قررت الصين التوجُّه إلى دول أكثر استقراراً سياسياً وأقرب جغرافياً منها لتنفيذ استراتيجيتها الجديدة للاستثمار والتوسع التجاري في العالم، وذلك إثر تقييم تأثير الثورات الشعبية في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا على تجارتها واستثماراتها في إفريقيا التي كانت حتى الآن مختبراً مهماً لتغلغل شركاتها في الخارج.

وتركّز الخطة الخمسية الجديدة التي تضع وزارة التجارة الصينية لمساتها الأخيرة الآن، على أن تصبح آسيا والاقتصادات الناشئة الجديدة محور استراتيجية «الخروج» بالاستثمارات الصينية الجديدة، وفقاً لتقارير صحافية.

وعلى النقيض من ذلك، ينظر إلى آسيا كسوق ناضجة مليئة بالإمكانات الاقتصادية وذات مخاطر سياسية أقل.

وحافظت الصين، بفضل تدفق السيولة الناتجة عن الصادرات على مدى سنوات طويلة من التوسع الاقتصادي وترتيبها على رأس قائمة أكبر احتياطيات النقد الأجنبي في العالم، على فورة التسوق وشراء السلع الأساسية والنفط والطاقة؛ بل والأراضي الزراعية.

وتوقعت دراسة نشرتها جمعية آسيا، في نيويورك في مايو/أيار 2011، احتمال أن تبلغ الاستثمارات الصينية المباشرة في الخارج 2 تريليون دولار بحلول العام 2020. وللمقارنة، تبلغ استثمارات الولايات المتحدة الخارجية في العام الماضي 300 مليار دولار.

وبلغ عدد الشركات الصينية العاملة في القارة الإفريقية نحو 2000 شركة بحلول نهاية العام 2010، باستثمار إجمالي يصل إلى 32 مليار دولار.

لكن الربيع العربي ألقى الشكوك بشأن هذا التوسع الثابت المتواصل. وبدأ حجم الخسائر الاقتصادية الصينية خلال الانتفاضات الشعبية في شمال إفريقيا والقتال الدائر في ليبيا في الظهور، ودفع المسئولين الصينيين إلى التفكير جدياً في توجهات جديدة.

وعلى سبيل المثال، تكبّدت الصين حديثة العهد بالأسواق الليبية، خسائر كبيرة تشمل تكاليف إعادة نحو 36 ألف موظف صيني في ليبيا، بما يتجاوز 3 مليارات دولار. وعلى رغم عدم تعرض شركات المقاولات الصينية لخسائر كبيرة جراء الاضطرابات، فقد دمرت بعض الأصول الصينية في ليبيا كمصافي سينوبيك. وأفادت بيانات وزارة التجارة الصينية بانخفاض حاد في حجم العقود الصينية الجديدة في دول شمال إفريقيا في الربع الأول، بلغ نسبة 70.8 في المئة في الجزائر ونسبة 46.9 في المئة في ليبيا، مقارنة بالفترة نفسها من العام 2010.

أنتوانيتا بيكر

وكالة إنتر بريس سيرفس