العدد 3308 - الثلثاء 27 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ

فصلٌ قاتمٌ في تاريخ عمال البحرين

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

حتى الآن بلغ إجمالي النقابيين المفصولين لأسباب سياسية، 55 مفصولاً، من بينهم 49 نقابياً، و6 من أعضاء الأمانة العامة لاتحاد النقابات.

الأرقام ليست عادية ولا بسيطة، فهي تصور حجم الاستهداف للحركة العمالية والأوساط النقابية، بصورة غير مسبوقة في تاريخ البحرين الحديث، قبل وبعد الاستقلال.

الحركة العمالية نشأت مع نشأة صناعة النفط في مطلع الثلاثينيات، وتحول عدد كبير من المزارعين والغواصين إلى العمل في هذا القطاع. وكان للعمال حضورٌ دائمٌ في مختلف مراحل النضال السياسي. وبعد الاستقلال استمر الشد والجذب في علاقة الطبقة العاملة بالقوى الرأسمالية التي تتحكم في عملية الإنتاج. وكانت للعمال حصتهم في كلفة المطالبة بالتغيير، سجناً وملاحقةً وفصلاً ومعاناة.

مع مطلع الألفية الجديدة تنفست الحركة العمالية الصعداء، مع تجميد «قانون أمن الدولة»، وبذلك شهد العمل النقابي انفراجةً كبيرةً على مستوى الحركة والأنشطة وتوسّع النقابات بعد صدور قانونها الخاص. وتُوّج ذلك بإقرار عيد العمال عطلةً رسميةً، بعدما كان يُجرّم ويُسجن من يوزّع منشوراً يتحدّث عن عيد العمال أو معاناتهم أو حقوقهم.

منذ فبراير الماضي، حدثت انتكاسةٌ غيّرت المعادلة التي استقرت عشرة أعوام، بعدما شارك العمال في مسيراتٍ سلميةٍ ضمن الحراك السياسي الذي شهدته البلاد. وكانت هذه الحلقة الأكثر تأثراً بعمليات تصفية الحسابات، مع وجود توجهاتٍ قديمةٍ عُرفت بعدائها للعمالة الوطنية، وبروز قوى طارئة للاستحواذ على الغنائم، وكانت أحداث فبراير فرصةً ذهبيةً لهؤلاء.

العمال هم الطبقة الكادحة التي تباشر البناء والإنتاج والعمل الشاق، وتتلقى الجزء الأقل من عوائد الإنتاج، وهذه هي المعادلة التي تحكم أطراف الإنتاج. وإذا كانت الدول الغربية قد أرست تشريعات تحفظ جزءًا مهماً من حقوق العمال منذ الستينيات، فإن حقوق العمال في بلداننا ظلت موضع تجاذبات لعقود، وعرضةً للتقلبات حتى في البلاد التي تبنت بعض الإصلاحات... وهكذا فإن ما تمّ إنجازه خلال ثلاثين عاماً، يتم تدميره خلال ثلاثة أيام.

في البحرين، ومنذ مارس الماضي، تعرّضت هذه الطبقة الكادحة إلى حملة تصفيات عنيفة، أزاحت أكثر من ألفي شخص من أعمالهم، وتسببت في قطع أرزاقهم، وتدهور مستوى معيشتهم، ووضعت أسرهم في ظروف صعبة لا ترضي الله ولا رسوله ولا أي صاحب ضمير حي.

الأرقام المنشورة لعدد المفصولين مهولةٌ جداً بالنسبة لعدد السكان، وحتى على المستوى الإقليمي. فلم يحدث في تاريخ البحرين ولا أي بلد خليجي مجاور، فصل ثلاثة آلاف مواطن قط من أعمالهم دفعةً واحدةً، ولدوافع سياسية واضحة، ولأسبابٍ بعضها لا يستدعي مثل هذه العقوبة الصارمة، التي تخالف قانون العمل الوطني والتشريعات الدولية الخاصة بالعمال. وقد تورطت في ذلك كبرى الشركات الوطنية بمساندة إعلامية كثيفة تعمدت تشويه الحركة النقابية ذات التاريخ الوطني الممتد لأكثر من خمسين عاماً.

