العدد 3311 - الجمعة 30 سبتمبر 2011م الموافق 02 ذي القعدة 1432هـ

السعي الى تحقيق السلام في عالم غير مثالي (2)

باراك أوباما comments [at] alwasatnews.com

رئيس الولايات المتحدة الأميركية

نعتقد بأن كل دولة يجب أن تحدد مسارها الخاص بها لتحقيق تطلعات أبناء شعبها، وأميركا لا تتوقع أن تتفق مع كل طرف أو مع شخص يعبر عن نفسه سياسيّاً. لكننا سندافع دائماً عن الحقوق العالمية التي احتضنتها هذه الجمعية. تعتمد هذه الحقوق على انتخابات حرة ونزيهة، وحكم يتسم بالشفافية والمساءلة، واحترام حقوق المرأة والأقليات، والعدالة المتساوية والمنصفة.هذا هو ما تستحقه شعوبنا. وهذه هي عناصر السلام الدائم.

وعلاوة على ذلك؛ فإن الولايات المتحدة ستواصل دعم تلك الدول التي تمر بمرحلة التغيير الديمقراطي، من خلال زيادة التجارة والاستثمار، بحيث تأتي الفرص بعد هذه الحرية. وسنسعى إلى مشاركة أعمق مع الحكومات، ولكن أيضاً مع المجتمع المدني - الطلاب ورواد الأعمال، والأحزاب السياسية والصحافة.وقد منعنا الذين ينتهكون حقوق الإنسان من السفر إلى بلدنا، وعاقبنا أولئك الذين يدوسون على حقوق الإنسان في الخارج.وسنكون دائماً صوتاً للذين أُجبروا على الصمت.

والآن أنا أعلم، خاصة في هذا الأسبوع، أنه بالنسبة إلى الكثيرين في هذه القاعة، هناك مسألة تقف بمثابة اختبار لهذه المبادئ، واختبار للسياسة الخارجية الأميركية، وهي النزاع بين الإسرائيليين والفلسطينيين.

قبل عام واحد، وقفت على هذه المنصة ودعوت إلى إقامة دولة فلسطينية مستقلة، اعتقدت حينئذ، كما أعتقد الآن، أن الشعب الفلسطيني يستحق دولة خاصة به. لكن ما قلته أيضاً هو أن السلام الحقيقي لا يتحقق سوى بين الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم. وبعد عام، وعلى رغم الجهود المكثفة التي بذلتها أميركا وغيرها، لم يقم الطرفان بحل خلافاتهما. وبمواجهة هذا المأزق، وضعت أساساً جديداً للمفاوضات في شهر مايو / أيار من هذه السنة. وكان ذلك الأساس واضحاً، ومعروفاً لنا جميعاً هنا.يجب أن يعلم الإسرائيليون أن أي اتفاق سينص على ضمانات لأمنهم. والفلسطينيون يستحقون أن يعرفوا حدود أرض دولتهم.

والآن، أنا أدرك أن الكثيرين يشعرون بالإحباط لعدم إحراز تقدم. وأطمئنكم، أنا أيضاً. ولكن السؤال ليس هو الهدف الذي نسعى إليه - السؤال هو كيفية الوصول إلى هذا الهدف. وأنا مقتنع بأنه لا يوجد طريق مختصر لإنهاء الصراع المستمر منذ عقود. إن السلام لن يأتي من خلال البيانات والقرارات في الأمم المتحدة - فلو كان بهذه السهولة، لكان تحقق حتى الآن. وفي نهاية المطاف، فإن الإسرائيليين والفلسطينيين هم الذين يجب أن يعيشوا جنباً إلى جنب. وفي نهاية المطاف، فإن الإسرائيليين والفلسطينيين - وليس نحن - هم الذين يتعين عليهم التوصل إلى اتفاق بشأن المسائل التي تفرق بينهما: حول الحدود والأمن، وحول اللاجئين والقدس.

وفي نهاية المطاف؛ فإن السلام يعتمد على الحلول الوسط بين الشعوب التي يتعين أن تتعايش سوية في زمن يأتي بعد كثير من الانتهاء من إلقاء خطبنا وبعد كثير من الانتهاء من فرز أصواتنا. وهذه هي العبرة المستقاة من أيرلندا الشمالية حيث ردم خصوم قدماء فجوة خلافاتهم. وهذه هي العبرة المأخوذة من السودان حيث أفضت تسوية متفاوض عليها إلى قيام دولة مستقلة.وذلك هو، وسيكون، المسار الذي سيفضي إلى دولة فلسطينية:المفاوضات بين الطرفين.

