العدد 3277 - السبت 27 أغسطس 2011م الموافق 27 رمضان 1432هـ

رجال صغار يسرق الشارع أحلامهم

من بين زوايا بيت متهالك لم تطله يد التغيير ... كنت هناك وأخبرتني أركان وجدران المنزل بما لا يقال ... حيث قابلني الطفل أحمد الذي تفيض عيناه بأسمى معاني البراءة وتتكئ على يده سيدة غيرت ملامحها سنوات عجاف ... ويتوسط المنزل رجل اشتعل رأسه شيباً على كرسي مدولب.

تفيض عينا أحمد حزناً وجبينه يعكس سنين العمل المضني والشاق لم تحمل تلك الأسرة البسيطة إلا ثلاث فتيات وفتى هو سند تلك العائلة ... جاء بعد عناء وانتظار ... يداه شوهتها قسوة الحياة وخطوطها أصبحت أكثر عمقاً وشدة جراء العمل الشاق فلم يحمل الزمن الرديء أي بذور للسعادة فالطفل لم يبتع لنفسه حقيبة مدرسية منذ ما يقارب السنتين وكلما اهترأت منها قطعة تداركتها شقيقته بالإبره والخيط ... انحنى ظهره الصغير ليحمل عبء الشباب والمشيب فطالته يد الحاجة لتعجل تلك السنون في وقت قصير فبادر بإلقاء الحقيبة تحت غرفة السلم الخشبي لينضم إلى قافلة عمالة الأطفال خوفاً من غدر الفقر... وهاهو يطوف مع صديقه بين الأزقة وقد بللت يده الصغيرة قطعة من القماش في دلو من الماء لغسيل سيارة كانت متوقفة بالقرب من فندق الريجنسي يتسلم بعد ذلك نصف دينار نظير عمل استمر 10 دقائق في أشعة الشمس الحارقة بقي على هذا المنوال منذ الصباح الباكر حتى ساعة متأخرة من النهار، ومن بعد استراحة الظهر ساقته قدماه نحو ساحة كبيرة تباع فيها أصناف متنوعة من الفواكة والخضروات ينادي حمالي ... حمالي، وهو يسوق عربة استأجرها بنصف دينار من آسيوي واستنفذت عملية توصيل البضاعة لسيارات الزبائن في السوق ما تبقى من طاقه في جسمه النحيل، ليعود بعد ذلك إلى منزله والشمس بدأت في ارتداء ثوب الغروب يعود بحصيلة ذاك اليوم من عرق جبينه ويضعها في حضن والده المقعد لتسيل بعدها قطرات من دموعه.

همسة :

كثيرة تلك الحالات التي تسوقها يد العوز لتدفع بثمرات الحياة للعمل حيث هناك لا أحد يرحم طفولتهم أو يشفق عليهم فهل أصبح القدر أرحم عليهم من البشر؟!

العدد 3277 - السبت 27 أغسطس 2011م الموافق 27 رمضان 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 1 | 2:30 ص

      أين الشراكة المجتمعية ؟؟

      أحلام وردية أم أضغاث أحلام تلك التي تتسلل بين ثنايا جيوب الأسر الفقيرة أو تلك التي قد فقد عائلها صحته أو وظيفته ... أين الشراكة المجتمعية والمؤسسات الخيرية من ذلك كله ؟؟؟ !!
      ألم يحن الأوان للعمل بمقولة الجار قبل الدار ..؟؟
      شكرا عزيزتي أبرار

اقرأ ايضاً