العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ

الاستراتيجية الأميركية ونهج القوة الذكية في مكافحة الإرهاب (3)

هيلاري رودام كلينتون comments [at] alwasatnews.com

استجابة لتوصيات لجنة 11سبتمبر، حطمنا الجدران البيروقراطية كي نتمكن من العمل بسرعة وبفعالية لمواجهة التهديدات. كما اتخذنا أيضاً خطوات للحماية من الأخطار الجديدة التي يطرحها الفضاء الإلكتروني ولمنع الإرهابيين من الحصول على أسلحة الدمار الشامل. ويبقى ذلك أخطر تهديد يواجه بلدنا والعالم. لكنني لن أخوض في تفاصيل جميع أعمالنا على هذه الجبهة.

لقد تحدثنا عن ضرورة توحيد العالم حول القضية المشتركة ألا وهي منع انتشار الأسلحة النووية ووصولها إلى أيدي المتطرفين. وعقد الرئيس أوباما أول مؤتمر قمة للأمن النووي في محاولة لحشد قادة العالم من أجل تنفيذ هذا الهدف المشترك. وبينما نتابع حملتنا على هذه الجبهات المختلفة، سنحتفظ دائماً بحقنا في استخدام القوة ضد مجموعات كـ «القاعدة»، التي هاجمتنا ومازالت تهددنا بالعنف الوشيك. وخلال قيامنا بذلك، سوف نحافظ على إخلاصنا لقيمنا واحترامنا لسيادة القانون، ويشمل ذلك مبادئ القانون الدولي التي توجّه استعمال القوة للدفاع عن النفس، واحترام سيادة الدول الأخرى، والقوانين المتعلقة بالنزاعات المسلحة.

عندما نلقي القبض على أعضاء في تنظيم القاعدة فإننا نحتجزهم بطريقة إنسانية بما يتوافق مع المعايير الدولية. وعندما نوجه ضرباتنا، نحرص على حماية أرواح المدنيين الأبرياء من الأذى. لكن الإرهابيين، طبعاً، يفعلون عكس ذلك تماماً. وتماماً كما لن نتردد في استعمال القوة العسكرية عند الضرورة، سنستخدم أيضاً المجموعة الكاملة من أدوات فرض تطبيق القانون المتاحة لنا. وأولئك الذين نادوا في الماضي بأن الحرب ضد الإرهاب مسألة عسكرية ولا تتلاءم مع فرض تطبيق القانون إنما كانوا يطرحون خياراً خاطئاً. إنها، ويجب أن تكون، الأمرين معاً. تأملوا العمل الرائع الذي قامت به دائرة شرطة نيويورك من أجل المحافظة على الأمن في هذه المدينة خلال السنوات العشر الماضية والعمل الذي تقوم به مرة أخرى في هذا اليوم.

إن هذا يعني أيضاً تقديم الإرهابيين للمحاكمة أمام المحاكم المدنية، التي أظهرت مراراً فعاليتها في إدانة الإرهابيين، ومن ضمنهم الكثير منهم هنا في نيويورك بالذات، دون تعريض سكاننا المحليين للأخطار. وسنستعمل، حيث يكون ذلك مناسباً، اللجان العسكرية القانونية التي جرى إصلاحها، لأن النظام القانوني الذي يستخدم كلاً من المحاكم المدنية واللجان العسكرية التي خضعت لعملية إصلاح على حد سواء، يبعث برسالة مهمة إلى العالم مفادها أن سلطة القانون تؤدي دوراً أساسيا في مواجهة الإرهاب وأنها تنجح في ذلك.

وفي الواقع، فإن وكالة «الأسوشيتد برس» أعدت حديثاً دراسة تقول إنه جرى خلال السنوات العشر الأخيرة اعتقال 120 ألف إرهابي وإدانة 35 ألف. فبفضل أجهزة الاستخبارات العسكرية لدينا وجهودنا في فرض تطبيق القانون خلال العقد الماضي، فقد تم تدمير الصفوف القيادية لتنظيم «القاعدة». وعملياً، فقدت كل التنظيمات التابعة لـ «القاعدة»عناصر أساسية تعمل لصالحها، بما في ذلك القيادي الثاني للقاعدة في الشهر الماضي.