إننا نسعى إلى غد يعيش فيه الفلسطينيون في دولة ذات سيادة خاصة بهم، ودون حد لما يمكنهم أن ينجزوه. ولا شك في أن الفلسطينيين مدركون أن تلك الرؤية قد تأخرت زمناً طويلاً جدّاً. وبالضبط، ولأننا نؤمن بتطلعات الشعب الفلسطيني فإن أميركا وظفت الكثير الكثير من الوقت والمجهود في بناء دولة فلسطينية وفي المفاوضات التي يمكن أن تحقق قيام دولة فلسطينية.

لكن، كونوا مدركين أيضاً أن التزام أميركا بأمن إسرائيل لا يتزعزع وصداقتنا مع إسرائيل عميقة ودائمة. ولهذا نحن نرى أن أي سلام دائم يجب أن يعترف بهواجس الأمن الحقيقية فعلاً التي تراود إسرائيل في كل يوم. ولنكن صادقين مع أنفسنا من حيث إن إسرائيل محاطة بجيران شنوا حروباً متكررة ضدها. وقُتل مواطنون إسرئيليون بفعل صواريخ أطلقت على منازلهم وقنابل انتحارية في حافلاتهم. وقد نشأ أطفال إسرائيل وهم يعون أن في جميع أنحاء المنطقة هناك أطفال غيرهم يتعلمون كيف يكرهونهم. وإسرائيل، تلك الدولة الصغيرة التي يقل سكانها عن 8 ملايين نسمة، تطل على عالم حيث قادة بلدان أكبر منها بكثير يهددون بإزالتها من الخريطة. والشعب اليهودي يحمل عبء قرون من النفي والاضطهاد وفي خلده ذكريات حية بأن ستة ملايين شخص قتلوا بسبب هويتهم فقط. وتلك هي حقائق، بل حقائق لا يمكن إنكارها.

لقد أقام الشعب اليهودي دولة ناجحة في وطنه التاريخي. وإسرائيل جديرة بالاعتراف، وهي جديرة بعلاقات طبيعية مع جاراتها. وأصدقاء الفلسطينيين لا يخدمونهم بإنكارهم هذه الحقيقة، كما يتعين على أصدقاء إسرائيل أن يدركوا الحاجة إلى السعي لحل الدولتين حيث تعيش إسرائيل آمنة جنباً إلى جنب مع فلسطين مستقلة.

تلك هي الحقيقة، وهي إن لكل جانب تطلعات مشروعة، وهذا جزء مما يجعل السلام صعب المنال؛ فالطريق مسدود ولن يفتح إلا حينما يتعلم كل جانب أن يقف مكان الآخر. أي كل جانب يمكنه أن يرى العالم من خلال أعين الجانب الآخر. وهذا ما يجب أن نشجع عليه.

وهذه المنظمة (الأمم المتحدة) التي تأسست من رماد الحرب والإبادة، والمكرّسة، كما هي الآن، لكرامة كل شخص بمفرده، يجب أن تسلم بالواقع الذي يعيشه كلا الفلسطينيين والإسرائيليين. والمكيال الذي نقيس به أفعالنا يجب أن يكون ما إذا كانت هذه الأعمال تعمل على تعزيز حق الأطفال الفلسطينيين والإسرائيليين في العيش حياة سلم وأمن وعزة وتوفر الفرص. ونحن لن ننجح في ذلك المجهود إلا إذا شجعنا الطرفين على الجلوس معاً وأن يصغي الواحد للآخر، وأن يفهم الواحد آمال ومخاوف الآخر. وهذا هو المشروع الذي تلتزم به أميركا وهذا هو ما يجب على الأمم المتحدة أن تركز أنظارها عليه في الأسابيع والأشهر المقبلة.

والآن وحتى في الوقت الذي نجابه تحديات الصراعات والثورات هذه؛ علينا أن ندرك ويجب أن نذكّر أنفسنا أيضاً أن السلام ليس مجرد غياب الحرب. فالسلام الحقيقي يعتمد على إيجاد فرص تجعل الحياة جديرة بالعيش. وكي نفعل ذلك، علينا مجابهة الأعداء المشتركين للبشرية: الأسلحة النووية والفقر؛ والجهل والمرض. فهذه القوى تنال من إمكانية السلام الدائم، ونحن مدعوون معاً للتصدي لها.

