنت؟

على رغم النجاح الهائل الذي حققه الجيل الحالي من الإنترنت، فإن البطء في نقل المعلومات لا يزال هو المشكلة الكبرى التي تقف عائقاً أمام الكثير من التطبيقات المتطورة. وكان لا بد من اعتماد خطوط أسرع من الخطوط الهاتفية، وتتمتع بعرض حزمة (bandwidth) أكبر مثل: الألياف الضوئية (fiber optics)، وكوابل البث التلفزيوني (television cable)، والأقمار الاصطناعية .(satellites) وهنالك الكثير من الأبحاث الرامية إلى حل مشكلة البطء، وتمخض عنها عدة مشروعات يمكن تقسيمها إلى جيلين من أجيال الإنترنت.

بدأ الجيل الثاني بالظهور على أرض الواقع، ويتمثل ذلك في عدة مشروعات منها: إنترنت (Internet2) 2 ، وإنترنت الجيل المقبل (Next Generation Internet- NGI)، وشبكة CAnet2. ويعتمد هذا الجيل نسخة مطورة من بروتوكول الإنترنت هي IPv6 ، كما يدعم ميزتين مهمتين هما : الإرسال المتزامن المتعدد الوجهات (Multicasting)، وميزة جودة الخدمات (Quality of Service-QoS) التي تدعم البث الحي لملفات الفيديو، وتدعم تطبيقات الوسائط المتعددة (multimedia).


الجيل الثالث للإنترنت

مازال الجيل الثالث للإنترنت قيد الأبحاث، ومن المتوقع له أن يدعم جميع المزايا المتقدمة ولاسيما تلك التي تتطلب سرعة عالية جداً. ومن أبرز المشروعات المقدمة شبكة Canet3 ، وشبكة SUPERNet. ويدعم هذا الجيل ميزتين مهمتين هما:

استخدام تقنية Dense Wavelength Division Multiplexing- DWDM، وهي تقنية تستخدم الألياف الضوئية في الإرسال بسرعات تصل إلى 400 غيغابت/ ثانية، ما يسرع نقل الصوت والفيديو بدرجة هائلة.

استغلال الألياف المعتمة (dark fiber) في التحويل (switching) والتوجيه (routing). وفي حقيقة الأمر، فإن الألياف المعتمة هي مصطلح يتعلق بالألياف الضوئية (optic fiber)، وهو يعبر عما تنطوي عليه البنى التحتية المستندة إلى الألياف الضوئية من قدرات لم يتما استغلالها حتى الآن.

كانت تلك نبذة مختصرة عن الانترنت سيليها حلقة أخرى تتناول الويب

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1358 - الخميس 25 مايو 2006م الموافق 26 ربيع الثاني 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً