العدد 3313 - الأحد 02 أكتوبر 2011م الموافق 04 ذي القعدة 1432هـ

فقه التجاوز... تجلدك العين بالتأويل

سوسن دهنيم Sawsan.Dahneem [at] alwasatnews.com

العين التي تراقبك بشرٍّ. العين التي ترصدك وهي مدفوعة دفعاً. العين التي ترصدك وقد استنفذت ماءها، لن تكون منصفة؛ ثم إن ذلك ليس في قاموسها، لن تكون حريصة عليك، بدليل انتهاك حرمتك.

انتهاك خصوصيتك، وانتهاك حقك في الحركة والكلام والفعل والانفعال؛ ما دام لا يشكل تهديداً، ولا يتجاوز النظم، ولا يخرج على القيم المعهودة. ذلك ما يجعلها خارج دائرة الطبيعة والبراءة.

العين التي تتلصص عليك تظل فارغة لا ماء ولا ضوء فيها. إنها تبحث عن عمى إضافي؛ بل هي تمارس العمى بهكذا فعل أخرق وخارج على كل قيمة. ثم إن العين التي تتلصص عليك ليست عينا، إنها عمى وحفرة من حفر هامشيتها وقلة حيلتها وعدم ثقتها واهتزاز قناعاتها، التي ليس بالضرورة أن تكون معنيّاً بها.

بات للرقابة فقه اليوم، يمكن تسميته بفقه التجاوز. ليس فضولاً ما يصدر عنها. الفضول ليس بالضرورة أن يضمر لك أذى.

الرقابة التي تحكم دولنا، لا وقت لديها لممارسة الفضول؛ ثم إنه بممارستها اليوم تتجاوز الفضول إلى الأذى في الحياة العامة للفرد والأمة.

اصطلاح فقه التجاوز/الرقابة، لا يعني على الإطلاق الإشارة إلى ضوابط في الأمر، وخصوصاً الأخلاقية منها. تلك خارج الحسبة، وخارج الهم والاهتمام.

والضوابط في حقيقتها - ضمن هكذا فقه - تجاوز للحقوق وقفز على القيم وانتزاع سافر لمساحة أي مخلوق، لا حق فيه. ليس فقها هو بقدر ما هو سياسات تجاوز وذهاب في تأويل لا يعلم رأسه من أطرافه. وحين تبدأ تلك الممارسة وتمعن في غيها وتجاوزها، تبرز مؤشرات تأويلات لها أول وليس لها آخر.

والكتابة هنا لا تذهب إلى الذين يتم دفعهم ونثرهم لإحصاء أنفاس الناس وانفعالاتهم وعواطفهم وآمالهم ويأسهم وحريتهم الخاصة وكبتهم بفعل سياسات لا تفهم غير التأجيل؛ بل تذهب إلى الذين أوكل إليهم التلصّص على المعنى والتلصص على الفكرة والتلصّص على الرؤية والتلصص على الطروحات، من حيث جنوحها الشاذ والكريه والمفتعل؛ تأليباً عليها وتحريضاً على حضورها ووجودها، بالذهاب إلى تأويلات لا تفجع النص وتضربه في مقتل بسوء قراءته وفهمه واستيعابه وإدراك قيمته ومعانيه؛ بل بالأحكام المسبقة والجاهزة والمبتسرة والكيدية التي تدخله في مساحات من الحظر

إقرأ أيضا لـ "سوسن دهنيم"

العدد 3313 - الأحد 02 أكتوبر 2011م الموافق 04 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان
    • زائر 5 | 8:29 ص

      امطلسين

      لماذا لم تسمي هذه الفئه (امطلسين) فهذه الكلمه يستحقونا لكونهم يعلمون خائنة الأعين وما تخفي الصدور

    • زائر 3 | 5:45 ص

      كوني كما انت ليس كما يريدون

      طبع البشر الركون الى القوالب الجاهزة فما ان تفاجئيهم بأنك لست كما يتوقعون تفضحهم عيونهم قبل لسانهم ..

    • زائر 2 | 2:38 ص

      بين العام والخاص

      ما أجمل ما تكتبين ، شكرا لك اهتمامك بالشأن العام الذي يتعدا الشأن الخاص ، وباهتمامك بقضايا الانسانية والمواطن البحريني
      دام قلمك استاذة

    • زائر 1 | 12:19 ص

      العين تتكلم

      إذا كانت (الإذن تعشق قبل العين أحيانا) .. فالعين تكذب قبل اللسان دائما .. فالعين تنتهك .. تجلد .. تنتقد .. تتعاطف .. تحزن .. تضحك .. تكذب تصدق .. تخجل .. تتفوق على دور اللسان .. لكن المحاسبة الفعلية لا تقع عليها ..

      فضيلة الموسوي

اقرأ ايضاً