ولرفع شبح الدمار الشامل، علينا أن نتلاقى سعياً للسلام والأمن في عالم خال من الأسلحة النووية. فعلى مدى العامين الماضيين بدأنا المضي في ذلك المسار. ومنذ انعقاد قمتنا للأمن النووي بواشنطن اتخذت نحو 50 دولة خطوات لتأمين المواد النووية بعيداً عن منال الإرهابيين والمهربين. وفي مارس/آذار المقبل ستعزز القمة التي ستعقد في سيئول جهودنا للتحفظ عليها كلها. كما ستعمل معاهدة ستارت الجديدة بين الولايات المتحدة وروسيا على خفض ترساناتنا المنشورة بحيث تبلغ أدنى مستويات لها منذ نصف قرن. كما يتابع بلدانا محادثات عن كيف يمكن حتى تحقيق تخفيضات أخرى. وستتابع أميركا العمل من أجل تحريم جميع الأسلحة النووية وحظر إنتاج المواد الانشطارية الضرورية لتصنيعها.

وهكذا بدأنا التحرك في الاتجاه الصحيح والولايات المتحدة ملتزمة بالوفاء بتعهداتها. لكن حتى حينما كنا نفي بتعهداتنا عززنا المعاهدات والمؤسسات التي تسهم في وقف انتشار هذه الأسلحة. ومن أجل القيام بذلك، علينا مواصلة محاسبة تلك الدول التي تنتهكها.

فحكومة إيران لا يمكنها أن تثبت أن برنامجها سلمي، فهي لم تف بالتزاماتها ورفضت عروضاً كان يمكن أن تزودها بطاقة نووية لأغراض سلمية. كما لم تتخذ كوريا الشمالية بعد خطوات أساسية نحو التخلي عن أسلحتها ومازالت تواصل أعمالها العدوانية ضد الجنوب.وهناك مستقبل من الفرص الوافرة لشعبي هاتين الدولتين إذا لبت حكومتاهما التزاماتهما، أما إذا واصلتا سيرهما في طريق خارج القانون الدولي فسيتعين الرد عليهما بضغط أشد وبالعزلة. وهذه هي التزاماتنا تجاه متطلبات السلام والأمن.

ومن أجل تحقيق الرخاء لشعوبنا؛ علينا تعزيز النمو الذي يوجد فرصا. وفي هذا المسعى يجب علينا ألا ننسى أننا حققنا تقدماً هائلاً على مدى العقود القليلة الماضية. فالمجتمعات المنغلقة أفسحت المجال أمام أسواق منفتحة. كما أن الإبداع وريادة الأعمال قد غيّرا النمط الذي نعيشه والأمور التي يمكننا أن نفعلها. والاقتصادات الناشئة - من آسيا إلى الأميركتين - انتشلت مئات الملايين من الفقر. لكن، قبل 3 سنوات عصفت بنا أسوأ أزمة مالية خلال ثمانية عقود. وهذه الأزمة أثبتت حقيقة اتضحت أكثر مع مرور كل عام - وهي أن مصائرنا مترابطة وأن في الاقتصاد العالمي تنهض الأمم سوية أو تهوي معاً.

واليوم، نحن نواجه التحديات التي جاءت في أعقاب تلك الأزمة. فالتعافي الاقتصادي مازال هشّاً في أنحاء العالم. والأسواق مازالت متقلبة. وكثير من الناس عاطلون عن العمل. وغيرهم الكثير ممن يكافحون ليتدبروا بالكاد أمور معيشتهم. لقد عملنا معاً لتجنب وقوع كساد في العام 2009. ويجب علينا اتخاذ إجراءات عاجلة ومنسقة من جديد. وهنا في الولايات المتحدة، أعلنتُ خطة لتشغيل الأميركيين وتحريك اقتصادنا، في الوقت نفسه الذي ألتزم فيه بتخفيض عجز موازنتنا بشكل ملحوظ بمرور الوقت

إقرأ أيضا لـ "باراك أوباما"

العدد 3311 - الجمعة 30 سبتمبر 2011م الموافق 02 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 2 | 3:52 ص

      ليست إسرائيل فقط التي ستمحى من خريطة العالم ..امريكا أيضاً سيتم تدميرها بشكل تام ... ام محمود

      في الآيات القرآنية هناك آية تذكر تدمير امريكا وسيصيبها مثل ما أصاب عاد و ثمود بسبب الاستكبار والطغيان والغرور
      كذلك تدمير اليهود واضح في سورة الاسراء وذلك بعد الافساد الثاني
      (فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ غڑ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا )
      امريكا سوف تدمر بشكل كامل في 2019 بسبب النيازك السماوية الحارقة والكوارث الطبيعية مثل تسونامي ولكنه بشكل شديد و بسبب القنابل النووية
      اما اسرائيل ستُدمر في 2024
      بأمر الله

    • زائر 1 | 1:56 ص

      اسمع كلامك استانس

      اشوف افعالك استغرب !

      اوباما انت مع كل احترامي لم تقدم أي شيء للديمقراطية سواء الكلام !

اقرأ ايضاً