خلال هذه الفترة، نُشرت عدة آراء قانونية معتبرة لمحامين وطنيين تعرض للمخالفات القانونية في قضايا الفصل، بحججٍ قويةٍ لم تواجَه بحججٍ مقابلة، وإنّما بمزيدٍ من التهويش والتضليل الإعلامي، في عملية سيكشف التاريخ قريباً مدى فداحتها، وستوضع في خانةٍ سوداء عندما يُسجّل هذا الفصل المعتم من تاريخ تطور البحرين السياسي

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 3308 - الثلثاء 27 سبتمبر 2011م الموافق 29 شوال 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 20 | 2:38 م

      فصول معتمة.. مظلمة .. قاتمة مرت على تاريخ البحرين الحديث والخوف من الأسوأ القادم ... ام محمود

      (لم يحدث في تاريخ البحرين ولا أي بلد خليجي مجاور فصل ثلاثة آلاف مواطن قط من أعمالهم دفعةً واحدةً، ولدوافع سياسية واضحة ولأسبابٍ بعضها لا يستدعي مثل هذه العقوبة الصارمة )
      و أزيد عليه لم يحدث أبداً في جميع الكرة الأرضية بطولها و عرضها ان يتم الاستغناء عن هذا العدد الهائل من الموظفين والموظفات في لمح البصر
      و بعدها بمدة وجيزة يتم الاعلان عن استبدال هؤلاء المؤهلين من أبناء البلد و أصحاب الشهادات المتقدمة باناس من البراري والصحاري والقفار ومن بلاد السند والهند والفلبين والنيبال
      هذا من عجائب الدنيا

    • زائر 17 | 7:08 ص

      متحجج على الطل

      اعتقد من مجريات الاحداث ان تسريح هذا الكم الهائل من العمال و تقريبا من طيف واحد ليس ولبد احداث 14 فبرابر و انما كانت التيه مبيته لتفعيل هذا الخيار و الدليل
      1-اقصاء المنتسبين الى هذه الفئه من كل المناصب الاداريه في معظم الشركات الكبيره منذ التسعينات
      2-وقف شبه التام لتوظيف المؤهلين اداريا ومهتيا وخاصه خريجو الجامعات من هذه الفئه
      3-ممارسة الضغوظ الاداريه المستمره للحث على تركهم للعمل
      4-توظيف الشباب الجامعي بصفه مؤقته لحرمانهم من الامان الوظيفي

    • زائر 16 | 5:44 ص

      الصورة وانعكاسه

      إحدى صور العلاقة القائمة بين السبب والأثر يمكن لقانون نيوتن الثالث أن يعبر عنها ويعللها.
      فالصدمة وحالة الخوف حالتان قد تصيبان الإنسان في مواقف متعددة. وتدفعان الإنسان للقيام بأفعال قد تكون صحيحة وقد تكون دون ذلك. فهل الدافع دون المحفز كافي لحدوثها؟؟

    • زائر 15 | 4:32 ص

      احسنت قولا يا سيد

      كلام في الصميم

    • زائر 12 | 3:00 ص

      ذكريات

      ذكرتنا يا سيد بتلك الايام. على منشور كان يسجن النقابيين والعمال.

    • زائر 11 | 3:00 ص

      hsa

      العمال هم الطبقة الكادحة التي تباشر البناء والإنتاج والعمل الشاق، وتتلقى الجزء الأقل من عوائد الإنتاج، VERY GOOD ARTCLE

    • زائر 10 | 2:48 ص

      شكرًا لك يا سيد للاهتمام بالطبقة العمالية الكادحة

      هناك الكثير من المتمصلحين من فصل العمالة ذات الخبرة الطويلة والواسعة ليتسنا لهم ملئة تلك الوظائف من المحسوبون عليهم.

    • زائر 9 | 1:53 ص

      بحسب معرفتي لبعض النقابين الموجودين

      فانهم اثبتوا انهم رجال الشدائد و اثبتوا اخلاصهم لما يقوموا به و نحن نعتز و نفتخر بهؤلاء النقابين و سنبقى نعهن يدا بيد

    • زائر 6 | 1:08 ص

      لا حول ولا قوة إلا بالله!!!!!

      علما أن هذا الإسبوع صادف الذكرى التاسعه لصدور قانون النقابات في البحرين و الذي وضع البحرين في مصاف الدول التي ترعى حقوق العمال و لكن نكاد نعلن الحداد على ذالك القانون الذي لم يتبقى منه إلا لفضه في حين كانت للحركه النقابيه الأثر الكبير في إعطاء عمال البحرين مقعد في منظمة العمل الدوليه ولكنها في البحرين الحركه في طريقها إلى الوئد.

اقرأ ايضاً