ولكننا يجب أن نكون واضحين بشأن التهديد الذي لايزال قائماً. فمدن مثل لندن ولاهور ومدريد ومومباي قد تعرضت للاعتداءات منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001. وأضيفت آبوجا حديثاً إلى هذه اللائحة. كما تّم قتل الآلاف من الناس الأبرياء الذين كانوا بمعظمهم من المسلمين. ونحن نعلم الآن، كما كنا نعلم طيلة السنوات العشر الماضية، أنه على رغم الجهود التي نبذلها، فإنه لا يوجد شيء اسمه الأمن المثالي. ففي الوقت الذي أضعفنا فيه إلى حد كبير القيادة الأساسية، للقاعدة في أفغانستان وباكستان، فإننا نتذكر أيضاً أنه لايزال بإمكانهم القيام باعتداءات إقليمية ودولية وإلهام الآخرين على القيام بذلك. ولقد أصبح هذا التهديد أكثر تنوعاً جغرافياً مع تحويل الكثير من نشاطات «القاعدة» إلى فروعها حول العالم. لقد كنت أصف «القاعدة» دائماً بأنها مجموعة إرهابية، وليس كجهاز ضخم واحد، وها هي صحة هذا الوصف تتضح أكثر يوماً بعد يوم.

فـ «القاعدة» في شبه الجزيرة العربية، على سبيل المثال، تطال أماكن تبعد كثيراً عن قاعدتها في اليمن وتسعى إلى القيام بهجمات مثل محاولاتها إسقاط طائرات الشحن والركاب المتوجهة إلى الولايات المتحدة، كما أن المجموعات المتطرفة الأخرى الموجودة في المناطق الحدودية في أفغانستان وباكستان لا تواصل حماية ما تبقى من قيادة «القاعدة» وحسب، بل إنها تُعدّ أيضاً هجمات مثل محاولة التفجير الفاشلة في تايمز سكوير. ومن الصومال، يسعى تنظيم الشباب إلى القيام بمزيد من الضربات على غرار التفجير الانتحاري في يوليو/ تموز الماضي الذي أودى بحياة 76 شخصاً في أوغندا خلال مباريات كأس العالم.

إذاً، فحتى عندما نشير إلى التقدم الذي حققناه منذ الحادي عشر من سبتمبر، وهو تقدم كبير، فليس بوسعنا تجاهل هذه الأخطار المستمرة. علينا اعتماد نهج ذكي وإستراتيجية تعترف بأن التطرف العنيف مُرتبط تقريباً بجميع المشاكل العالمية المعقدة الأخرى الحالية. وهو قادر على اتخاذ جذور له في مناطق الأزمات والفقر، وعلى الازدهار في ظل القمع وفي غياب سيادة القانون ويمكنه إثارة مشاعر الكراهية بين مجتمعات عاشت جنباً إلى جنب على مدى أجيال، واستغلال النزاعات داخل الدول وفيما بينها.

هذه كلها تحديات نواجهها في القرن الحادي والعشرين، وهي تتطلب تعاوناً عالمياً، وأولاً وقبل أي شيء قيادة أميركية. فتماماً كما أن مكافحة الإرهاب، لا يمكنها أن تشكل التركيز الوحيد لسياستنا الخارجية، كذلك من غير المنطقي أن ننظر إلى مكافحة الإرهاب على أنها عمل في فراغ. يجب دمجها في أجنداتنا الدبلوماسية والإنمائية الأوسع. وعلينا أن ندرك ونُقدّر أنه بينما نعمل على حلّ النزاعات، والحدّ من الفقر، وتحسين أنظمة الحكم - وهي أهداف ذات قيمة في ذاتها - فإن جميع هذه الأمور تساهم أيضاً في تقدم قضية مكافحة الإرهاب والأمن القومي. لهذا السبب، قمت بدمج وزارة الخارجية والوكالة الأميركية للتنمية الدولية دمجاً كاملاً ضمن هذا الكفاح.

ولقد شدّدنا على الإبداع. فعلى سبيل المثال، إننا نستخدم الآن أدوات مراقبة بايومترية متطورة جديدة لأجل تحسين أمن الحدود وعملية منح تأشيرات الدخول، بما في ذلك أخذ بصمات الأصابع إلكترونياً، واستخدام تكنولوجيا التعرف على الوجوه، وعلى أساس تجريبي حتى مسح قزحية العين

إقرأ أيضا لـ "هيلاري رودام كلينتون"

العدد 3295 - الأربعاء 14 سبتمبر 2011م الموافق 16 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 2:25 ص

      يقولون أباؤنا اللي يضرب نفسه لا يصيح

      والمعني يا حجية أمريكا بسياستك العوجاء خلقتي لك أعداء من الشعوب بدون داعي وكان بالإمكان الصداقة
      لهذه الشعوب وسوف تحصلون على ما تريدون ولكن بطريقة أفضل ربما لا تحصلون على الكعكة كاملة ولكن
      لن يضيع نصيبكم بالكامل ولو قارنتم الطريقتين لوجدتم الثانية أسلم وهي صداقة الشعوب
      لأن طريقتك المتبعة حتى لو أعتطكم الكيكة كله لكنها
      أخذت منكم تكاليف كبيرة جدا ومن المعروف في علم المحاسبة أنك إذا أردت أن تعرف صافي الربح لا بد أن تطرح كل المصاريف بما فيها تكاليف محاربة الإرهاب

اقرأ ايضاً