العدد 3332 - الجمعة 21 أكتوبر 2011م الموافق 23 ذي القعدة 1432هـ

النمسا تحرق ولا تطمر

ريادة أوروبية في إدارة النفايات

خطت النمسا العام 1997 خطواتها الأولى باتجاه وقف اعتمادها على المطامر، بأن حددت هدفاً لمنع طمر النفايات الخطرة بحلول يوليو/ تموز 2001، باستثناء النفايات غير العضوية التي تدفن في تكوينات ملحية مقفلة. ومنذ يوليو 2004، مُنع طمر أي نفايات يزيد إجمالي الكربون العضوي فيها على 5 في المئة.

ووفق الأرقام التي نشرتها الهيئة الأوروبية لجمع البيانات Euro Stat في مارس/ آذار 2011، والتي قارنت بيانات النفايات البلدية في 27 دولة أعضاء في الاتحاد الأوروبي، تبين أن النمسا تطمر حالياً 1 في المئة فقط من نفاياتها، فيما يذهب 70 في المئة الى إعادة التدوير أو التسميد.

وفي حين أن أداء البلاد من حيث إعادة التدوير والتسميد هو من الأفضل في القارة، فإن المستفيد من التخلي عن الطمر هو قطاع حرق النفايات لإنتاج الطاقة. وقد أولت النمسا ثقة كبيرة لهذه التكنولوجيا الحاسمة، حيث تعمل سبع محطات حرق من هذا النوع في أنحاء هذا البلد الذي يبلغ عدد سكانه 1,2 مليون نسمة. وتقع أربع منها داخل العاصمة فيينا وحولها، وهي تشكـل جزءاً لا يتجزأ من نظام الـتدفئة المناطقي في المدينة.

في قلب فيينا تقع محطة سبيلاو اللافتة للنظر، التي تتولى معالجة النفايات حرارياً وتوليد الطاقة منها، وتشغلها شركة فيرنفارم فيين. وقد تم تلزيم إنشاء المحطة أولاً العام 1969، لتكون أحد مصادر التدفئة المناطقية في العاصمة. وعلى أثر حريق العام 1987، أسندت الى المهندس المعماري والناشط البيئي فريدنسريخ هندرتفاسر مهمة إعادة تصميم المحطة. فكانت ولادة هذه المحرقة الفريدة التي تحولت مقصداً سياحياً لا يقل أهمية عن العمارة الكلاسيكية في فيينا.

وفي المجموع، تتولى شركة فيرنفارم فيين، من خلال محطة سبيلاو وثلاث محطات أخرى في فيينا، معالجة نحو 650 ألف طن من النفايات المتخلفة في المدينة والبالغة مليون طن سنوياً.

قد يبدو للمرء أن حرق النفايات لإنتاج الطاقة بات احتكاراً في العاصمة النمسوية. لكن في موقع محطة سيمرينغر هايد في جنوب المدينة دلالة على وسيلة تفكير مختلفة. ففي مبنى مجاور للمحطة التي تحرق 200 ألف طن من النفايات سنوياً، تقع محطة هضم لاهوائي تعالج 17 ألف طن من النفايات العضوية السائلة والصلبة سنوياً وتدعى بيوغاز فيين، وقد صممت لمعالجة نحو 34 ألف طن سنوياً بموجب خطط توسع مقبلة. وهي أيضاً موصولة بشبكة التدفئة المناطقية في المدينة، وتعتبر منفذاً للنفايات الملوثة التي لا تدخل في عملية التسميد.

لا مفر من طمر بعض المواد، لكن ليس قبل أن تعالج في محطة معالجة بيولوجية آلية، كتلك التي تشغلها شركة سرفوس أبفال في منتصف الطريق الى سلسلة جبال فرونلايتن على بعد 200 كيلومتر جنوب فيينا. هذه المحطة التي تبلغ قدرتها 65 ألف طن تعالج النفايات التي تأتي أساساً من المنازل، حيث تخضع لعملية من مرحلتين هما التقطيع والتعفن المكثف. وبعد أن تترك النفايات لتتحلل مدة أربعة أسابيع، يمكن استعمالها كغطاء مطمر في موقع مجاور. وتشدد الشركة على أنها ليست طريقة مقنَّعة لطمر النفايات، لأن طمر كميات كبيرة من النفايات في البلاد لم يعد مجدياً اقتصادياً. وسبب ذلك، كما يحدث في بريطانيا، أن النمسا تؤيد ضريبة المطامر، حتى أن نسبة الواحد في المئة من النفايات التي تطمر حالياً تخضع لضريبة باهظة. وقد ارتفعت هذه الضريبة من 6,45 يورو لكل طن العام 1995 الى 87 يورو لكل طن حالياً، في مقابل ضريبة 7 يورو على كل طن من النفايات التي ترسل للحرق (اليورو حالياً نحو 1,4 دولار).

لم تعد الجدوى الاقتصادية تغري بفتح مطمر في النمسا. وهذا ما يثبته الواقع، فمنذ 1984 هبط عدد المطامر الشغالة في البلاد من نحو 1600 مطمر عام 1984 الى 50 فقط حالياً. وقد حققت النمسا منذ بداية منع الطمر مستوى عالمياً من فرز النفايات، الذي ينتج معدلات إعادة تدوير جديرة بالثناء ومستويات من التسميد لا مثيل لهـا في أوروبا

العدد 3332 - الجمعة 21 أكتوبر 2011م الموافق 23 ذي القعدة 1432هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً