العدد 3303 - الخميس 22 سبتمبر 2011م الموافق 24 شوال 1432هـ

ليبيا تستحق أن تتحول إلى بلد ديمقراطي حر

باراك أوباما comments [at] alwasatnews.com

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

عقد هذا الاجتماع من أجل معالجة مهمة يجب علينا جميعاً أن نعمل عليها، وتتمثل في دعم الشعب الليبي وهو يعمل على بناء مستقبل حر وديمقراطي ومزدهر. هاهو اليوم، الشعب الليبي يكتب فصلاً جديداً في حياة وطنه. فبعد أربعة عقود من الظلام، يمكنهم السير في الشوارع، بعد أن تحرّروا من الطاغية. إنهم يجعلون أصواتهم مسموعة - في الصحف الجديدة، وفي الإذاعة والتلفزيون، وفي الساحات العامة ومن خلال المدونات الشخصية. إنهم يطلقون الأحزاب السياسية ومنظمات المجتمع المدني لتحديد مصيرهم وتأمين حقوقهم الأساسية المعترف بها عالمياً. وهنا في الأمم المتحدة، يرفرف العلم الجديد لليبيا الحرة ضمن أعلام الأسرة الدولية.

دعونا ألا نخطئ، فالفضل في تحرير ليبيا يعود إلى الشعب الليبي. إن الرجال والنساء والأطفال الليبيين هم الذين خرجوا إلى الشوارع في مظاهرات ومسيرات سلمية، وواجهوا الدبابات وتلقوا رصاص القناصة. إن المقاتلين الليبيين، الذين كانوا غالباً غير مجهزين بأسلحة كافية وبأعداد غير كافية، هم الذين قاتلوا في المعارك الضارية، بلدة بعد بلدة، وشارع بعد شارع. وإن الناشطين الليبيين في الخفاء وفي غرف الدردشة والمساجد، هم الذين أبقوا على الثورة حية، حتى بعد أن فقد البعض في العالم الأمل.

وإن النساء والفتيات الليبيات هن اللواتي حملن الأعلام وهرّبن الأسلحة إلى جبهة القتال. وإن الليبيين من بلدان حول العالم، بما في ذلك بلادي، هم الذين هرعوا إلى بلادهم للمساعدة على رغم أنهم أيضاً خاطروا بالتعرض للمعاملة الوحشية والموت. إن الدم الليبي هو الذي أُريق وأبناء وبنات ليبيا هم الذين ضحوا بحياتهم. وفي ذلك اليوم من شهر أغسطس بعد 42 سنة، فإن الشعب الليبي هو الذي خلع الدكتاتور من السلطة.

تعطي ليبيا درساً لما يمكن أن يحققه المجتمع الدولي عندما نقف معاً صفاً واحداً. قلت في بداية هذه العملية إنه لا يمكننا، ولا يجب علينا أن نتدخل في كل مرة يوجد ظلم في العالم. إلا أنه من الصحيح أيضاً أنه في بعض الأحيان يمكن أن يستجمع العالم الإرادة بل ويجب أن يستجمع الإرادة لمنع قتل الأبرياء على نطاق مروع. وتطاردنا إلى الأبد الفظائع التي لم نمنعها، والأرواح التي لم ننقذها. ولكن هذه المرة كانت مختلفة. هذه المرة، وجدنا، من خلال الأمم المتحدة، الشجاعة والإرادة الجماعية للتصرف.

عندما أطلق النظام البائد العنان لشن حملة من الإرهاب، والترهيب، والتهديد بدحر المد الديمقراطي الذي يكتسح المنطقة تصرفنا بسرعة، فقمنا بتوسيع العقوبات، وفرض حظر على توريد الأسلحة. قادت الولايات المتحدة مسعى لإصدار قرار تاريخي في مجلس الأمن يفوض «الإجراءات الضرورية كافة» من أجل حماية الشعب الليبي. وعندما تعرض المدنيون في بنغازي للتهديد بحصول مذبحة، مارسنا تلك السلطة. تصدّى تحالفنا الدولي للنظام ومنعه من التقدم، وأنقذ حياة أعداد لا تحصى، وأعطى الشعب الليبي الزمان والمكان لكي تكون له الغلبة.

والمهم، أيضاً، نجحت هذه الجهود بفضل قيادة ومساهمات الكثير من الدول. كانت الولايات المتحدة فخورة بأن تلعب دوراً حاسماً في الأيام الأولى، وبعد ذلك بتقديم الدعم. ولكن دعونا نتذكر أيضاً أن الجامعة العربية هي التي دعت لاتخاذ إجراءات. كان هذا من أكثر التحالفات العالمية فعالية، وقد قاد تحالفاً عسكرياً يضم نحوي 20 دولة. ونفذ حلفاؤنا الأوروبيون الغالبية العظمى من الضربات الجوية. وانضمت الدول العربية للتحالف كشركاء متساوين. وكانت الأمم المتحدة والبلدان المجاورةومن بينها تونس ومصر، هي التي اهتمّت بالليبيين في الجهود الإنسانيةالمستمرة حتى اليوم.

هذه هي الطريقة التي ينبغي أن يعمل بها المجتمع الدولي في القرن الحادي والعشرين، حيث تتحمل المزيد من الدول المسئولية وتكاليف مواجهة التحديات العالمية. والحقيقة أن هذا هو الغرض الحقيقي من لأمم المتحدة. ولذلك يمكن لكل دولة ممثلة هنا اليوم أن تفتخر بأرواح الأبرياء التي أنقذناها وبمساعدة الليبيين في استعادة بلدهم. والآن لاتزال فلول النظام البائد تواصل القتال. لاتزال أمامنا أيام صعبة. ولكن الواضح ان مستقبل ليبيا هو الآن بيد أبناء شعبها. فكما أن الليبيين هم الذين هدموا النظام القديم، فإنهم سيبنون وطنهم الجديد. ولقد جئنا إلى هنا اليوم لنقول لليبيين كما وقف العالم معكم في نضالكم لتكونوا أحراراً، سيقف معكم في نضالكم لتحقيق السلام والازدهار اللذين يأتيان مع الحرية.

وفي هذا الجهد، ستكون الولايات المتحدة صديقاً وشريكاً. وسنعمل بشكل وثيق مع بعثة الدعم الجديدة للأمم المتحدة في ليبيا ومع الدول الموجودة هنا اليوم لمساعدة الشعب الليبي في العمل الشاق الذي ينتظره. وما دام الشعب الليبي مهدداً، فإن المهمة التي يقودها الأطلسي لحمايتهم ستستمر. ويتعين على هؤلاء أن يفهموا أن النظام البائد قد ولّى، وقد حان الوقت لإلقاء السلاح والانضمام إلى ليبيا الجديدة. وبينما يحدث هذا، يجب أن يدعم العالم الجهود لحماية الأسلحة الخطرة التقليدية وغيرها، وجعل المقاتلين يخضعون للسيطرة المدنية المركزية، فبدون الأمن لا يمكن أن تزدهر الديمقراطية والتجارة والاستثمار.

ثانياً: بالنسبة للجهد الإنساني. يعمل المجلس الانتقالي بسرعة لإعادة المياه والكهرباء والإمدادات الغذائية إلى طرابلس. لكن بالنسبة للكثير من الليبيين، لايزال كل يوم يُشكِّل صراعاً - للتعافي من جراحهم، ولالتئام شملهم مع أسرهم، والعودة إلى منازلهم. وحتى بعد أن صمتت مدافع الحرب، فإن ويلاتها ستستمر. لذلك فإن جهودنا لمساعدة الضحايا يجب أن تستمر. وستلعب الولايات المتحدة - الأمم المتحدة دوراً رئيسياً. وجنباً إلى جنب مع شركائنا، فإن الولايات المتحدة ستقوم بدورها لمساعدة الجياع والجرحى.

ثالثاً، التحول الديمقراطي السلمي، الشامل للجميع والعادل. وستلعب الأمم المتحدة دوراً محورياً في تنسيق الدعم الدولي لهذا الجهد... الانتقال الديمقراطي الذي يتم في وقت مناسب، قوانين جديدة ودستور يدعم سيادة القانون، وأحزاب سياسية ومجتمع مدني قوي، وللمرة الأولى في تاريخ ليبيا، انتخابات حرة ونزيهة.

ومع ذلك، فإن الديمقراطية الحقيقية يجب أن تنبع من المواطنين. وبينما يسعى الليبيون إلى تحقيق العدالة عن جرائم الماضي، فليكن ذلك بروح المصالحة، وليس الانتقام والعنف. وبينما يستمد الليبيون قوتهم من دينهم - الدين المتجذر في السلام والتسامح - فليكن هناك رفض للتطرف العنيف، الذي لا يقدم شيئاً سوى الموت والدمار. وبينما يقوم الليبيون بإعادة البناء، اسمحوا لهذه الجهود الاستفادة من خبرة كل من لديهم المهارات اللازمة للمساهمة، بما في ذلك الكثير من الأفارقة الموجودين في ليبيا. وبينما يقوم الليبيون بتشكيل مجتمع عادل حقاً، دعوه يجسد حقوق المرأة ودورها في جميع مستويات المجتمع، لأننا نعرف أن الدول التي تدعم حقوق الإنسان لجميع شعوبها، وخاصة نسائها، هي في نهاية المطاف أكثر نجاحاً وازدهاراً.

الأمر الذي يقودني إلى النقطة الأخيرة، حيث يجب أن يقف العالم مع ليبيا، وهذا يعني استعادة الازدهار. لقد تعرضت ثروات ليبيا إلى السرقة والتبديد لوقت طويل. والآن، يجب أن تخدم هذه الثروة أصحابها الشرعيين، الشعب الليبي. وبعد رفع العقوبات، ستقوم الولايات المتحدة والمجتمع الدولي بتحرير المزيد من الأصول الليبية المجمدة، ومع استعادة إنتاج البلاد من النفط، يستحق الشعب الليبي حكومة شفافة وخاضعة للمساءلة. ولالتزامها الأدبي مع الطلاب ورجال الأعمال الليبيين الذين أقاموا صداقات في أميركا، فإننا ننوي بناء شراكات جديدة للمساعدة في إطلاق العنان للطاقات الاستثنائية في ليبيا.

بعد عقود من الحكم الحديدي الذي مارسه رجل واحد، فإن بناء المؤسسات اللازمة لليبيا الديمقراطية سيستغرق بعض الوقت. إنني متأكد بأنه ستكون هناك أيام مليئة بالإحباط، ستكون هناك أيام عندما يكون التقدم فيها بطيئاً ويبدأ البعض يتمنى عودة النظام البائد ووهم الاستقرار الذي يوفره. والبعض في العالم ربما قد يسأل هل يمكن لليبيا أن تنجح؟ ولكن إذا كنا قد تعلمنا شيئاً من هذه الشهور الكثيرة، فهذا هو - ألا تقللوا من شأن تطلعات وإرادة الشعب الليبي.

إنه الاقتناع نفسه الراسخ القائل بأنه، لا عودة إلى الوراء، أبناؤنا وبناتنا يستحقون أن يكونوا أحراراً

إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"

العدد 3303 - الخميس 22 سبتمبر 2011م الموافق 24 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً